النظام التعليمي السيئ يهدد أمريكا
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 11/7/2019
في مقال بعنوان “الدول ذات الاقتصاديات الأفضل والأسوأ “، أثارت صحيفة “يو إس إيه توداي” حقيقة ربما تجاهلتها واشنطن منذ زمن طويل، مفادها أن “أحد أهم مؤشرات التعافي الاقتصادي هو المستوى العالي للتعليم”. والذي هو أحد التحديات الملحة التي تواجهها الولايات المتحدة الآن.
إن المنافسة الحقيقية بين الصين والولايات المتحدة في السنوات المقبلة تدور حول المرونة الاقتصادية، أي مدى قدرة كل طرف على تحمّل الضغوط المستمرة بشكل أفضل، والمستوى العالي للتعليم هو أهم عامل لضمان مثل هذه المرونة، إذ أن المرونة الاقتصادية تنبع من ارتفاع القدرة التنافسية والعمالة المستقرة، وكل ذلك يأتي من التعليم.
خلصت الصحيفة إلى أن “أجزاء كثيرة من ولايات حزام الصدأ بذلت جهوداً للانتقال إلى الصناعات ذات التكنولوجيا الفائقة والموجهة نحو الخدمات، لكن الفقر لا يزال واسع الانتشار والمستوى العلمي المتدني عقبات رئيسية أمام الانتعاش الاقتصادي في هذه الولايات”. وسواء تعلق الأمر بالتجارة أو المنافسة على مستوى القوة الشاملة بين الصين والولايات المتحدة، فإن التنافس يدور أساساً حول المواهب.
تبدو الصين واثقة في وجه الضغوط الأمريكية، وتأتي ثقتها هذه من حقيقة أن أكثر من 170 مليون صيني حصلوا على التعليم العالي أو المهني. وعندما يتعلّق الأمر بالقوة الابتكارية في مجال العلوم والتكنولوجيا، تشير التقارير إلى أن الصين لديها أكثر من 4 ملايين خريج في (العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات) في عام 2018، بينما كان لدى الولايات المتحدة نحو 440 ألفاً، أكثر من نصفهم من الطلاب الأجانب.
في مواجهة التحدي الذي أشارت إليه صحيفة “يو إس توداي”، يجب أن تفكر واشنطن في كيفية تعزيز مستوى التعليم. لسوء الحظ، من المرجح أن تدخل الولايات المتحدة في حلقة مفرغة، فكلما كانت أكثر يقظة ضد الصين، كلما أرادت احتواء الصين، وكلما تصادمت مع الصين، زاد احتمال إهمالها لمشكلاتها الداخلية، مثل التعليم، وكلما تجاهلت عقباتها الخاصة بها، انحدرت أكثر، وبالتالي زادت مخاوفها من الصين.
ما هو الوضع الحالي للتعليم العالي في الولايات المتحدة؟، لا شيء يمكنه التعبير عن الموقف بشكل أفضل من الفيلم الوثائقي الأمريكي، بانتظار “سوبرمان”. إنه يركز على العديد من الطلاب الذين كانوا يسعون جاهدين للقبول في المدارس التنافسية، والتي تحوّلت إلى رحلة شاقة لأن اختيار الطلاب إلى العديد من المدارس الخاصة يتمّ عن طريق اليانصيب. كما علقت صحيفة نيويورك تايمز ذات مرة، فإن نظام التعليم في الولايات المتحدة والذي يعتمد على الضرائب المحلية، “يوفر مدارس رائعة للأطفال الأثرياء في الضواحي الذين يحتاجون إلى أقل مساعدة، ومدارس مهملة بعيدة عن مركز الاهتمام داخل المدن التي يحتاج أطفالها بشدة إلى يد المساعدة”.
عندما تنغمس الحكومة الأمريكية في زيادة استثماراتها العسكرية، واحتواء منافسيها، فإنها تتغاضى عن حقيقة أن أكبر تهديد لها ليس الصين، بل هي نفسها. كتب الصحفي توماس فريدمان في صحيفة “نيويورك تايمز” مؤخراً: “لقد فشلنا في التكيّف مع هذا العصر الذي يشهد تغييرات سريعة في التكنولوجيا والأسواق والمناخ وأماكن العمل والتعليم”، على ما يبدو، أن ما ذكره فريدمان لم يكن بسبب الصين. لذلك تحتاج الإدارة الأمريكية إلى المزيد من المراقبين العقلاء الذين يستطيعون أن يحدّدوا من هو العدو الحقيقي للبلاد.