ما هو مصير مقاتلي “داعش” الأجانب؟
ترجمة: البعث
عن موقع ذي اتلانتك 5/7/2019
استعادت إيطاليا مواطنها سمير بوغانا، البالغ من العمر 24 عاماً، وهو الذي كان أحد الآلاف من المجنّدين الأوروبيين الغربيين الذين سافروا للقتال إلى جانب “داعش” في سورية بعد عام 2014، وهو الآن يخضع للمحاكمة، وعلى عكس إيطاليا لا أحد آخر في أوروبا الغربية يحذو حذوها.
تمّ القبض على بوغانا في الباغوز واحتجزته قوات “قسد” لمدة عام تقريباً قبل أن تسلّمه إلى إيطاليا، التي حثّت دول أوروبا الغربية الأخرى على استلام مقاتليها، لكن حتى الآن، لم يقم أي منها بإعادة أحد مواطنيها ليواجه محاكمة إرهابية للانضمام إلى “داعش”، علماً أن هناك حوالي 2000 مقاتل مشتبه بهم من عشرات الدول، بما في ذلك المئات من أوروبا.
إن إعادة الإرهابيين إلى موطنهم الأصلي قضية نادرة، وهي تتماشى إلى حدّ كبير مع توصيات علماء القانون في الولايات المتحدة الأمريكية الذين يؤكدون أنه في الديمقراطيات، على الأقل، لا توجد وسيلة أكثر شرعية وفعالية وأماناً للتعامل مع المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب من استخدام نظام العدالة الجنائية المحلي، وهم نفسهم الذين أدانوا ممارسات مثل تجريد المواطنة، وهو ما فعلته المملكة المتحدة في حالة عروسة “داعش” شيماء بيغوم البالغة من العمر 19 عاماً، أو السماح لمواطنيها بالمثول أمام المحكمة في العراق، والتي لها تاريخ موثق من إساءة معاملة السجناء والمحاكمات الجائرة، كما فعلت فرنسا مع العديد من مواطنيها.
المفارقة هي أن بعض دول أوروبا الغربية باتت تقبل بشكل افتراضي “غوانتنامو” المترامية الأطراف في الصحراء. و”يبدو أن الأوروبيين على ما يرام عندما تركوا مواطنيهم يجلسون هناك”، كما قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الامريكية. وأضاف هذا المسؤول إن الولايات المتحدة تعمل على تحديد مواطنيها المحتجزين لدى حلفاء أمريكا المحليين في سورية، حتى أنها أعادت أربعة منهم حتى الآن للمحاكمة (تمّ إطلاق سراح مواطن سعودي أمريكي مزدوج كانت الولايات المتحدة تشتبه في انضمامه إلى “داعش” ، ولم يتم تقديمه للمحاكمة وأطلق سراحه في البحرين. وفي قضية أخرى، زعمت وزارة الخارجية الأمريكية بشكل مثير للجدل أن المتهمة بالدعاية لـ”داعش”، هدى مثنى، لم تكن في الواقع مواطنةً على الرغم من كونها مولودة في ألاباما)، لكن الآلاف من المقاتلين الأجانب الآخرين هم في سجون مؤقتة شمال شرق سورية.
على الرغم من أن البلدان الديمقراطية التي يمكن القول إن لديها أفضل الوسائل لتقديمهم إلى المحاكمة، هناك اهتمام ضئيل للغاية بإحضارهم إلى موطنهم لمقاضاتهم، أو حتى في إعادة زوجات وأطفال مقاتلي “داعش”، الذين يتمّ احتجازهم بشكل منفصل في مراكز الاحتجاز القبيحة.
ومن المفارقات الأخرى أن دول آسيا الوسطى، مثل كازاخستان، كانت رائدة في إعادة مواطنيها من العراق وسورية، وخاصة النساء والأطفال. تقول، ليتا تايلر، باحثة كبيرة في الإرهاب، التي زارت مخيمات الاعتقال شمال شرق سورية، حيث تُحتجز عائلات أعضاء “داعش”: “إن أوروبا الغربية تخفي رأسها في الرمال عندما يتعيّن عليها رعاية مواطنيها”. كتب تايلر أن فرنسا، على سبيل المثال، أعادت 17 طفلاً، لكنها تركت خلفها ما لا يقلّ عن 400 شخص، بما في ذلك الأطفال.
حتى الآن، تتجاهل أوروبا موضوع إعادة مقاتليها الإرهابيين. على سبيل المثال، في أيار الماضي، حكمت محكمة عراقية على سبعة فرنسيين بعقوبة الإعدام، وسلمتهم بعد أربعة أيام من جلسات الاستماع، ورغم أن فرنسا تعارض عقوبة الإعدام، فقد قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان: “هؤلاء الفرنسيون الذين حوكموا في العراق لانتمائهم إلى “داعش” غادروا بلادهم للانضمام إلى صفوف منظمة إرهابية، ومن المنطقي أن يحاكموا أين ارتكبوا جرائمهم وحيث تدّعي العدالة الاختصاص”. يقول المسؤول الكبير في وزارة الخارجية: “الأوروبيون سوف يركلون أنفسهم، لأنهم سيرون الإرهابيين الذين صدّروهم على الحدود الأوروبية”.