“سمات العلمانية في سورية وأهدافها” في ندوة حوارية بحلب دخل الله: الدين سلطة روحية وسلطة الدولة تحتكم للمتغيرات
حلب- معن الغادري:
أقامت قيادتا فرعي الحزب في مدينة حلب والجامعة ندوة حوارية تحت عنوان “سمات العلمانية في سورية وأهدافها”، تحدث فيها الرفيق الدكتور مهدي دخل الله عضو القيادة المركزية للحزب رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام المركزي، والذي أكد أن سورية دولة علمانية وفق مفهوم وظيفي يُعنى بتنظيم العمل السياسي والإداري والنشاط المجتمعي، دون أن يكون للدين أي تدخل في مؤسسات الدولة وتوجهاتها وواجباتها المجتمعية، موضحاً أن هدف العلمانية في سورية هو تعزيز الوحدة الوطنية، وحماية حقوق الإنسان، والحفاظ على استقلال وسيادة الوطن، وحمايته من المفاهيم المغلوطة.
وأضاف الرفيق دخل الله: إن الدين حالة إيمانية وروحية لا علاقة لها بالسياسة والسلطة، وبناء الدولة الحضارية والقوية والمتماسكة يأتي في إطار تكريس دولة القانون، وفصل الدين عن السياسة، والالتزام بالأنظمة والتشريعات التي يحددها الدستور الناظم لحركة المجتمع بكل أطيافه، مشيراً إلى أن الدين هو سلطة روحية وثابتة، فيما سلطة الدولة تحتكم للمتغيّرات والمتبدلات ولسياسات غير ثابتة، وعلى صلة وتماس مباشر مع الواقع المجتمعي والثقافي والفكري والاقتصادي والمعيشي، وبالتالي فإن الإنسان بغض النظر عن معتقداته الدينية وغير الدينية يعتبر القاعدة الأهم والأقوى في النظام العلماني، والذي يتمتع بكل الصلاحيات لحماية الدين من الانجراف والانحراف عن مساره الحقيقي، مع التأكيد هنا على توظيف الدين والمعتقد في خدمة الصالح العام بعيداً عن التشدّد والعصبية والممارسات البعيدة عن تعاليم ومفاهيم الدين الصحيحة والتي تدعو بالأساس إلى تقديس الإنسان، وإفشاء روح التسامح والمحبة، وإرساء السلام في كافة المجتمعات.
وتحدّث الرفيق عضو القيادة المركزية للحزب عن سمات العلمانية وأهدافها في سورية، وعرض للعديد من تجارب بعض الدول، والتي يتداخل فيها الدين مع السياسة، وهي تجارب مازالت ماثلة حتى الآن، وهي علمانية في الشكل، ومحكومة من قبل رجال الدين في مضمونها، ولفت إلى أهمية التجربة السورية في هذا السياق والتي تدار بعقلية منفتحة وبرؤية مؤسساتية مبنية على ركائز صلبة ومتينة، حيث سلطة الدولة هي العليا، وشكلها ومضمونها الإنسان، وليس عقيدته ودينه ومذهبه، مؤكداً أنه في سورية لا يوجد أقليات، بل يوجد مواطنة، والوطن للجميع.
وفي مداخلة له بيّن القس إبراهيم نصير الرئيس الروحي للكنيسة الإنجيلية العربية بحلب أن الدولة العلمانية هي التي تفصل الدين عن السياسة، وتحقق العدالة والمساواة بين مواطنيها، مشيراً إلى أن الصراع الحاصل حالياً لا يرتبط بالدين، بل هو متمثّل بالأطماع السياسية، فرجل الدين لا يكتفي بسلطته الروحية، بل يسعى في استغلال الظروف والمناخات لتحقيق مكاسب وسلطات سياسية، مشيراً إلى أن المجتمع السوري مثال مهم وحاضر للممارسة العلمانية لجهة تنوّعه وتماسكه ووحدته وسلوكه والتزامه بقوانين الدولة وبدستوره الذي أعطى العلم والإنسان الرعاية والاهتمام والمساحة الأوسع، وهما مصدر العلمانية.
أما الدكتور عيسى العاكوب، فأشار إلى أن العلمانية ليست حلاً لكل مشكلاتنا، وهي وسيلة أثبتت نجاحها في بعض الدول وفشلها في دول أخرى، معتبراً أن الإنسان هو المصدر الأساس في النظام العلماني، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في التداخل بين الدين والسياسة، وهو مناقض للنظام العلماني والذي يجب أن يرتكز على أسس الرحمة والمحبة والعقل والعدل، مشدّداً على ضرورة أن يكون المجتمع منتجاً، وبناء الإنسان أساسه وجوهره.
