دستور تخطيطي
شكّل الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي ومازال أداة حيوية في إنجاز وتحقيق تنمية متوازنة، تعي المسائل الوطنية الكلية وتحدّد أبرز محدّدات التنمية الوطنية لتأمين استدامة الموارد المستنبطة والفرص التي من شأنها تعزيز التنمية الوطنية عبر إدارة واعية للحيّز المكاني، ولاسيما إذا أخذنا بالاعتبار أن هذا الإطار يتناول مسائل التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية وينحو بالاستثمارات الحكومية نحو نموذج أكثر عدالة.
لاشك أن مشروع الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي يمثل –كما يتفق المختصون- الوثيقة الأكثر استراتيجية على مستوى التخطيط الوطني المكاني بعدما انتهت الهيئة الوطنية للتخطيط الإقليمي من إعداد المسودة النهائية له منذ عام 2012 وتضمن 9 فصول.
بسبب ظروف الحرب التي فرضت تغييرات مكانية واقتصادية واجتماعية بجوانبها المختلفة، كان هناك ضرورة لمراجعة هذا الإطار وبالتالي الحاجة إلى تعديل بعض التوجهات التخطيطية، التي يجب أن تعي المسائل الوطنية الكلية وتراعي الاعتبارات الناجمة عن تموضع سورية الجيوسياسي وعلاقة سورية مع دول الجوار.
والجدير الذي لا يمكن القفز فوقه أن أبرز محدّدات التنمية الوطنية هو الإطار الوطني للعلاقة الإقليمية وفق رؤية البحار الخمسة وعلاقتها مع دول الجوار، وأهداف الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي وتجديد الأقاليم التخطيطية السورية وروابط سورية فوق الإقليمية للمياه والنقل والطاقة، هذا عدا الاعتبارات الاقتصادية المؤثرة في التنمية المكانية وإدارة الموارد الطبيعية والإدارة المتكاملة للتراث الطبيعي والثقافي.
اليوم هيئة التخطيط الإقليمي تكون قد أنجزت دراسة الخارطة الوطنية للسكن والإسكان كتحول جذريّ في استحقاقات ما بعد الحرب، والعبرة كانت بتضمن مقترحات التجمعات العمرانية المستقبلية، مع وضع تصور لإعادة المناطق المتضرّرة بصورة تتلاءم مع توجهات الإطار الوطني لتحديد الحيّز المكاني المقابل للتنمية العمرانية، بما يساهم في الحفاظ على مقومات الأراضي المنتجة زراعياً ورعوياً وتحديد اتجاهات نمو المدن والبلدات، ليلعب العمران الدور المتوقع منه في عملية التنمية والرفاه الاجتماعي، مع العمل على رفع وتيرة التوعية العمرانية في مجال الإعمار.
أمام خيار كهذا يمكن التعويل على المشروع كمنظمة وطنية تضع ورشة الإعمار على الطريق المعبّد والصحيح، في وقت تشكّل قابلية التحديث حقيقة مهمّة جداً من خلال آليات متابعة ما يتمّ رصده من بيانات حول الحراك السكاني ومناطق الإعمار.. وبالتالي هل نقول: إن “دستوراً” تخطيطياً كهذا أصبح ضمانة لبقاء ملفات مشاريع البناء وسيلان اللعاب الدولي عليها في المكان والزمان الآمنين؟!.
علي بلال قاسم