الحرب الأمريكية ضد إيران أُعلنت منذ 40 عاماً
ترجمة: هيفاء علي
عن موقع انفيستيغ اكشن 13/7/2019
رودولف كاره، العالم السياسي وعالم الاجتماع الأمريكي يكشف النقاب عن تاريخ العداء الأمريكي لإيران، ويؤكد أنه ليس حديث العهد وإنما تمّ إضرام نيرانه منذ أربعين عاماً.
تغيّرت عقيدة الولايات المتحدة في السنتين أو الثلاث سنوات الماضية، إذ لم تعد الأولوية محاربة الإرهاب، بل المواجهة مع الصين وروسيا. العشرات من البيانات والخطب والتقارير توضح ذلك. خطاب مايك بينس مؤخراً لطلاب أكاديمية عسكرية دليل على ذلك. أخبرهم أنه في حياتهم كضباط، سوف يواجهون حالات حرب وأنه يتعيّن عليهم دمج فكرة أن هذه الحالات يمكن أن تحدث في الأراضي الروسية أو الصينية. عندما تتمّ مقارنة هذا النوع من الإعلانات الإيديولوجية بالمناورات التي ينفّذها الناتو باستمرار في البحر الأسود وفي بحر البلطيق والاستفزازات القريبة من الصين، سرعان ما سيدرك المرء أن الوضع خطير. نصوص البنتاغون ومجلس الأمن القومي تصف الصين وروسيا بأنهما العدو الرئيسي. اليوم لم تعد الإدارة الأمريكية تحارب الإرهاب بل تتلاعب به لأغراض زعزعة الاستقرار الجيو-سياسي.
الحرب موجودة وقد تمّ الإعلان عنها منذ 40 عاماً، وتمّ تحريكها تحت العديد من الأشكال سواء اللفظية مثل “شيطنة الدولة”، أو الاقتصادية مثل “العقوبات”، أو سياسية مثل “محاولة زعزعة الاستقرار في الداخل”، واليوم هناك توجهات للأعمال العسكرية، وهي إحدى جوانب هذه الحرب المتعدّدة الأشكال.
هذا السيناريو الهجومي يدعم إسرائيل ونتنياهو، إذ تحاول إسرائيل بكل الوسائل، مع تواطؤ الأنظمة القائمة في ممالك الخليج وعلى رأسها مملكة آل سعود، إثارة مواجهة عسكرية مع إيران، لكن إسرائيل غير قادرة على شنّ حرب لأنه لخوض حرب ما، عليك أن تكون قادراً على إيجاد مخرج. لم يتمكّن الإسرائيليون من استفزازها خوفاً من التنبؤ بالنتيجة، لأنهم لا يعرفون ماهية النتائج. يودّ نتنياهو خوض حرب بدماء الآخرين.
لفترة طويلة، يعتبر قادة الكيان الإسرائيلي أن بقاء دولتهم على المدى الطويل مرهون بزعزعة الاستقرار الإقليمي وتقطيع أوصال المشرق. تتزامن رغبة إسرائيل في إثارة الصراع مع رغبة “حزب الحرب” في الولايات المتحدة. لكن السؤال هو: ما هي الوسائل المتاحة وما هو الثمن الذي يجب دفعه؟. من الناحية النظرية، يتوقع الإستراتيجيون سيناريوهات مخارج الحرب، وفي هذه الحالة لا يعرفون ماذا يعني ردّ إيران الحقيقي ويقلّلون من أهمية استعدادها للرد.
في الحقيقة، تواجه الولايات المتحدة خصماً له تاريخ عسكري وسياسي واستراتيجي ودبلوماسي وثقافي طويل بغضّ النظر عن درجة تطورها. وكدليل على ذلك، طيلة الأربعين عاماً الماضية التي استمر فيها الحصار المفروض على إيران، تمكنت من تطوير إمكانات وطنية ذاتية علمية وعسكرية تسمح لها اليوم بالوقوف أمام من لا زالوا يحلمون بأن تكون السفينة أم الكوكب.
في المقابل، تعرف إيران ثمن المواجهة ولكنها ترى أن تكلفة المواجهة أقل من تكلفة الاستسلام للضغوط الأمريكية. وعليه، الرسالة الإيرانية لواشنطن هي: لديك القدرة على خوض الحرب، لكن لدينا القدرة وخاصة الإرادة للدفاع عن أنفسنا. تكرّر إيران أنها مستعدة للحوار ولكن ليس تحت وطأة التهديد والتلويح بالعصا.. تمّ نقل الرسالة بوضوح عبر الوسيط السويسري ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي.
في الملف النووي، تلتزم إيران بصرامة باحترام القانون الدولي، ولا أظن أنها تجازف بإسقاط طائرة أمريكية خارج مجالها الجوي، أي في المياه الدولية، والتي كانت ستكون بمثابة عمل حرب. مع ملاحظة أن احترام القانون الدولي هو أيضاً الموقف الرسمي الذي أبدته روسيا والصين والعديد من الدول الأخرى. حتى إشعار آخر، وخاصة في ظل إدارة ترامب، فإن الولايات المتحدة هي التي تنتهك القانون الدولي علانية ومن دون عقاب. والتاريخ يزخر بالشواهد عن مثل هذه الاستفزازات.. مثل استفزاز “مادوكس” في حرب فيتنام، وأنابيب الاختبار، ثم الاعتذار العلني للجنرال كولن باول.
في الواقع، لا تزال هناك روح كبيرة وقصيرة النظر تعيش في جزء كبير من المجمّع الصناعي العسكري الأمريكي الذي يعتقد أن الحرب يمكن أن تحلّ جميع المشكلات.