روسيا تدعو لإنشاء منظمة للأمن في الخليج إيران: مستعدون للحوار لكننا نرفض الاستسلام
يبدو أن تصريحات الغرب تجاه إيران مختلف عما يحصل على أرض الواقع، وفيما تعلن بريطانيا عبر وسائل الإعلام رفضها الاحتكام إلى الدبلوماسية والحوار، كشف مدير مكتب قائد الثورة في إيران أن لندن أرسلت مبعوثاً من أجل حل مشكلة الناقلة المحتجزة، في وقت دعت موسكو الأطراف في الخليج إلى الحوار لحل كل المشاكل العالقة على جانبيه، ليكون رد طهران واضحاً على لسان رئيسها نحن مع المفاوضات العادلة والبعيدة عن التهديد والوعيد.
فقد أكد رئيس مكتب قائد الثورة الإسلامية في إيران محمد محمدي كلبايكاني أن البريطانيين أرسلوا وسطاء إلى إيران للإفراج عن ناقلتهم المخالفة المحتجزة، وقال كلبايكاني: إن الحرس الثوري الإيراني مرّغ رأس لندن في التراب من خلال توقيف ناقلة النفط البريطانية، مضيفاً إن الدولة التي كانت تعين في إيران المحامي والوزير بلغ بها الأمر اليوم إلى أن ترسل وسطاء، وتتوسل لإطلاق سراح ناقلتها.
الرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد أن الحكومة الإيرانية لم تفوت فرصة التفاوض ولن تفوتها، ولكن بشكل عادل وقانوني يحفظ الكرامة، وقال: إنني مستعد للحوار العادل والقانوني في ظل العزة والكرامة بهدف حل المشاكل والخلافات، ولكنني أرفض الاستسلام رفضاً قاطعاً تحت مسمى الحوار، وتابع: إن الاتفاق النووي يشكّل عبئاً ثقيلاً على الصهاينة والدول الرجعية في المنطقة، وفي هذا السياق أعلن النظام السعودي والكيان الصهيوني مؤخراً أنهم لعبوا دوراً في انسحاب أمريكا من الاتفاق، كما أن المتطرفين داخل أمريكا كان لهم تأثير كبير في هذا الشأن.
وشدد الرئيس الإيراني على أن الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على بلاده هو السبب الرئيسي في خفض طهران لالتزاماتها ضمن الاتفاق الموقّع مع القوى الدولية عام 2015.
وقال روحاني: لأننا استطعنا بيع النفط بالقدر الذي نحتاجه، فقد تعاملنا مع مسألة الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي باستراتيجية، ولكن منذ فرض العقوبات الجديدة على قطاعنا النفطي أصبحت هناك ظروف جديدة للرد، لذلك اتخذنا خطوات جديدة قطعية في مسألة تقليص خطواتنا في الاتفاق النووي، ومنحنا فرصة 60 يوماً لأعضاء الاتفاق المتبقين للالتزام بتعهداتهم، وأشار روحاني إلى أن الخليج ومضيق هرمز ليسا مكاناً للمزاح أو التلاعب بالقواعد الدولية للملاحة البحرية، موضحاً أن الحرس الثوري الإيراني احتجز ناقلة النفط البريطانية بكل شجاعة وقوة وعلى كل العالم أن يقدّم الشكر للحرس لتوفيره أمن الخليج.
ولفت روحاني إلى أنه إذا اخترقت الطائرات الأميركية المسيّرة مجالنا الجوي مجدداً، فستلقى الرد ذاته في إشارة إلى إسقاط طائرة تجسس أميركية مسيّرة من قبل الدفاع الجوي الإيراني في حزيران الماضي بعد اختراقها مجال إيران الجوي في محافظة هرمزكان جنوب البلاد.
