برسم وزارة الإدارة المحلية!
من العار فعلاً نأي الوحدات الإدارية عن الاهتمام بالمسطحات الخضراء على امتداد المدن والضواحي السورية، والتي أصبحت شبه معدومة نتيجة عدم مبالاة البلديات بهذا المكون البيئي والحضاري!
وإذا كان ثمة اهتمام بهذا الأمر فنجده في مراكز المدن الرئيسية وعلى نطاق ضيق، بينما الضواحي خارج الحسابات.. علماً أن كثيراً من الحدائق العامة موجود بالفعل ويحتاج إلى إعادة تأهيل ومتابعة مستمرة من البلدية المسؤولة عنها.. لكن يبدو أن الفساد المستشري في البلديات انعكس على واقع هذه الحدائق والمسطحات الخضراء!
ويشي هذا الواقع بعدم إدراك وزارة الإدارة المحلية والبيئة لدور الحدائق العامة وما تشكله من متنفس حقيقي لعامة الشعب خاصة في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة والضاغطة على كافة مناحي الحياة المعيشية والاجتماعية.. فكثير من الأسر ذات الدخل شبه المعدوم بدأت تفترش أرصفة الشوارع العامة بغية الترويح عن ذاتها، بسبب انعدام أدنى اهتمام لواقع الحدائق العامة!
والمفارقة الكبرى تتمثل بالاهتمام الواضح بحدائق الأحياء المخملية في مراكز المدن، دون نظيراتها بالأحياء الفقيرة، علماً أن نسبة ارتيادها من سكان الأولى متواضعة جداً وربما معدومة، نظراً لإمكانيتهم بقضاء أوقات السمر والمتعة بالمنتجعات السياحية.. والأنكى والأمرّ أن سكان الأحياء الفقيرة يتوافدون إلى حدائق الأحياء المخملية بعد رصدهم لمبلغ مالي يؤمن لهم أجور النقل وحداً أدنى من مستلزمات سيران متواضع وخجول!
لقد أضحت المناطق السورية -في ظل هذا الواقع المؤسف- عبارة عن كتل إسمنتية يخيم عليها شبح التجهم النفسي -إن صح التعبير- الذي ضاقت به أماكن التنفس وما تؤمنه من حد أدنى لانفراج روح الإنسانية!
وعلى اعتبار أن تكلفة إعادة تأهيل أو إحداث مسطحات خضراء ليست بالكبيرة، وعلى اعتبار أن منح التراخيص لمحاضر البناء تكون بالغالب على حساب هذه المسطحات بدليل أن أغلب الأبنية المحدثة تكون متلاصقة بغية كسب أكبر قدر ممكن من المسطحات الإسمنتية، والحصول بالتالي على أرباح فلكية.. فمن حقنا أن نسأل وزارة الإدارة المحلية عن متابعتها لشؤون الوحدات الإدارية ومصير إيراداتها ونفقاتها الخدمية؟
فهل الوزارة على علم بما يحدث بأروقة الوحدات الإدارية، أم أنها نائمة بالعسل؟
ونأمل أن تكون إجابة الوزارة عن هذه الأسئلة مترجمة على أرض الواقع مباشرة!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com