مع اقترابها من الاندثار الطائرة الأنثوية تبحث عن ذاتها.. والاتحاد الرياضي والأندية متهمون بالتقصير
لا يستطيع أحد أن ينكر مدى التراجع “المخيف” الذي طال الطائرة الأنثوية، بل يمكن القول إن اللعبة اندثرت بالفعل، مع وجود بعض الاستثناءات لأندية الشرطة (البطل المطلق)، وتلدرة، والسلمية التي مازالت تدافع عن وجودها بقوة على الساحة الرياضية.
ومن خلال استعراضنا لواقع اللعبة الحالي نرى أن كافة الأندية فقيرة مادياً بشكل عام، لذلك نحتاج إلى إمكانيات للانطلاق بها كي نساير “على الأقل” نظراءنا من الدول المجاورة، وهذه الإمكانيات المالية أساسية، ولن تكون هناك أية انطلاقة دونها.
لكن السؤال الذي يتبادر للجميع: من أين تأتي الأندية بالمال كونه السبب الرئيسي لإلغاء اللعبة من سجل الألعاب الممارسة لديها لترفع عبئاً مادياً كبيراً عنها، حيث تعتبر كرة الطائرة مستهلكة مادياً وغير منتجة، خاصة مع ارتفاع الرواتب، وأسعار التجهيزات، وغير ذلك.
واقع اللعبة وصّفه إحدى أهم خبراتها المدرب الوطني خليل شريط خلال حديث “للبعث” قال فيه: لا شك أن الحديث عن اللعبة له شجونه، فبداية يجب أن يتم القيام بجدية مع قيادة الاتحاد الرياضي العام بإجراءات ضمن شروط ومعايير يضعها تكون أقرب للواقع لتوفير السيولة المالية للأندية، فمثلاً إحدى الطرق تأمين رعاية من الشركات، أو المؤسسات التجارية، أما الاقتراح الآخر فيجب فيه البحث والتداول مع قيادة الاتحاد الرياضي لإلغاء النسبة الكبيرة التي يأخذها الاتحاد من تعاقد الأندية للإعلان مع الشركات والمؤسسات التجارية، وتحويل كامل النسبة إلى لعبة كرة الطائرة.
أسباب وهموم
أما عن الأسباب التي أدت لتراجع اللعبة فقال شريط: السبب الرئيسي هو أن المكتب التنفيذي آخر اهتماماته الكرة الطائرة، لا بل يطلب من اتحاد اللعبة ضغط التجمعات خلال ثلاثة أو أربعة أيام، كما أن انتقاء أعضاء اتحاد كرة الطائرة يخضع للعلاقة الشخصية، بغض النظر عن اختيار الكفاءات، أما السبب الأبرز فيتمثّل بأعضاء اتحاد اللعبة الذين يسايرون المكتب التنفيذي، كما تتحمّل الأندية المسؤولية، فهل يعقل أن مدينة مثل دمشق لا يوجد فيها سوى فريق أنثوي واحد فقط هو فريق الشرطة، مع العلم بأن اللعبة كانت متواجدة ومتصدرة بطولات الدوري في كل من ناديي النضال والمحافظة، أما الابتعاد عن المشاركات الخارجية فهو سبب رئيسي من أسباب تراجع المستوى، إضافة لإقامة الدوري للإناث على شكل تجمعات، حيث يقام تجمعان شمالي وجنوبي لمدة ثلاثة أو أربعة أيام ذهاباً وإياباً، والدور النهائي لمدة خمسة أيام، وبقية أيام السنة لا يوجد أي نشاط، وهذا لا يمكن أن يطور اللعبة، بل على العكس، كما أن إلغاء عدد من البطولات ساهم أيضاً بتراجع اللعبة، حيث كانت تقام بطولة المحافظات، وبطولة كأس الجمهورية، وعزوف اللاعبات عن ممارسة اللعبة، والاتجاه للألعاب الأكثر شعبية ومادية مثل لعبة كرة السلة، وعدم توفر القواعد المناسبة للاستمرار (دم جديد)، إضافة إلى عدم تطبيق الاحتراف الحقيقي.
حلول منطقية
بيّن شريط أن الحل لعودة اللعبة لسابق عهدها يبدأ من إطلاق يد اتحاد اللعبة عبر إقامة البطولات التي يقررها، مع تأمين ميزانية خاصة للاتحاد، وعدم التدخل بشؤونه، وبعد فترة يمكن محاسبته أو شكره على جهوده، والتأكيد على إقامة المعسكرات، والسعي للمشاركة بالبطولات العربية والقارية، بغض النظر عن المطالبة بتحقيق النتائج مبدئياً، وإجبار الأندية الكبيرة على تشكيل الفرق الأنثوية والاهتمام بها، حيث كانت أندية مثل تشرين، والجلاء، والاتحاد، والكرامة، وحطين، والنضال، والمحافظة، وغيرها تملك فرقاً أنثوية تنافس على البطولات، وترفد المنتخب الوطني بالعديد من اللاعبات، مع تكريم أصحاب الإنجاز بتحقيق البطولات بإرسالهم إلى بعثات خارجية للاطلاع على التطورات المتسارعة للعبة، إضافة للعناية بالقواعد للاستمرار (دم جديد)، والأحرى أن يتم تحفيز هذه الفئة لتكون نواة للمستقبل عبر منحهم امتياز التفوق الرياضي.
المسابقة الأهم
وختم شريط حديثه بالتأكيد على أهمية تطوير المسابقة المحلية قائلاً: أعتقد بأن نظام الدوري الذي أقيم هذا العام لا يطور المستوى الفني، حيث كان هناك تفاوت بين الفرق كافة، وعلى الاتحاد أن يغير من طريقة الدوري، وأقترح أن يعمل على الإكثار بين الفرق كي يتحسن مستوى اللاعبات، فمثلاً يجب صعود ستة فرق أحرزت المراكز من الأول وحتى السادس تلعب فيما بينها دورياً كاملاً، ومن ثم تتأهل الفرق الأربعة الأولى إلى الدور النهائي، وتلعب أيضاً فيما بينها دورياً كاملاً، ومن خلالها يحدد بطل الدوري، وعندها فقط يتحسن المستوى بشكل مقبول، أي أن اللاعبات سيلعبن عدداً أكبر من المباريات، في حين أن الطريقة الحالية لا يلعب أي فريق سوى مبارتين لا تفيدان بشيء، وبرأيي الشخصي يجب إعادة بطولة كأس الجمهورية، وأيضاً إقامة بطولة المحافظات، وكلاهما يعيدان الحيوية للطائرة الأنثوية.
عماد درويش