أنظمة مصرفية…!؟
ثمة أمور غير منطقية تتعلق بالأنظمة المصرفية، وخاصة لناحية الإيداع حيث تقتطع المصارف العامة كـ”التوفير والتجاري” وغيرها ربما (لا نعلم إن كان الأمر ذاته يحدث في المصارف الخاصة)، مبلغاً مالياً من المُودِع حين إيداعه لمبلغ مالي فيها، ويكون مقدار الاقتطاع متناسباً طرداً مع مقدار المبلغ المُودَع، أي يزداد الأول بزيادة الثاني…
وإذا كان مفهوماً ومقبولاً، أن يتم الاقتطاع حين يريد العميل سحب مبلغ من رصيده المُودَع، فكيف يمكن تبرير الاقتطاع عند الإيداع..؟ هذا أولاً.
كذلك كيف يمكن تبرير الاقتطاع (عند الإيداع والسحب معاً)، من عميل أودع مبلغاً في ذات الفرع الذي أودع به، علماً أن التعليمات المصرفية لا تنص على هذا، بل تقول: إن الاقتطاع يتم حين يريد الإيداع أو السحب من فرع غير الفرع الذي أودع به، على حسب ما علمنا، وحين يسأل العميل: هل هذا مخالف للتعليمات؟ يتم الرد بأن هذه تعليمات جديدة! وهذا ثانياً.
أما الغريب الذي يجري في “التوفير والتجاري”، أنه في حال أراد أحد أن يُودع مبلغاً فيهما، نيابة عن غيره سواء كان قريباً أو صديقاً، فيتم اقتطاع مبلغ عند الإيداع؛ لأن ذلك وبحسب تلك المصارف، يندرج تحت مسمى “الإيداع لصالح الغير”، بينما لو أنه أراد الإيداع باسمه، فلا يُقتطع أي مبلغ؟!
والسؤال هنا: ما الفرق، سواء أودع العميل لنفسه أم لغيره، وما الحجة المُفحمة فيما سبق؟! ما دام الإيداع هو ما يفترض أن تسعى المصارف لتحقيقه والتنافس فيه، وبالتالي تقديم المحفزات لاستقطاب وجذب المودعين والإيداعات؟!
قد يرى البعض أن الاقتطاعات هامة، وهي من صلب العمل المصرفي؛ لأنها تشكل عائداً مالياً لا بأس به، لكن بالمقابل يرى آخرون أن حجم وكتلة الودائع هي الأهم والأكبر، وهي الأجدر بالعمل على زيادتها واستقطابها وفتح جبهات تشغيل وتوظيف لها، لا دفعها للهروب إلى أقنية لا تخدم الاقتصاد الوطني بشكل عام، والقطاع المصرفي بشكل خاص.
وبدورنا نقول: إذا وصلت مصارفنا لهذا الحد الذي ترى في الاقتطاعات ضرورة، وعليه لم يكن بوسعها سوى اللجوء إلى تعديل وتغيير الأنظمة الخاصة بها لزيادة إيراداتها أو”أرباحها”، فإننا نرى في ذلك إفلاساً “إدارياً ومالياً”، في الوقت الذي يجب أن تنشط فيه باتجاه الاستثمار الحقيقي لا الخدمي فقط، في توظيف أموالها بالشكل والمضمون، الذي يمكنها من النهوض بمتطلبات المرحلة الحالية والقادمة في إعادة البناء والإعمار.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com