100 دعوى صرافة و60 لمكاتب حوالات غير مرخصة تشديد العقوبات يوائم الظرف الراهن.. ومشغلو شبكات المضاربة “مطمئنون” خلف أسماء وهمية
دمشق – ريم ربيع
“هي لعبة مضاربات..” العبارة الأولى التي يبرر بها البنك المركزي والحكومة ارتفاع سعر صرف الدولار في كل مرة، فـ”اللعبة” تجري على المكشوف، لكن لا يبدو أن أحداً قادر على إيقافها، والحل الأخير الذي توصل إليه المركزي هو التطنيش وعدم الانصياع لضخ الدولارات في السوق تحقيقاً لرغبات المضاربين، غير أن حل الملاحقة القانونية يسير بخطا عرجاء على ما يبدو، فالمستغلون كثر والمشغلون يختبئون خلف أسماء وألقاب وهمية، وفرق السعر الكبير اليوم بين المركزي والسوق السوداء جعل التجار والصناعيين يلجؤون “على المكشوف” وبشكل طبيعي للسوق السوداء لتحقيق الأرباح، فعلى أي أساس تكون الملاحقة القانونية، ولماذا ما تزال السوق خارج السيطرة؟.
قاضي التحقيق المالي الأول بدمشق أحمد بلوق أوضح أن هذا النوع من الجرائم يجب أن يكون البنك المركزي طرفاً فيه، فهو يدعي بجرائم تصريف العملة والحوالات وليس القضاء بمفرده نظراً للطبيعة المالية المعقدة لتلك الجرائم، إذ يحدد البنك ضوابط تتغير كل فترة حسب حركة السوق كقرارات مجلس النقد والتسليف في تحديد المبالغ المسموح إخراجها من البلاد والتي تختلف وفقاً للظروف مثلاً.
وكشف بلوق أنه خلال العام الجاري أسس 100 دعوى صرافة وحوالات في دمشق فصل منها 45 قراراً، موضحاً أن الرقم مقبول كون القضاء يستقبل الدعاوى من ضابطة البنك المركزي والأمن الجنائي والأجهزة الأمنية ولا يؤسسها، ومن يقوم بالمضاربات أشخاص محددون لديهم الخبرة والملاءة المالية، إذ لا يمكن لأي أحد المضاربة في السوق السوداء لذلك هم قلة، وعن المشغلين لشبكات السوق السوداء ودور القضاء في ملاحقتهم بيّن بلوق أن الكثير من الشبكات يبقى اسم مشغلها بعيداً عن التداول إذ يلقى القبض على من يقوم بالتصريف ويعترف على اسم قد يكون وهميا أو لقبا فقط، وهنا دور الأمن الجنائي وضابطة المركزي في ملاحقة هذه السلاسل.
أما عن مكاتب الحوالات غير المرخصة فقد بيّن بلوق أن القضاء استقبل 60 دعوى منذ بداية العام فصل منها 20 دعوى، حيث وضع القانون شروطا لطبيعة تحويل الأموال وترخيص شركات التحويل، إلا أن طبيعة عمل مكاتب الحوالات المخالفة مختلفة، لأنها جريمة متنقلة وبعيدة وصعب إلقاء القبض، باعتبار أن قسم من الشبكة يكون خارج البلاد، فجرم الصرافة يلقى القبض عليه بالجرم المشهود، أما جرم الحوالات معقد كإرسال الأموال في سلاسل متقطعة تبدأ من الخراج وتنتهي بالتحويل بين المحافظات.
كما اعتبر قاضي التحقيق المالي الأول أن أهمية ضبط عمليات تحويل الأموال ازدادت بعد انتشار الإرهاب في جميع دول العالم حتى لا تعبر النقود لتمويل جماعات إرهابية، وفي سورية وبعد أن كان القانون 24 لعام 2006ينظم الحوالات والصرافة بشروط بسيطة فرضت ظروف الأزمة والضغط على الاقتصاد والحصار والتلاعب بسعر الصرف من قبل السوق السوداء تعديل القانون وتشديد الشروط والعقوبات، وكان آخر تعديل هو القانون 18 لعام 2013 فأصبحت العقوبة جنائية الوصف بعد أن كانت جنحوية وارتفعت الغرامات مع مصادرة الأموال، وكان الوصف الجنحوي للعقوبة قبل الأزمة أكثر منطقية “حينها” ويوائم جميع دول العالم، ولم نشهد كما اليوم تصريفا في السوق السوداء لأن الفرق بينها وبين المركزي “قرش “واحد في بعض الأحيان، أما اليوم فقد اضطرت الظروف المشرع لتشديد العقوبة، وهو ما اعتبره بلوق إيجابياً، مشجعاً على استمراره وزيادة العقوبة حتى استقرار الوضع الاقتصادي.
ونص القانون أنه من يزاول مهنة الصرافة دون ترخيص يعاقب بالاعتقال المؤقت لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات ومصادرة المبالغ المضبوطة نقداً وأي مبالغ مدونة في القيود الورقية أو الإلكترونية والإسناد والأوراق التي تحمل قيمة مالية وبغرامة مقدارها ثلاثة أمثال المبالغ المصادرة على ألا تقل عن خمسة ملايين ليرة سورية. فيما تتراوح عقوبة نقل الأموال من 3- 15 سنة ومصادرة المبالغ نقداً وبغرامة ثلاثة أمثال المبالغ المصادرة شريطة ألا تقل عن 5 ملايين ليرة.
وبيّن بلوق أن مرحلة التحقيق أقل فترة في المحاكمة فإذا كان الشخص موقوفا تفصل الدعوى في 15- 20 يوماً، أما إن كان غير موقوف ولم يتسن إلقاء القبض عليه لأي سبب تؤخر إجراءات الفصل لحد3 أشهر لحين استكمال إجراءات التحقيق.