اقتصادصحيفة البعث

لا تشكل المساهمة سوى 1.24% من إجمالي الشركات المرخصة! البورصة والشركات المساهمة في حياة السوريين.. فقط 1130 ليرة متوسط حصة الفرد السوري من قيم التداول!!

بالرغم من الدور الاقتصادي والاجتماعي للبورصة والشركات المساهمة في حياة الناس حول العالم، إلا أن هذا الدور ليس كذلك لدينا، فلا البورصة استطاعت استقطاب شرائح واسعة من المتداولين المستثمرين والعاديين، ولا هي استفادت من قاعدة واسعة من الشركات المساهمة، التي كان من المفترض أن يعزز وجودها قائمة الشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، فما سر تواضع تأثير هذين النشاطين الاقتصاديين بامتياز في حياة السوريين، وكيف يمكن أن تحفز الحكومة تأسيس شركات مساهمة جديدة من شأنها تحريك مياها راكدة؟!.

 

تدني قيمتها للناتج المحلي

بلغت نسبة القيمة السوقية للشركات إلى الناتج المحلي الإجمالي نهاية 2016 حوالى 18%، وهي نسبة متواضعة جداً قياساً بنظيرتها في الدول العربية، جراء انخفاض عدد هذه الشركات في البلاد، بينما بلغت هذه النسبة للشركات الأردنية 63%، وللخليجية 74%، كما يبلغ عدد هذه الشركات لدينا /53/ شركة فقط، وهي تعمل تحت إشراف هيئة الأوراق والأسواق المالية، ولا تشكل إلا 1.24% من إجمالي الشركات المرخصة.

كما يبلغ عدد الشركات المدرجة في سوق دمشق 26، قياساً مع 1622 شركة في البورصة المصرية، و245 في الأردنية، على الرغم من تقارب حجم الناتج المحلي لهذه الدول مع نظيره السوري، ومن تأسيس عدد لا بأس به من الشركات سنوياً من قبل مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إلا أن عدداً ضئيلاً منها يقبل بالشكل المساهم، وذلك لعديد الأسباب والقناعات التي لا بد من العمل على تغييرها والحد من تأثيراتها.

قلة الشركات تكافئ ضعف التداول

أدى ضعف إدراج الشركات في سوق دمشق، (المساهمة حصراً)، إلى ضعف أداء هذه السوق، رغم المحفزات الحكومية كبيرة للتوسع في تأسيس الجديد منها، وتحول القائم بعد تغيير أشكالها القانونية إلى شكل محدد وواحد، الشكل المساهم، ويتجلى هذا الضعف في قيم التداول للعام الفائت، التي ظلت عند مستوى 26 مليار ليرة سورية، وبقسمة هذا الرقم على عدد السكان، نجد أن نصيب الفرد من هذا التداول هو 1130 ليرة، و 1.35 سهم، فيما المعدل العالمي، وحتى الإقليمي، أضعاف هذا الرقم!.

وقلة حسابات الاستثمار

مضى أكثر من عشر سنوات على افتتاح سوق دمشق، بيد أن الحسابات المفتوحة من قبل المستثمرين ما زالت دون المستوى المطلوب، إذ بلغ العدد التراكمي لهذه الحسابات، وفق المؤشرات الصادرة عن مركز المقاصة والحفظ المركزي في السوق، بحدود 41 ألفاً، مع ظلال قاتمة تركتها الأزمة على الاستثمار في قطاع الأوراق المالية، تتضح نتائجها جلياً خلال الأعوام 2011- 2018.

كما يتضح تدني الاستثمار في السوق من خلال متوسط الحسابات المفتوحة قياسا بعدد السكان، وهو بواقع حساب لكل 561 فرداً، فيما يفترض أن يكون هناك على الأقل حساب لكل مئة فرد، ويربط نائب المدير التنفيذي للسوق الدكتور كنان ياغي هذا الأمر بقلة الشركات المدرجة في السوق، وهو ناجم عن قلة عدد الشركات المساهمة في المحلية، وعدم جاهزية بعض الشركات الموجودة حالياً لأسباب المختلفة.

