تونس.. بدء الترشّح للبرلمان
فتحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أبواب فروعها في كامل أنحاء البلاد لتلقي أوراق الترشح للانتخابات التشريعية المقررة في السادس من تشرين الأول المقبل. وتستمر عملية التسجيل حتى السادس من آب المقبل، في وقت احتدّ فيه النقاش بشأن مآل التعديلات الجديدة التي أقرّها البرلمان على القانون الانتخابي منذ يوم 18 حزيران الماضي، ورفض الرئيس الباجي قايد السبسي التوقيع عليها.
وتفرض التعديلات المثيرة للجدل قيوداً جديدة على المرشحين، من بينها منع كل المستفيدين من الإشهار السياسي من الترشّح. وعملياً يمكن أن تمهّد هذه التعديلات إلى إقصاء مرشحين بعينهم، أبرزهم رجل الأعمال نبيل القروي مالك قناة “نسمة” الخاصة، وعبير موسي الأمينة العامة للحزب الدستوري الحر.
وتصدّر الأول بمعيّة حزبه الناشئ “قلب تونس” استطلاعات الرأي لنوايا التصويت إلى الرئاسية والتشريعية على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة، بينما جاءت عبير موسي وحزبها في المرتبة الثالثة.
وإذا ما ترسّخت هذه النتائج في الانتخابات فإنها ستهدّد بقلب المشهد السياسي الحالي رأساً على عقب، على حساب الأحزاب التقليدية في الحكم مثل “حركة نداء تونس” و”حركة تحيا تونس” و”حركة النهضة”.
وقال حزب حركة “تحيا تونس”، الذي يرأسه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، عقب اجتماع طارئ له: إن “عدم ختم الرئيس لقانون الانتخابات يعدّ خرقاً لأحكام الدستور وسابقة خطيرة تهدّد مسار الانتقال الديمقراطي واستقرار مؤسسات الدولة”.
ودعا الحزب باقي الأحزاب الوطنية إلى اتخاذ موقف موحّد لحماية “مؤسسات الدولة”، كما أعلن عن إبقاء اجتماع هيئته السياسية مفتوحاً لمتابعة تطورات الموقف.
وقال رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في تونس نبيل بفون: “كلّ مكاتبنا مستعدّة لتلقّي التّرشيحات للانتخابات التشريعيّة”، وأشار إلى أنّ عدم إصدار القانون الانتخابي المنقَّح “لن ينتج عنه أيّ ارتباك” فيما يتعلّق بإجراء الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة المقبلة، إذ “سيتمّ تطبيق القانون الانتخابي القديم”.
وكان نور الدين بن تيشة مستشار الرئيس التونسي كشف أن الرئيس رفض ختم القانون الانتخابي الجديد بعد إدخال تعديلات عليه، قائلاً: إن القانون تسبّب في خلافات حادة بين الأطياف السياسية في تونس وإن بعض الأحزاب والشخصيات تعتبره قانوناً مكرّساً للإقصاء، وأوضح أن الرئيس عارض في السابق قانون إقصاء التجمعيين، لذلك فهو يرفض اليوم التوقيع على قانون يقصي بعض الشخصيات من الانتخابات، وأضاف: إن القانون سيدخل بلبلة في المشهد السياسي قبل أشهر من الانتخابات التي ستجرى في موعدها، مشيراً إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل وهو أكبر منظمة عمالية في تونس عبّر عن رفضه تنقيح القانون الانتخابي.
وتفرض التعديلات شروطاً جديدة على المرشّحين، بينها عدم توزيع مساعدات مباشرة على المواطنين وعدم الاستفادة من “الدعاية السياسية”.
وقد عارض نحو خمسين نائباً التعديلات، معتبرين أنه يستحيل تعديل عملية انتخابية جارية، وقدّموا طعناً أمام “الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين”، لكن الهيئة رفضت الطعن وأبلغت الرئيس بقرارها، حسبما أعلن أمينها العام حيدر بن عمر.
ولدى الرئيس مهلة خمسة أيام لردّ الطعن وإعادة التعديلات إلى البرلمان، وإلا فعليه في غضون تسعة أيام أن يصدّق على رد الطعن وتوقيع القانون الانتخابي بنسخته المعدّلة.
وتمارس الهيئة المؤقتة صلاحيات المحكمة الدستورية لعدم اتّفاق الأحزاب الكبرى على تشكيلتها منذ عام 2011.
ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في 6 تشرين الأول على أن تليها في 17 تشرين الثاني الانتخابات الرئاسية.
وتعرّض الرئيس التونسي في 27 حزيران لوعكة صحية أبقته في المستشفى حتى الأول من تموز.
وأعلن السبسي البالغ 92 عاماً عدم ترشحه لولاية ثانية.
ومن المنتظر أن يؤدّي رفض الرئيس توقيع ختم القانون الانتخابي إلى أزمة سياسية حادة في تونس، وخاصة أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد والنواب المؤيدين له إضافة إلى حزبه “تحيا تونس” كانوا وراء فرض هذه التعديلات لإقصاء قطب الإعلام نبيل القروي الذي منحته استطلاعات الرأي المراتب الأولى.