استفزازات أمريكية تعيد أجواء التوتر إلى شبه الجزيرة الكورية
تعود مجدداً أجواء التوتر والتصعيد إلى شبه الجزيرة الكورية، جراء الاستفزازات التي تقوم بها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها كوريا الجنوبية، من خلال المناورات العسكرية المشتركة التي من المقرر إجراؤها الشهر المقبل، رغم التحذيرات التي أطلقتها كوريا الديمقراطية بهذا الخصوص.
وزارة الدفاع الكورية الجنوبية جدّدت أمس إصرار الجانبين الكوري الجنوبي والأمريكي على إجراء التدريبات العسكرية المشتركة التي أطلق عليها اسم “19/2 دونغ مينغ”، وقالت: “إن سيئول وواشنطن ستجريان التدريبات كما هو مقرر، وإن الاستعدادات لها جارية”، مضيفة: “إنها ستعلن تفاصيل الجدول الزمني للتدريبات في وقت لاحق”.
كوريا الديمقراطية، وفي أعقاب الإعلان عن المناورات في وقت سابق من هذا الأسبوع، أكدت أن هذه التدريبات ستؤثر على آفاق محادثاتها النووية على مستوى العمل مع الولايات المتحدة، وستهدد حالة الأمن والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.
وفي بيان أوردته وكالة الأنباء الكورية الديمقراطية أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الديمقراطية تعليقاً على ذلك أنه “فيما تتواصل الجهود لتنظيم محادثات عمل بين كوريا الديمقراطية والولايات المتحدة، بعد اللقاء رفيع المستوى في بانمونجوم على الحدود بين الكوريتين بين الرئيسين كيم جونغ اون ودونالد ترامب، تريد الولايات المتحدة المشاركة في المناورات العسكرية، وإذا تحقق ذلك فإن محادثات العمل ستتأثر”.
الإعلان عن المناورات الجديدة يأتي بعد أقل من شهر من اللقاء الثالث الذي جمع ترامب ونظيره الكوري الديمقراطي كيم جونغ اون، والذي تحوّل من دقائق معدودة خطّط لها سابقاً إلى اجتماع مغلق استمر 50 دقيقة، واكتسب أهمية ملحوظة بسبب العلاقات المتجاذبة حيناً والمتنافرة حيناً آخر بين بيونغ يانغ وواشنطن، في ظل المراوغات الأمريكية والانتهاكات الواضحة من قبل الولايات المتحدة للالتزامات التي يتوجب عليها تنفيذها بموجب وثيقة البيان المشترك التي تمّ توقيعها في القمة الأولى التي عقدت بين ترامب وكيم في سنغافورة في حزيران عام 2018.
التصريحات الإيجابية والمتفائلة من قبل الرئيس الكوري الديمقراطي عقب اللقاء مع ترامب في بانمونجوم تؤكّد بشكل واضح على الرغبة الجدية والحازمة لكوريا الديمقراطية في إنهاء التوترات في شبه الجزيرة الكورية وإحلال السلام والاستقرار فيها ونزع السلاح النووي منها، إلا أن الإدارة الأمريكية دأبت على اعتماد سياسة التهديد والاستفزاز وفرض العقوبات غير القانونية على كوريا الديمقراطية، وهددت أكثر من مرة بشن حرب عليها بحجة برنامجها النووي، في حين أكدت بيونغ يانغ على الدوام حرصها على الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، مشيرة في ذات الوقت إلى أن برنامجها النووي مخصص للأغراض الدفاعية عن سيادة البلاد.
المناورات الجديدة تأتي أيضاً في سياق نسف حالة التقارب والتحسن التي شهدتها العلاقات بين الكوريتين منذ مطلع عام 2018، حيث تمارس واشنطن الضغوط على سيئول بهدف تقويض ذلك التقارب من خلال الإصرار على إجراء المناورات العسكرية رغم التكاليف الباهظة لها.
المراقبون يشيرون إلى أن إدارة ترامب التي لا تلتزم بتعهداتها الدولية إثر انسحابها من اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ومن الاتفاق النووي الموقّع مع إيران قد لا تلتزم بمضمون البيان الأمريكي الكوري الديمقراطي الموقّع في سنغافورة، وبالتالي ستواصل إجراء المناورات مع سيئول في محاولة لممارسة الضغوط الاستفزازية على بيونغ يانغ لإجبار الأخيرة على تقديم تنازلات.
وتشهد شبه الجزيرة الكورية منذ سنوات حالة من التوتر الشديد جراء المناورات العسكرية الأمريكية الكورية الجنوبية المتكرّرة، فضلاً عن التهديدات الأمريكية العدائية المتواصلة ضد كوريا الديمقراطية وقيام واشنطن بنشر منظومة ثاد الصاروخية في أراضي كوريا الجنوبية، وهو ما تعتبره بيونغ يانغ تهديداً لأمنها القومي.