احتجاجات في نيويورك على عنصرية النظام الأمريكي
تتصاعد في الشارع الأمريكي الأصوات المنادية باحتواء مشاعر الغضب التي تثيرها تصريحات الساسة الأمريكيين العنصرية إزاء المواطنين من أصول ملوّنة، حيث يصرّ ساكن البيت الأبيض على مهاجمة المواطنين المنحدرين من أصول إفريقية ولاتينية، جاعلاً من هذا الخطاب العنصري وسيلة لاستقطاب أكبر عدد من اليمين المتطرّف وأصحاب النزعات العنصرية والقومية، حيث انطلقت من جديد تظاهرات تدين النظام العنصري القائم، مستنكرة قرار وزارة العدل عدم توجيه الاتهام إلى الضابط الأبيض الذي قتل أحد المتظاهرين من أصول إفريقية خنقاً بدم بارد عام 2014. وردّد المتظاهرون هتافات تستنكر قرار وزارة العدل، وتندّد بقرار رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلاسيو الذي رفض إقالة الضابط دانييل بانتاليو خلال السنوات الخمس التي أعقبت قتله إيريك غارنر.
وذكرت رويترز أن دي بلاسيو الذي يسعى إلى نيل ترشيح الحزب الديمقراطي له لخوض انتخابات الرئاسة المقبلة، اكتفى بالقول: إنه “فوجئ بعدم توجيه وزارة العدل اتهامات لبانتاليو، وإن قائد شرطة نيويورك سيقرّر بحلول آب ما إذا كان سيعاقب بانتاليو أم سيقيله”.
وأظهرت مقاطع مصوّرة التقطها مارة بالهواتف المحمولة بانتاليو، وهو يخنق غارنر، ويطرحه أرضاً في الـ17 من تموز عام 2014، في الوقت الذي ردّد فيه الرجل الأسود عبارة “أنا أختنق” أكثر من عشر مرات.
وفجّرت وفاة غارنر البالغ 43 عاماً موجة غضب ومظاهرات عارمة تنديداً بوحشية الشرطة الأمريكية في أنحاء البلاد، وساعدت في ظهور حركة بلاك لايفز ماتر أو “حياة السود مهمة”.
وعلّل مسؤولون في وزارة العدل عزوف الوزارة عن توجيه اتهامات إلى بانتاليو، بالقول: إنه لا يمكنهم أن يحدّدوا بصورة قاطعة ما إذا كان قد ارتكب مخالفته متعمّداً، وهو ما يجب تأكيده لإثبات أنه انتهك حقوق جارنر المدنية.
وتشهد الولايات المتحدة تزايداً في أعمال العنف على خلفيات عنصرية وعرقية نتيجة الخطاب والسياسات التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض رسمياً مطلع عام 2017 والتي تؤيّد تفوّق البيض على الفئات الأخرى.
واستناداً إلى رفض مجلس النواب قبل ساعات مذكّرة تدعو إلى إطلاق إجراءات عزله، واصل الرئيس الأمريكي هجماته على الديمقراطيين غداة انتقاد الكونغرس لتغريداته “العنصرية”.
وقال ترامب خلال تجمع انتخابي في غرينفيل بولاية كارولاينا الشمالية: “هذه الأيديولوجيات اليسارية تريد تدمير دستورنا، والقضاء على القيم التي قامت على أساسها أمتنا الرائعة”، وأضاف: “اليوم نجدّد تصميمنا، ونرفض أن تصبح أمريكا بلداً اشتراكياً”.
وذكر ترامب مجدّداً النائبات الديمقراطيات الأربع المتحدّرات من أقليات، ونصحهن بـ”العودة” من حيث أتين، واصفاً إياهن بـ”النائبات الشريرات الاشتراكيات”.
وعندما ذكر ترامب إلهان عمر، ردّد الجمهور “اطردوها!”.
وكان ترامب شديد السخرية خصوصاً بشأن ألكسندريا أوكازيو-كورتيز النائبة عن نيويورك، حيث قال: “ليس لدي الوقت لذكر اسمها الكامل سنسميها كورتيز”.
وكانت كورتيز قد أثارت جدلاً منتصف حزيران الماضي عندما شبّهت مراكز تجميع المهاجرين على الحدود جنوبي الولايات المتحدة بـ”معسكرات الاعتقال”.
ترامب، وإن كان يثير حماسة قاعدته الانتخابية، فإنه يجازف بتأجيج التوترات العرقية والأيديولوجية من خلال تشجيع الانقسامات في البلاد، حيث بات يراهن أكثر من أي وقت مضى على تعبئة الناخبين البيض.
وأعرب ترامب خلال تجمّعه عن ارتياحه لفشل الكونغرس في تمرير مذكرة دعت إلى إطلاق إجراءات لإقالته، عندما رفض مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون هذه المذكرة، أمس الأول، ما يبرز انقسام المعارضة حول هذه القضية.
أما في الجانب الجمهوري، فإنه ورغم إدانة النواب الجمهوريين لتغريدات ترامب “العنصرية” الثلاثاء، فإنهم قد لزموا الحذر في انتقاد الشخص الذي سيمثلهم في الانتخابات الرئاسية عام 2020، بينما يعلم ترامب أنه يمكنه الاعتماد على دعمهم في الكونغرس.
ويبدو أن التغريدات المثيرة للجدل لا تؤثر في شعبية ترامب في صفوف الناخبين الجمهوريين، بل إنها زادت بخمس نقاط لتصل إلى 72%، حسب استطلاع نظم الاثنين والثلاثاء، ومقارنة مع الأسبوع الماضي بقيت شعبية ترامب مستقرة عند 41%.
ولا يزال ملف الهجرة الذي كان أحد العناوين الرئيسية لحملة ترامب في 2016 يلقى تأييداً، حيث أظهر تحقيق لمركز “بيو” للأبحاث نشر الأربعاء أن 57% من الجمهوريين يرون أن “الأمريكيين قد يخسرون هويتهم كأمة إذا بقيت البلاد مفتوحة كثيراً للمهاجرين”، الأمر الذي يؤكد تصاعد النزعة العنصرية اليمينية في المجتمع الأمريكي.