وفي مداخلة للدكتور علي عكام عميد كلية الشريعة بحلب بيّن أن الدخول إلى الله ينبغي أن يكون من بوابة الإنسان، داعياً إلى تقديس الدين بعيداً عن السياسة، وتقديس كرامة الإنسان، والحفاظ على حرمة الوطن، مشيراً إلى أنه يجب التسلح بالوعي، وتأسيس حقل معرفي مستقل ينظّم الحياة العامة، وفصل الدين عن السلطة، والابتعاد عن دخول السياسة وشبطنة السياسي والسياسة، والوصول إلى العدالة المنشودة، وتحقيق المساواة، وتعميق ثقافة العطاء، والتضحية في سبيل الوطن.
وأجاب الرفيق دخل الله عن كافة المداخلات والتساؤلات، مؤكداً ضرورة فصل الدين عن السياسة والسلطة، وحماية الدولة ومقدراتها، ومحاربة التطرّف، واحترام القانون، مشيراً إلى أن سورية تعتبر أنموذجاً في العيش المشترك وفي تنوّع مجتمعها، مبيناً أن الدولة السورية تمارس مسؤولياتها من منطلق المواطنة، وليس من منطلق العقيدة الدينية والانتماء الطائفي.
حضر الملتقى أمينا فرعي الحزب في المدينة والجامعة الرفيقان فاضل نجار وإبراهيم حديد ومحافظ حلب.
كما التقى الرفيق دخل الله الدارسين في مدرسة الإعداد الحزبي الفرعية، وأكد أهمية اختيار المميزين وإقامة دورات تخصصية لهم لتطوير أدوات العمل الثقافي والفكري لمواجهة المخاطر التي تحدق بالوطن، ولفت إلى أن الحرب على سورية لم تنته، وهي حرب شرسة عسكرية واقتصادية وفكرية، وهي تندرج ضمن خطط الدول الكبرى لإخضاع سورية، وتحييدها عن مبادئها ومواقفها الوطنية والعروبية، وحرفها عن القضايا المصيرية، وإبعادها عن محور المقاومة، مشيراً إلى أن سورية اليوم أقوى وأشد صلابة في مواجهة هذا المشروع التآمري.
وأجاب الرفيق دخل الله عن تساؤلات الدارسين، مبيناً أن سورية لن تساوم على ذرة تراب واحدة من أرضها الطاهرة، وهي تستعيد موقعها وتأثيرها الإقليمي والدولي، مشيراً إلى أن ما يحاك من مؤامرات لتقسيم المنطقة وإعادة التوازنات والتحالفات في المنطقة تحت عناوين ومسميات مختلفة منها ما يسمى بصفقة القرن بهدف تقسيم المنطقة وتفتيتها ستحصد الفشل الذريع أمام صمود الشعب السوري وتلاحمه غير المسبوق مع جيشه البطل خلف القيادة الحكيمة والشجاعة للسيد الرئيس بشار الأسد الذي قاد سفينة الوطن بكل ثقة واقتدار إلى بر الأمان، داعياً الشباب إلى التسلح بالعلم والمعرفة لإعادة بناء سورية المتجددة.
وافتتح الرفيق دخل الله المعرض الضوئي “حلب في صور” بصالة تشرين لخريجي معهد الثقافة الشعبية في العزيزية، وأكد أهمية إبراز المظاهر الحضارية لحلب والتعريف بها، مبيناً أن مثل هذه المعارض هي نوع من أنواع الثقافة، وهذا يدفعنا لإقامة العديد من الفعاليات المتنوعة التي من شأنها زيادة المخزون الثقافي لدى الجميع.
وبيّن المشرف على المعرض المصور الصحفي أحمد حفار أن المعرض يضم 76 مشاركاً و100 لوحة.
تكريم لجنة توثيق جرائم الإرهاب
كما كرّمت قيادة الحزب لجنة توثيق جرائم الإرهاب بحلب، وأكد الرفيق دخل الله أهمية توثيق الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون في حلب وفي كل سورية، وتسليط الضوء على تلك الأفعال الإجرامية والتي هدفت إلى تدمير مكوّنات الدولة السورية خدمة لأعداء الوطن والصهيونية العالمية، مشيراً إلى ضرورة التوسع بهذا الفيلم، وتوثيق ما خلّفه الإرهاب من دمار وخراب وسرقة وقتل وتشريد.
ودعا الرفيق دخل الله المعنيين إلى الإسراع في إنجاز العمل ونشره على مستوى أوسع لتعرية مرتكبي هذا الارهاب الممنهج وداعميهم، مؤكداً أن الشعب الذي انتصر على كل قوى الشر في العالم سيعيد بناء ما دمّره الإرهاب، وستعود سورية أفضل مما كانت.
وتخلل حفل التكريم عرض فيلم وثائقي من إنتاج اللجنة.
تصوير: يوسف نو