ماذا وراء استقالة السفير البريطاني لدى أمريكا؟
ترجمة: لمى عجاج
عن مجلة فانتي فير 11/7/2019
على ما يبدو أن نتائج الجولة النهائية من المنافسة على منصب رئاسة الوزراء تشير إلى أن بوريس جونسون سيكون الأوفر حظاً في أن يكون كبش المحرقة القادم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد تقدّمه على منافسه وزير الخارجية جيريمي هانت في السباق على زعامة حزب المحافظين وعلى رئاسة الحكومة.
يمكننا أن نعدّ أن استقالة السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة الأمريكية كيم دراوتش الكناية الحقيقية على الانحراف الذي أصاب العلاقات الأمريكية البريطانية في عهد ترامب، “فالبريكست” الذي تمّ تسويقه للبريطانيين كوسيلة “لإعادة السيطرة” كان الفخ الذي أوقع بريطانيا وأدخلها في حالةٍ من التبعية والخنوع للإدارة الأمريكية، فقد كشفت هذه الاستقالة النقاب عن المرشح المحتمل في السباق المحموم بين بوريس جونسون وجيريمي هانت على خلافة تيريزا ماي والذي سيكون الضحية القادمة لترامب، حيث تمّ الكشف عن وثائق تمّ تسريبها من مراسلات سفير بريطانيا السابق لدى واشنطن كيم دراوتش وصف فيها الرئيس ترامب بأنه “مختل” و”غير كفؤ” موجهاً انتقادات حادة لأداء الإدارة الأمريكية مما تسبّب في غضب ترامب الشديد الذي وصفه بدوره بـ”الغبي جداً” و”المتباهي الأحمق” لكنه رفض القول فيما إذا كان سيبقي أو يقيل السفير البريطاني من منصبه، لكن على الأقل بدا من انفعال ترامب بأن دراوتش قد تمكن من “التنغيص” عليه وتعكير مزاجه، وهذا بالضبط ما ظهر جلياً من ردود فعله الانفعالية على تويتر، لكنه جاء على هوى جونسون الذي كان على موعد مع هذه الاستقالة، فبالفعل كانت توقعاته صحيحة، وعلى وقع هذه التسريبات طالب دراوتش بإقالته من منصبه، وبذلك أصبح بوريس جونسون مهندس البريكست والملقب بـ”بوجو” أقرب إلى دخول داونينغ ستريت ليرث سياسته المعقدة بالمراوغة والاحتيال.
بعد أن تمّ تمرير هذه التسريبات إلى صحيفة “ذا ميل أون صنداي” من قبل صحفية تُدعى ايزابيل أواكيشوت المقربة من نايجل فاراج والتي كانت تعمل لدى آرون بانكس أحد أبرز ممولي حملة “غادروا الاتحاد الأوروبي” المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمتهم بدعمه لنايجل فاراج رئيس حزب البريكست، ورجحت الرسائل التي تمّ تسريبها والتي يعود تاريخها إلى عام 2017 صحة الشائعات عن وجود “فوضى واقتتال داخلي” في البيت الأبيض.
وفي تزامنٍ ملحوظ وتتابعٍ سريع أعقب نشر هذه التسريبات على الصحيفة طلب من نايجل فاراج يقترح فيه استبدال السفير البريطاني المناهض لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بشخصٍ آخر يكون ممن يفضّلهم الرئيس ترامب والمقربون منه تماماً، كما هو مقرب منه (فترامب وافق فعلياً على ترشيح فاراج لشغل هذا المنصب في عام 2016)، ربما بدا أنه من غير المتوقع قبل عام من الآن أن تصل هذه المناورات السرية التي خاضها فاراج في واشنطن إلى هذه المرحلة التي أوصلت جونسون ليكون المرشح للفوز بخلافة ماي في ظل التطورات التي شهدتها ميلودراما خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتضافر الأحداث نحو مستويات عالية من التآمر والفوضى وفشل ماي بعد ثلاث محاولات فاشلة في تمرير خطتها بخصوص البريكست أمام البرلمان الأوروبي قبيل أن تقوم بتقديم استقالتها، على عكس جونسون المرشح لخلافتها الذي حاول إظهار الكثير من الرجولة والصلابة، وأوضح في المناظرة التلفزيونية التي أُجريت مؤخراً بأنه عند (إدراك الاتحاد الأوروبي أننا مستعدون لعدم التوصل إلى اتفاق وأننا جادون في ذلك فإنهم سيقدمون لنا الصفقة التي نحتاجها).
لا شك في أن هذه المسرحية ستستقطب عدداً كبيراً من الناخبين ومعظمهم إلى حدّ كبير من الناخبين المحافظين الذين سيكون عليهم اختيار رئيس الوزراء المقبل، حيث أظهرت بيانات شركة “بيتفير” للمراهنات بأن نايجل فاراج سيكون المرشح الأوفر حظاً ليحلّ محل السفير البريطاني نظراً لما يحظى به من إعجاب واستحسان لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعلى ما يبدو أن الأمر برمته كان حرباً ضد دراوتش للدفاع عن البريكست لضمان تعيين الشخص الأكثر تأييداً للبريكست لمنصب السفير وبذلك يكون جونسون المستفيد الأول من هذه التسريبات.