حمقى يقودون لندن وواشنطن
استبعد جيرمي هنت وزير الخارجية البريطاني، الذي ينافس ليصبح رئيس وزراء بريطانيا الجديد، وقوع حرب في منطقة الخليج، معتبراً “أن الخطر يكمن في إمكانية وقوع حرب بشكل عرضي بسبب حدوث شيء في موقف شديد التوتر والاضطراب”. التصريح الجديد جاء بعد أيام من تعهّده بالزيادة الكبيرة للإنفاق العسكري في بريطانيا، وتعزيز القوة البحرية للبلاد، زاعماً “أن إيران هي التهديد الرئيسي لمصالح الملاحة التجارية البريطانية”، ووعد بأن القوات البريطانية ستنضم إلى أي اعتداء عسكري أمريكي ضد إيران، في حالة انتخابه كرئيس وزراء، وادّعى أن التوترات في الخليج مع إيران “دليل” على أن بريطانيا بحاجة إلى إصلاح وتجديد قواتها البحرية، متجاهلاً بشكل كامل الإجراءات الاستفزازية والعدائية التي تقوم بها بلاده ضد إيران في المنطقة.
من المرجّح أن يؤدي الانغماس المفرط في الإنفاق العسكري إلى إطالة أمد التقشف الاقتصادي على مواطني بريطانيا، ولكن يبدو أن هنت لن يوقف طموحه لدخول مكتب رئيس الوزراء حتى لو كان الثمن، الذي سيدفعه المواطنون البريطانيون، مدمّراً. ولعل ما يدين هنت بشكل أكبر مقامرته المتهوّرة في تأجيج التوترات مع إيران، وإرسال بريطانيا المزيد من القوات البحرية إلى الخليج.
لا شك أن احتجاز رجال الكوماندوس البريطانيين، في الرابع من تموز الجاري، ناقلة النفط الإيرانية قبالة موقع الصخرة في مضيق جبل طارق، في إجراء مخالف للقوانين الدولية، أجّج الأوضاع في المنطقة، المتوترة أصلاً، وقد تشعل القرصنة البريطانية الأمريكية “حرباً كارثية”.
ازدواجية هنت من “التصعيد إلى التراجع” – والذي يسير في ذلك على خطا ترامب، مثله في ذلك مثل منافسه بوريس جونسون، المرشّح الأوفر حظاً لرئاسة الوزراء في بريطانيا – هي دليل على السقوط الأخلاقي للسياسة البريطانية والتي تنفّذ الأوامر الأمريكية دون نقاش، وعلامة أكيدة على أن المحافظين ينبغي ألا يتواجدوا في مكتب رئيس الوزراء، بل في زنزانة مبطنة، يمكن أن تسهم في شفائهم من الهوس الذي يتهدّد السلام العالمي.
لإيجاد حل للهوس الحالي، تحتاج واشنطن إلى الالتزام بالمعاهدة النووية الدولية لعام 2015 مع إيران، ورفع العقوبات عن الاقتصاد الإيراني، ونقل جميع سفنها الحربية من الخليج، وكما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: “لن تكون هناك حاجة لأن تقوم الولايات المتحدة أو بريطانيا “بحماية السفن” في الخليج إذا كانت هاتان الدولتان تحترمان القانون الدولي وقواعد الدبلوماسية”.
في الحقيقة، يتعرّض السلام العالمي للخطر من قبل حمقى على شاكلة هانت وجونسون وسيدهما في واشنطن.
سمر السمارة