انتقدت تقاعس الدول الأوروبية عن تنفيذ تعهداتها طهران: زمن تنفيذ الالتزامات من جانب واحد انتهى
رحّبت إيران بالمساعي الفرنسية للحفاظ على الاتفاق النووي، فيما شدّد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده لم تنتهك الاتفاق النووي الموقّع معها، وإجراءاتها تجاهه قانونية، فيما تصرفات الإدارة الأمريكية حيال الاتفاق مثيرة للسخرية.
وقال روحاني، خلال اجتماع الحكومة الإيرانية: إن الأمريكيين طالبوا بعقد اجتماع طارئ لمجلس حكام الوكالة الدولية بحجة أن إيران تخلّت عن بعض تعهداتها في الاتفاق النووي، وهذه رواية مضحكة يرويها الأمريكيون في هذه الأيام، وأشار إلى أن الأوروبيين يبدون قلقهم من أن إيران تخلت عن بعض تعهداتها بموجب الاتفاق، وقال متوجّهاً إليهم: “قلقكم يجب أن يكون من أمريكا التي انتهكت هذا التعهد وهذا الاتفاق، وزعزعت جميع التعهدات الدولية”.
وتأتي تصريحات روحاني بالتوازي مع زيارة مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل بون إلى طهران، ولقائه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، وتأكيده أنه “رغم الإجراءات الأميركية فإن قوة ومكانة إيران في المعادلات الإقليمية والدولية شهدت نمواً لافتاً”، مشيراً إلى أن الرئيس الفرنسي “يسعى لاتخاذ مبادرات مشتركة لوقف الحرب الاقتصادية الأميركية ضد إيران”.
من جانبه، أكد شمخاني أن خطوات بلاده لجهة خفض التزاماتها بالاتفاق النووي استراتيجية وغير قابلة للتغيير، وقال: هذا هو البرنامج في إطار الفقرتين 26 و36 للاتفاق النووي، وسنواصله حتى استيفاء حقوق إيران تماماً.
وانتقد شمخاني تقاعس الدول الأوروبية في تنفيذ تعهداتها حيال الاتفاق، والافتقار للإرادة الكافية لمواجهة الإجراءات الأمريكية التخريبية تجاهه، موضحاً أنه ينبغي على دول الاتحاد الأوروبي الدفاع عن هويتها واستقلالها أمام الأحادية الأمريكية، وأضاف: “بالنظر إلى عدم استفادة أوروبا من مهلة العام لتنفيذ تعهداتها جاء قرار إيران الحازم في تنفيذ التعهدات بما يتناسب مع الإجراء المماثل من قبل الأطراف الأخرى”، مؤكداً أن زمن تنفيذ الإجراء من قبل جانب واحد انتهى.
إلى ذلك قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي: إن الخطوات التي اتخذتها إيران في إطار تخفيض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، هدفها استعادة التوازن بين التزاماتها وحقوقها، مشيراً إلى أن بلاده ليست بصدد تصعيد التوتر والمواجهة، وقد أبلغت الوفود الأوروبية أنها تصغي لآرائهم، مضيفاً: إذا كانوا فعلاً يريدون تخفيف التوتر، فعليهم أن يبحثوا عن جذوره ومن أين بدأ.
وأوضح موسوي أن إيران وبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي ومماطلة الأطراف الأوروبية في تنفيذ التزاماتها تجاهها اتخذت بعض الخطوات، وبعدها شهدنا صدور مواقف عديدة وبيانات تعرب عن القلق من الإجراء الإيراني، فيما لم نشهد مثل هذه الضجة عند خروج أمريكا من الاتفاق النووي، رغم أن الإجراء الأمريكي كان نقضاً واضحاً للاتفاق، وتابع: إن خروج أمريكا غير القانوني من الاتفاق النووي، وما أعقبه من فرضها حظراً واسعاً وضغوطاً كبيرة على الشعب الإيراني هو إرهاب اقتصادي وإعلان صريح عن حرب اقتصادية، مؤكداً أن بلاده لن تتخلى عن حقوق شعبها، وستدافع عنها بكل قوة، ولافتاً إلى أنه مع تمسّك طهران بهذا النهج فإنها لم تغلق طريق الدبلوماسية، وأبقت أبوابه مفتوحة، مشيراً الى أن “آلية اينستكس قد تكون من بين المواضيع التي سيبحثها مستشار الشؤون النووية للرئيس الفرنسي ايمانويل بون”.
وكانت الرئاسة الفرنسية تحدثت عن أن بون سيسعى خلال زيارته لإيجاد عناصر تُسهم في الحدّ من التوتر مع خطوات يجب اتخاذها قبل 15 تموز الجاري، وهو الموعد الذي حُدّد لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل لبحث تطورات الملف النووي الإيراني، فيما دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان ايف لودريان، إلى “الدفع باتجاه الحوار بين إيران والولايات المتحدة لتجنّب أي تصعيد”، مشدداً على أن مهمة بون، “هدفها خلق مناخ للحوار”.
في السياق ذاته أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن التفاوض مع إيران لا يمكن أن يتم مطلقاً مع استمرار الضغوط والإرهاب الاقتصادي ضدها، مطالباً بإنهاء إجراءات الحظر الجائرة ضد الشعب الإيراني، ومن ثم يمكن التحدث عن تنفيذ الاتفاق النووي، وأضاف: إن مشكلة الأوروبيين أولاً وقبل كل شيء أنهم ليسوا مستعدين لدفع ثمن أمنهم، ومشكلتهم الرئيسية بالدرجة الثانية هي مع الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق النووي، وعليهم حل هذه المشكلة.
وحول اجتماع مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بطلب من الولايات المتحدة، قال ظريف: من الملفت أن نلاحظ أن البلد الذي انتهك ومزّق الاتفاق النووي يدعو مجلس الحكام، الذي لا دور له إلا في إطار بنود الاتفاق، ولا علاقة له بالضمانات والبروتوكول الإضافي، إلى عقد اجتماع، فيما يعتبر المجلس الإجراء الأمريكي انتهاكاً للاتفاق.
بدوره جدد ميخائيل أوليانوف مندوب روسيا الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن لإيران الحق بامتلاك الكمية التي تحتاجها من اليورانيوم المخصب إلى حد 4.5 بالمئة، والذي يعد معدلاً منخفض التخصيب، وأضاف: إن هذا المستوى من التخصيب ليس له علاقة بالأسلحة النووية، كما أنه لدى أي دولة عضو بالوكالة الحق بامتلاك مخزون غير محدود منه.. وبموجب الرقابة الدولية، فإنه لا يحمل أي مخاطر.