من “حب في زمن الكوليرا” إلى “أثر الفراشة”
يستعرض الكاتب غابرييل غارسيا ماركيز قصة صبر طويلة في روايته الشهيرة “الحب في زمن الكوليرا” لحبيب اضطر للاستسلام إلى قرار أب حبيبته القاضي بأن تؤول زيجة ابنته الجميلة لطبيبها المعالج، يدخل الحبيب الخاسر بحالة من الحزن والكآبة توصلان به لحياة غريبة، وبهذا تكون أحداث الرواية أشبه بالحرب المتعادلة طويلة الأمد، الكل فيها خاسر.
ولتكوين فكرة أعمق عما يدور في هذه الرواية، لا بد من الرجوع إلى الفيلم السينمائي الذي يحمل الاسم ذاته –إخراج مايك نويل وإنتاج سكوت ستايندروف عام 2007، إذ يبدأ الفيلم من حيث انتهى ماركيز، يسمع البطل جرس الكنيسة، فينهض فرحاً بإحساسه الذي سيصدق لاحقاً وهو وفاة الطبيب المعالج والزوج السارق –برأيه طبعاً-، فيذهب مسرعاً إلى حبيبة الزمن السحيق، ويطلب يدها للزواج وهو العجوز الكهل الذي لا يقوى إلا على الأمل والحب، فمن البديهي أن تصده وتنهره، وهي السيدة المسنة الحكيمة التي ارتوت من مياه الحياة المخملية.
وهنا يبدأ الدور الحقيقي لبطل رواية “الحب في زمن الكوليرا” وبطل الأمل والألم في آن واحد، الدور المتمثل بزرع بذرة المستقبل والماضي في تربة السيدة التي فقدت زوجها ومات هاوياً من علٍ وهو يطعم طائره، ينجح العجوز بمهمته فيتزوجان ويجوبان الأرض بفرح عارم.
وإذا انتقلنا إلى مراحل تطور هذه الرواية الرائعة نصل إلى أحد الأعمال التلفزيونية التي عرضت في الموسم الأخير من رمضان بعنوان “أثر الفراشة” –تأليف محمود عبد الكريم وإخراج زهير قنوع- من المسلسلات التلفزيونية المميزة، في الحقيقة جميع شخصيات هذا العمل تملك الحق بما تفعل ولا تملكه بالوقت نفسه، ويتطرق “أثر الفراشة” لتأثير الأمور البسيطة مثل رفرفة أجنحة الفراشة التائهة في الصين على إعصار في الساحل الغربي للولايات المتحدة كنوع من التراكم الفيزيائي، وهنا يمكن القول: إن أجنحة السعادة التي طارت بهذين العاشقين كانت نقطة مؤثرة على إعصار الفرح والأمل المفترض أن يضرب سواحل كل يائس في المعمورة بأكملها.
جمان بركات