ملتقى طرطوس الموسيقي.. دعوة إلى السلام وإحياء التراث
امتدت فعاليات ملتقى طرطوس الموسيقي الأول- ملتقى محمود الحاج- على مدى أسبوع في صالة المركز الثقافي العربي في طرطوس قدم خلاله حفلين موسيقيين يومياً للفرق الفنية المحترفة بالمحافظة إضافة إلى محاضرات موسيقية وأنشطة مخصصة للأطفال، وافتتح كورال “أطفال أرجوان” للغناء متعدد الأصوات والموزع هارمونياً، وتضمنت فعاليات اليوم الأول مجموعة من الأغنيات عن الطفولة والمحبة والوطن والسلام بسبع لغات، إضافة إلى بعض الأغاني التراثية والقدود الحلبية، وتنوعت أنشطة وحفلات الملتقى التي أقيمت في المراكز الثقافية في المدينة وبانياس وصافيتا والقدموس.
ولفت كمال بدران مدير ثقافة طرطوس إلى أن الموسيقا هي الوسيط بين العالمين الروحي والمادي وستظل لونا من ألوان التعبير الإنساني وأحد الجسور التي تسهم في التبادل الثقافي والحضاري، ومن هذا المنطلق حرصنا على العمل لتحقيق الأهداف الإستراتيجية للقطاعات الثقافية عن طريق تطوير المهرجانات الثقافية السنوية وتوسيع قاعدة المستهدفين وتنويع المنتج الثقافي، فجاء هذا الملتقى الذي تحتضن فعالياته المراكز الثقافية المنتشرة بالمحافظة والذي تنظمه مديرية الثقافة ضمن برامجها الثقافية السنوية، فالفن يعد السلاح الأقوى في مواجهة التطرف والإرهاب وهناك إيمان كامل بأهمية وجدوى هذا السلاح، ولفت إلى أن الملتقى الذي يأتي احتفالا باليوم العالمي للموسيقا المصادف في ٢١ حزيران سيصبح تقليدا سنويا.
وقدمت فرقة “دندنة” حفلا موسيقيا بقيادة الفنان سومر محمد، كما ﺃﺣﻴﺖ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﺔ ﺇﻳﻨﺎﺱ ﻟﻄﻮﻑ ﺃﻣﺴﻴﺔ ﻏﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺑﺎﻧﻴﺎﺱ وﺍﻟﻔﺮﻗﺔ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻣﻬﺪﻱ إبراهيم، وأحيا الفنان كمال حميد حفلا فنيا بعنوان “من ألحاني” قدم خلاله مجموعة من الأغاني الطربية والشعبية والوطنية من أرشيفه الخاص مع عزف على آلة العود منها أغنية لسورية حملت عنوان “يا بيوتها” وتوليفة من الأغاني الخاصة بمنطقة الفرات.
واعتبر حميد أن مشاركته في الملتقى هي رسالة من كل سوري ولكل العالم أن الشعب السوري قوي صامد قادر على العطاء بالفن والأدب والشعر والموسيقى والغناء ورسالتنا هي رسالة الفرح والسلام، وأحيت مجموعة “إيمار” الموسيقية بقيادة الفنان سليم شحود حفلا فنيا في ثقافي صافيتا.