قابلة أو غير قابلة للإدراج

يشير ياغي إلى أن إدارة السوق، وبالتعاون مع هيئة الأوراق والأسواق المالية، درست أوضاع الشركات المساهمة القائمة، وتوصلت إلى نتائج نهائية تفيد بجاهزية شركة إسمنت البادية للإدراج، وهي شركة صناعية مهمة رأسمالها 10 مليارات ليرة سورية، ولديها نحو 2665 مساهماً، ومن المتوقع أن تدرج في السوق الشهر المقبل، وشركتان قابلتان للإدراج هما المشرق العربي للتأمين، والعربية السورية للمنشآت السياحية، التي من المتوقع أن تدرج العام المقبل، وشركة الشام الزراعية التي لا تحقق شروط الإدراج، إضافة لخمس شركات غير قابلة للإدراج، وهي.. عمريت للاستثمار والتطوير السياحي، العربية السورية لتنمية المنتجات الزراعية– غدق، عصير الجبل الطبيعي، بركة للمنتجات الزراعية والحيوانية، الشرق الأدنى لمنتجات الزيتون.

تشجيع المساهمة

يبدي مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أيمن أبو زيتون حماساً كبيراً لتأسيس الشركات المساهمة، وذلك بالنظر لكون هذا النوع من الشركات يلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الوطني عبر تعزيز أداء قطاعاته الاقتصادية المختلفة، وإعادة توزيع الدخل القومي، وتنمية الوعي الادخاري والاستثماري، وبالتالي رفع مستوى معيشة الأفراد من خلال توزيع مكاسب التنمية، وتأمين فرص مهمة لتوظيف الأموال وتعزيز القاعدة الإنتاجية، وامتصاص فائض البطالة عبر رفع معدلات التشغيل.

رافعة ضريبية واستثمارية

تخضع الشركات المساهمة العامة عند إعداد قوائمها المالية، وفق المعايير الدولية للمحاسبة والتدقيق الداخلي الخارجي، للرقابة من قبل الجهات الإشرافية الأخرى تبعاً لنوع القطاع، ما يحد من احتمالية التهرب الضريبي الذي يحدث في الشركات الخاصة، وبالتالي فإنها تشكل رافعة مهمة للتحصيل الضريبي، فقد بلغت الضرائب المستحقة لعام 2016 عن الأرباح التي حققتها هذه الشركات ما يقارب الـ 15 مليار ليرة.

ويسهم التوسع في إحداث الشركات المساهمة في جذب الاستثمارات الأجنبية للاستثمار فيها، حيث تُقدر المساهمات الأجنبية في الشركات المدرجة في سوق دمشق ما يقارب 45% من رساميلها، 46% لقطاع المصارف، و33% لقطاع التأمين، و40% لقطاع الصناعة، و4% لقطاع الزراعة، و0.12% لقطاع الخدمات.

 

هذه المقترحات..

خلصت دراسة صادرة عن سوق دمشق إلى جملة من المقترحات، التي من شأنها تأمين تشريع وحراك اقتصادي يسهم في تشجيع تأسيس الشركات المساهمة، ومنها إصدار تشريع واضح لتأسيس الشركات المساهمة العامة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وإصدار تعليمات من قبل الحكومة إلى وزارة التموين والتجارة الداخلية بعدم الترخيص للشركات التي تقع ضمن هذه القطاعات إلا على شكل مساهمة، ولعل من أهم هذه القطاعات هي التمويل والتطوير العقاري، وقطاع التأمين “مع الإشارة هنا إلى أن هناك حالياً /13/ شركة تأمين، منها /7/ شركات مساهمة عامة، فيما الشركات الباقية مساهمة خاصة”. وقطاع الخدمات التعليمية “حيث هناك /22/ جامعة خاصة تتوزع بين شركات محدودة المسؤولية ومساهمة خاصة”. وقطاع الصناعات الدوائية “إذ يبلغ عدد شركات الأدوية المرخصة /57/ شركة”.

ومن المقترحات كذلك إلزام الشركات التي ستدخل إلى السوق السورية في مرحلة إعادة الإعمار عبر عقود (BOT)، أو أي شكل آخر من العقود التشاركية بين القطاعين العام والخاص، ولاسيما في مجالات البنى التحتية والخدمات الصناعية والزراعية، والتي تبلغ قيمة عقودها مليار ليرة، فما فوق، أن تأخذ الشكل المساهم حصراً.

أحمد العمار