“حكاية البالون الأحمر”..أطفال على مسرح القباني
اختُتمت مؤخراً ورشة حكاية البالون الأحمر التي أقامتها مديرية المسارح والموسيقا على خشبة مسرح القباني بإشراف الفنانة ريم الخطيب، بعد أن كتب الأطفال أمنياتهم وصنعوا شخصيات أحبوها بعد أن بثوا فيها الروح فأصبحت كالبالون الأحمر الذي أصبح صديقاً لأحد الأطفال في الفيلم الفرنسي الشهير “حكاية البالون الأحمر” الذي أنتج عام 1953 ويُعد من كلاسيكيات سينما الأطفال، والذي يحكي عن الحلم والأمل من خلال طفل عثر على بالون أحمر فتعلق به وعامله كرفيق يبثه أحلامه وآماله، وعندما يقوم الأطفال بقتل البالون بالعصي والأحذية تطير كل البالونات الملونة لتستقر في أيدي الطفل فيمسك بأطراف خيوطها لتحلّق به عالياً فوق المدينة الكبيرة.
مسرح خيال الظل
ولشخصيات الفيلم السهلة والواضحة، ولقصته اللطيفة والبسيطة اختارت ريم الخطيب هذا الفيلم ليكون موضوعاً لورشة مسرح “خيال الظل” التي أعلنت عنها مديرية المسارح واستقطبت عدداً كبيراً من الأطفال الذين شاهدوا الفيلم من خلال الورشة، ومن ثم قام كل طفل باختيار شخصية من شخصياته لتجسيدها من خلال مسرح خيال الظل بعد أن قامت الخطيب وهي صاحبة فكرة الورشة بتحضير الرسوم -لصعوبة تحضيرها خلال فترة الورشة- وتلوينها من قِبل الأطفال بالألوان التي يحبونها، ومن ثم قصّها لتجسيدها من وراء الشاشة بعد أن انقسم الأطفال إلى مجموعات حسب الشخصيات التي قاموا باختيارها.
ما يحدث خلف الشاشة
بدا واضحاً أن الهدف منها إتاحة المجال للأطفال المشاركين اكتشاف تفاصيل اللعبة المسرحية في مسرح خيال الظل وإقحام الطفل بعناصر العرض المسرحي ومعرفة تفاصيل ما يحدث خلف الشاشة، خاصة وأن الطفل الذي اعتاد أن يحضر إلى المسرح يكون لديه دائماً فضول لمعرفة كيف وماذا يحدث خلف الشاشة في مسرح خيال الظل، وقد استطاعت الورشة خلق علاقة جديدة بين المشاركين والمسرح بحيث أسعدهم ومكّنهم من أن يكونوا فاعلين لا منفعلين مع ما يُقدم على خشبة المسرح التي اعتلوها بكل حماسة، وقد تم التركيز على خيال الظل في هذه الورشة لأن هذه التقنية نادراً ما يتم الاشتغال عليها، وإذا تم الاشتغال عليها فهناك نظرة كلاسيكية لخيال الظل على أنها كركوز وعيواظ فقط، علماً أن هذا الفن مر بمراحل حيث قُدِّمت فيها أعمال خيال ظل من خلال بعض الفنانين أمثال: مانويل جيجي وعدنان سلوم اللذين طورا واقعها، ثم تلتها مرحلة اختفت فيها هذه النوعية من العروض مع أنها وسيلة لعب مفيدة للأطفال، لذلك من الضروري شكر مديرية المسارح التي رحبت بفكرة الورشة التي اقترحتها الخطيب فتبنتها وأمَّنت كل متطلباتها.
ممثلون لأول مرة
تولى رامي السمان مهمة إدارية في الورشة وأخرى درامية، وكان التحدي –برأيه- إنجاز سيناريو واختيار مشاهد من الفيلم لتمثيلها من قبل المشاركين، ففي كل يوم كانت هناك مجموعة تشاهد الفيلم وتقوم بتجسيد بعض المشاهد فيه، مبيناً أنه شارك في الورشة عدد من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين الـ7 والـ 14 ومعظمهم ممن يرتادون المسرح، وقد علموا بالورشة من خلال متابعاتهم لصفحة مديرية المسارح والموسيقا.. من هنا كان لديهم الاستعداد والحماسة للمشاركة فيها وقد أتاحت لهم فرصة العمل على تقديم مشاهد وتجهيز الرسومات المناسبة بأيديهم، وقد تفاعلوا كثيراً على الخشبة وأُعجِبوا بفكرة أنهم ممثلون، موضحاً أن فريق العمل كان حريصاً في البداية على انتقاء مشاهد توضح القصة، فوقع الاختيار على مشاهد لا تتجاوز النصف ساعة وهي تلخص فكرة الفيلم التي تم تنفيذها بتقنية مسرح خيال الظل من قبل أطفال يخوضون هذه التجربة لأول مرة، وقد خاضوها بحب ليتعرفوا على مسير العرض المسرحي لخيال الظل، مبيناً أنه تم اختيار خيال الظل لهذه الورشة لأن هذا الفن موروث ولم يأخذ حقه، وخاصة في السنوات الأخيرة، وقد أتاحت الورشة تعريف الأطفال على المبادئ الأساسية لهذا المسرح، وقد أسعد السمان أن الأهالي أُعجِبوا بما اكتسبه أطفالهم من مهارات خلال مدة وجيزة مصدر فرح، أما دلال ذو الغنى وهي مدرِّسة فنون تشكيلية وأحد أعضاء فريق ورشة خيال الظل والتي كانت تعمل على مساعدة الأطفال على تجاوز كل المراحل المطلوبة في الورشة بنجاح، فتبيّن أن الورشة كانت مصدر فرح وسعادة للأطفال واليافعين المشاركين الذين أنجزوا مَشاهد من الفيلم بجهودهم وبأيديهم الصغيرة وباقتراحاتهم وقد تفاعلوا مع ما كانوا يشاهدونه لبثّ الروح في شخصياتهم التي اختاروها والتي أصبحت مع انتهاء الورشة جزءاً منهم، خاصة وأن الورشة أتاحت لهم أن يحتفظوا بها لتبقى معهم، وهي لن تنسى تلك الأمنيات التي كتبوها والتي تعبّر في معظمها عن مدى سعادتهم بالمشاركة في هذه الورشة ورغبتهم في إعادة التجربة بعد أن أتاحت لهم فرصة الوقوف على خشبة المسرح.
أمينة عباس