عظيم وجبار
أن يمارس ذاك المدير حياته المهنية متناسياً الخصوصية الفيزيولوجية التي فرضت عليه المكوث فوق كرسيه المتحرك، ليقدم نموذجاً يستحق التوقف في سياق تحدي الإعاقة التي لم تكن يوماً عائقاً أمام إرادة المواجهة والانتصار على الذات التي أعطت “ذوي الاحتياجات الخاصة” قوة صلبة يحاربون فيها “علمياً وعملياً“ كل من يراهن على فشل هذه الشريحة في إثبات الوجود، ووضع بصمة تستحق الثناء لعدم النكوص والاستكانة للحالة الجسدية واحتياجاتها الخاصة.
في قراءة بصرية ومتابعة استقصائية لأداء كثير من ذوي الاحتياجات الخاصة في مؤسسات الحكومة وفي القطاع الخاص نجد أن معظمهم يثبت نجاحاً ملحوظاً في إنجاز الأعمال ، وليس العكس كما يظن البعض بأنهم لا يتعدون كونهم عبئاً ثقيلاً على العمل في حال شغل وظيفة أو منصباً، وهذا ما يظهره موظفونا من ذوي الاحتياجات الذين يصرون على المتابعة الميدانية والمشاركة المتواصلة في كل الفعاليات والاجتماعات والأعمال حتى لو كانت تتطلب جهداً عضلياً “كعمال الإنتاج”؛ إذ لا تقف الأدراج والسلالم عائقاً أمام جبروت أمثال هؤلاء ممن يستحقون فرصاً هم منها محرومون.؟
أمام مشهد من هذا القبيل يتقدم ملف الكوادر والكفاءات من هذه الفئة، والأهم إشكالية التعيين والمشاركة في المسابقات واختبارات التوظيف، ولاسيما في القطاعات الحكومية التي تتنوع وتتعدد أشكال تعاطيها مع هذا الملف لتصل الأمور عند بعض الإدارات إلى درجة إغفال هؤلاء وعدم إعطائهم فرصاً حددها وأوجبها القانون 34 لعام 2004 الذي خص هذه الشريحة بنسبة 4% من الملاكات ومسابقات التعيين، في الوقت الذي تتشدد الحكومة دائماً في موضوع النسب المخصصة والاشتراطات التي يجب أن تكون محددة بدقة لعدم اختراق هذا البند عند من يتلاعبون بالأوراق والثبوتيات التي تجعل الكثير من المعافين والسليمين جسدياً ونفسياً وعقلياً من ذوي الاحتياجات طمعاً بالحصول على فرصة ليست من حقهم .؟
آخر الإجراءات الرسمية المفروضة فرضت تأهيلاً علمياً وعملياً وشهادة تعليم، والخضوع لدورات تأهيلية تمكن المعوق من رفع مستوى قدراته على الأداء، في وقت تعد وزيرة الشؤون الاجتماعية بإعادة النظر بالقوانين المتعلقة بالإعاقة وتهيئة البيئة التشريعية اللازمة تزامناً مع تراجع التزام الجهات بنسبة الـ4%، في ظل عدم وجود إحصائيات دقيقة عن الذين مازالوا بانتظار فرصة وهم كثر، في حين تسجل بعض المرجعيات أرقاماً تصل للآلاف من الذين شملهم التعيين.
مختصر الكلام: لذوي الاحتياجات الخاصة حق يجب ألا يضيع، وإدماجهم في صناعة القرار وصياغة الأعمال ودوائر الإنتاج والإدارة واجب حكومي ومجتمعي؛ ففيهم من يستحق لقب عظيم وجبار لإبداعاته التي لا تقف عند الكفاف والشلل النصفي وخسارة طرف وغيرها من مناحي الإعاقة المعروفة.
علي بلال قاسم