وقدم بشر عيسى العازف في الفرقة الوطنية السيمفونية وأستاذ فلسفة الفن وعلم الجمال في المعهد العالي للموسيقا خلال أيام المهرجان محاضرة تحت عنوان “الموشح في الموسيقا العربية”، تحدث فيها عن الموشح كأحد القوالب الغنائية الشهيرة بالغناء العربي، ونشأته وأصوله الشعرية هي بلاد الأندلس، كما تحدث عن نظمه وتلحينه والمقامات التي كان يلحن عليها والضروب الإيقاعية التي كانت تشتغل عليه، وانتقال “الموشح” إلى بلاد الشام ومصر، وتناول بالتحليل أنواعه ومدارسه كل على حدة، فتحدث عن المدرسة الأندلسية والتي لم يبق منها سوى قلة من الأشعار، والمدرسة الحلبية وكيفية تلحين الموشحات والتقسيم العروضي الجديد، بالإضافة إلى المدرسة المصرية: طريقتها وأسلوب تلحينها والرواد الذين عملوا فيها مع نماذج سمعية لكل منها، وتناول بالتحليل والشرح مجموعة من الموشحات النادرة ليسهل فهمها وبالتالي الانجذاب إلى سماعها من جديد، ويرى عيسى أن الموشحات انقرضت حاليا في بلادنا مع العلم أن الموشح قالب غنائي لطيف جدا ولا يتجاوز زمن تأديته ست دقائق، ودعا إلى إعادة إحياء هذا التراث الغنائي لما فيه من دقة في الصنع واحترام للدماغ البشري والحضارة البشرية.
وفي ﺮﺍﺑﻊ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻰ كان الموعد مع ﻓﺮﻗﺔ ﻃﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ التي ﻗﺪﻣﺖ ﺣﻔﻼً ﻓﻨﻴﺎً ﻃﺮﺑﻴﺎً ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺯﻳﻦ ﻏﺎﻧﻢ ﻭﻓﺮﻗﺘﻪ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، ﺷﺎﺭﻛﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﺩاء ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﺍﻟﻔﻨانتان ﺭﻭﺍﻥ وﺳﻮﺳﻦ ﺩﺍﻭﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﻄﺮﺏ ﺭﻭﻣﻴﻮ ﻟﻴﻮﻥ، فجمعتهم اﻟﻤﻮﺳﻴﻘﺎ ﻭﻭﺣﺪﻫﻢ ﺍﻟﻄﺮﺏ، وﺃﺑﺪﻋﻮﺍ ﻋﺮﺍﻗﺔ ﻭﻏناء طربياً من الزمن الجميل.
وﺟﻤﻊ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻰ ﻣﺤﺒو ﺍﻟﻄﺮﺏ الأصيل ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻐﺎﻡ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺰﺓ ﻭﺻﻮﺕ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ، ﺭﺍﻓﻘﻪ ﻋﻠﻰ الإيقاع ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺃﺩﻳﺐ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻕ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻧﺰﺍﺭ ﻣﻠﻜﺔ، وﻗﺪﻡ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻏﺎﻧﻲ ﺍﻟﻄﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺮﺍﺣﻞ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﺤﺎﺝ، ولفت عبد الحميد أنه حرص على تقديم بعض أغاني الفنان محمود الحاج الذي يحمل الملتقى اسمه والذي تغنى بطرطوس وجمالها وإحياء لهذا النمط من الغناء كأغنية “حلوة طرطوس” وأغنية “نيالك آه يا نيالك طرطوس الحلوة قبالك”، وأوضح عبد الحميد أنه يسعى من خلال هذه الأغاني التراثية إلى إحياء وإنعاش الذاكرة لدى الجمهور السوري وخصوصا جيل الشباب لتبقى راسخة في أذهانهم ليحافظوا عليها كونها تمثل جزءا من الإرث الفني العريق التي تزخر به سورية كما تزخز بإرثها الثقافي والعلمي والفكري.
و قدم عبد الحميد أيضا مع فرقته “فرقة أيام زمان” مزيجاً من الأغاني السورية لعمالقة الفن السوري كصباح فخري ونجيب السراج ورفيق شكري تأكيدا منه على رقي وعراقة الفن السوري عبر الزمن، إضافة إلى مجموعة من الأغاني لكبار المطربين العرب كمحمد عبد الوهاب وكارم محمود. وقدمت فرقة “نينار” بقيادة الفنان أكثم عبد الله حفلا فنيا في صالة المركز الثقافي العربي بصافيتا.
رشا سليمان