إلى ذلك، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أنه من غير الممكن إخضاع إيران وشعبها عن طريق التلويح بشبح الحرب، وقال: إن هدف أمريكا من فرض ضغوط قصوى على إيران هو إضعاف طاقة الشعب الإيراني على التحمل وإثارة البلبلة الداخلية، ولكن هذا الشعب أفشل مخططات الأعداء من خلال صموده، وشدد شمخاني على أن محاولة الحوار مع طرف لم يلتزم بأي من تعهداته حماقة ودليل على الضعف والعجز، منوهاً بنجاح السياسات التنفيذية في البلاد عبر تفعيل الطاقات والإمكانات الموجودة لبناء استراتيجية الصمود الفاعل، معتبراً أن تطبيق هذه السياسات مكّن إيران من تغيير معادلات القوة في المنطقة بشكل كامل.
مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي شدد على أن إيران لن تسمح بعرقلة الملاحة البحرية في منطقة الخليج، وستواصل تصدير النفط مهما كانت الظروف، وقال خلال لقائه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في باريس، حيث سلّمه رسالة خطية من الرئيس حسن روحاني لنظيره ايمانويل ماكرون إلى أهمية استقرار منطقة الخليج بالنسبة لإيران التي ستبذل قصارى جهدها لضمان أمن هذه المنطقة وخاصة مضيق هرمز.
ولفت عراقجي إلى أن بلاده وضعت على جدول أعمالها تقليص تعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي استناداً إلى حقوقها ضمنه، مشدداً على أن القنوات الدبلوماسية مازالت مفتوحة للتباحث بهذا الخصوص، مبيناً أن الولايات المتحدة مستمرة باستهداف الشعب الإيراني بإجراءات الحظر غير المشروعة وغير العادلة، ومضيفاً إننا نتوقع من أوروبا أن تتخذ موقفاً واضحاً في معارضة السياسة الأمريكية بشأن تصفير مبيعات النفط الإيراني والتي تتم متابعتها في إطار استراتيجية الضغط القصوى.
روسيا التي تعمل على نزع فتيل الأزمة، دعت دول منطقة الخليج إلى اعتماد التفاوض كسبيل وحيد لحل الخلافات، والابتعاد عن التهديد باستخدام القوة. وقالت الخارجية الروسية في بيان: إنه وخلال اجتماع عقده المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف مع ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى موسكو تم عرض مقترحات روسيا بشأن سبل إحلال الاستقرار في منطقة الخليج عبر إنشاء نظام لضمان الأمن الجماعي الإقليمي، وبناء الثقة بين دولها، والحفاظ على الاستقرار، وأشارت المقترحات إلى ضرورة تأكيد دول المنطقة والأطراف الخارجية على التزاماتها الدولية وتحديداً التخلي عن استخدام القوة في حل المسائل الخلافية، واحترام سيادة دول المنطقة وسلامة أراضيها، والالتزام بمبدأ تسوية الخلافات بشأن ترسيم الحدود عن طريق التفاوض أو غيره من الوسائل السلمية بشكل حصري.
كما دعت إلى أن تأخذ دول المنطقة على عاتقها التزامات متبادلة متعلقة بالشفافية في المجال العسكري وبينها الحوار بشأن العقائد العسكرية، واجتماعات لوزراء دفاع الدول الإقليمية، وإقامة خطوط ساخنة، وتبادل الإخطارات بصورة مسبقة حول إجراء التدريبات، وطلعات الطيران العسكري، وتبادل المراقبين، وعدم نشر قوات لدول من خارج المنطقة على أساس دائم على أراضي دول الخليج، وتبادل المعلومات بشأن القوات المسلحة وشراء الأسلحة.
وبحسب الخارجية الروسية يتمثّل الغرض الرئيس على الأمد البعيد من هذه المقترحات في إنشاء منظمة للأمن والتعاون بالخليج تشمل الدول الإقليمية وروسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند وغيرها من الأطراف الدولية المعنية بصفة مراقبين.
من جانبه أكد وزير الخارجية الفرنسي أن بلاده تسعى لخفض حدة التوترات الراهنة في منطقة الخليج والحفاظ على الاتفاق النووي وتنفيذه، وستواصل مساعيها في هذا المجال.