أكدت بالأرقام والمؤشرات ملامح التعافي الاقتصادي وعودة البنى التنموية الأساسية.. مدير “السورية للتأمين” يكشف عن تأمين 1311 مشروعاً هندسياً قيمتها 100 مليار و1469 “الحريق” و 310 لـ”نقل البضائع” في النصف الأول لهذا العام
هناك عدد من المؤشرات الرئيسية في علم الاقتصاد، تدلّ بشكل واضح على ملامح جديدة لعودة الانتعاش والتعافي للبنى التنموية الأساسية، وتكتسب تلك المؤشرات أهميتها، وخاصة بالنسبة لدولة مثل سورية لاسيما بعد سنوات الحرب الإرهابية الثماني التي مرت بها، ولا تزال تعاني من زيادة في تبعاتها، وعلى التوازي زيادة في متطلبات مواجهة التحديات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية عامة، والتأمينية خاصة، من ارتباط الأخيرة باشتراط توافر المناخ الطبيعي من الأمن والأمان.
ولعلّ في بعض المؤشرات التأمينية الأولية، التي طالعتنا بها المؤسسة العامة السورية للتأمين، ما ينبئ بتعافٍ اقتصادي كليّ، على اعتبار قطاع التأمين هو البنية الفوقية في المنظومة الاقتصادية الكلية، ومؤسسة التأمين برأي مديرها، هي الرائدة في القطاع والذراع الحكومي الأكثر فعالية فيه، حيث يرى في الأرقام التي حقّقتها مؤسسته، ترسيخاً للدور الحكومي في تجاوز حواجز الحصار وظروف الحرب.
المهندس إياد زهرة مدير عام المؤسسة العامة السورية للتأمين، كشف وفي تصريح لـ”البعث” عن جردة حساب لنتائج عقودها الخاصة بملف التأمين الهندسي، بيَّن فيها ما وصفه بالإنجاز في حجم أعمال إعادة ترميم بنية هذا الملف، مشيراً إلى أن المؤشرات التالية ما هي إلاَّ بداية لمؤشرات في غير نوع تأميني سيتمّ الكشف عنها بشكل متلاحق، حتى تأخذ حقها من الدراسة والتقييم عند المتابعين لهذا القطاع ونموه، رغم كل الظروف الصعبة التي مرّت به شأنه شأن كل القطاعات، لكن مع خصوصية تفرده عن غيره تفرضها طبيعة ومتطلبات التأمين.
المشاريع المضمونة
وأكد زهرة وصول إجمالي عدد عقود التأمين الهندسي إلى 1311 عقداً، خلال النصف الأول من هذا العام 2019، وذلك العدد من العقود يمثل حجم المشاريع المضمونة والبالغة قيمتها 100 مليار ليرة سورية، وهي موزعة على العقود في مختلف محافظات القطر وتشمل: (الإحضارات أي مستلزمات العمل- والموقع نفسه– ومسؤولية المتعهد تجاه رب العمل المادية والجسدية)، حيث بلغ إجمالي أقساطها (البدل التأميني) التأمينية 200 مليون ليرة خلال النصف المذكور، مع العلم أن أقساط النصف الثاني عادة، تكون أكبر من أقساط النصف الأول من العام.
أولاً بـ367
ووفقاً لمدير مؤسسة التأمين، احتلت دمشق وريفها أولاً بـ 367 عقداً، واللاذقية ثانياً بـ 239 وحلب ثالثاً بـ 196 عقداً، تلتها حمص بـ 190 وطرطوس 155 وبعدها حماة 75، فالسويداء 57 ودرعا 19 وتدمر بعقد واحد فقط، لافتاً إلى اختلاف قيمة وهدف كل عقد بحسب المشروع المؤمّن عليه، منوهاً بأن شروط عقود التأمين المعمول بها في المؤسسة هي شروط دولية وبأسعار تأمين مرنة، يرتبط فيها قرار القبول بمصلحة مشتركة لأطراف التعاقد وبما يضمن حماية حقوق جميع الأطراف.
تجاوزت الـ310
أما بالنسبة لعقود تأمين نقل البضائع خلال النصف الأول، فيرى زهرة في أرقامها المحققة ترسيخاً للدور الحكومي الأهم (في تجاوز حواجز الحصار وظروف الحرب)، وهو تأمين المستلزمات الغذائية والطبية المستوردة من خلال المؤسسة العامة للحبوب ومؤسسة التجارة الخارجية، إضافة للجانب الخدمي لعقود المؤسسة العامة لنقل الطاقة الكهربائية، وعقود الشركات العاملة بمجال النفط بإيراد أقساط تجاوز الـ310 مليون ليرة، وبجاهزية كاملة مع التحضير وتقديم الشروط والأسعار لعقود ومستوردات نوعية، لإعادة تأهيل وتشغيل محطات مهمّة ضربها الإرهاب ولها أثر كبير على واقع الصناعة والصناعيين، ووثوقية التغذية الكهربائية لتلبية الاحتياجات التنموية منها.
إعادة تقييم
وبالانتقال إلى تأمين الحريق، كشف زهرة، عن قفزة لافتة في نسبة زيادة أقساط محفظة تأمينه خلال النصف الأول، مقارنة بالفترة نفسها من العام ٢٠١٨، بنسبة 155% وحجم أقساط وصل إلى 1.469 مليار ليرة سورية مقابل 944 مليون ليرة للنصف الأول من العام السابق.
زهرة أكد أن هذه الزيادة تمثل نشاطاً اقتصادياً جديداً ومنشآت عادت للعمل بعد عودة الأمان وترميم المتضرر وتوفر بنى وخدمات عملها، وأن جلّ الزيادة هو لنشاط صناعي أو خدمي، لافتاً إلى أن هذه المشاريع المؤمنة لا تزال بعيدة وبدرجات مختلفة عن القيم الحقيقية لهذه المنشآت وتجهيزاتها وهي جميعاً أصبحت بحاجة لإعادة تقييم، وبالتالي تغطية تأمينية كاملة تعوض بشكل كامل عن الأضرار التي تحصل نتيجة الحوادث المشمولة.
قلصت الفجوة
وأوضح أن الزيادة الكبيرة التي حقّقتها المؤسسة في هذه المحفظة، قلّصت الفجوة التي تسبّبت بها الحرب، وقد تحقق ذلك كنتيجة لنشاط نوعي عملت عليه (حيث كانت المؤسسة فقدت جزءاً من الأقساط الإضافية كشركة تأمين)، مع عودة الأمان للكثير من المناطق، مشيراً إلى عدم توفر الرغبة لدى الكثير من أصحاب الأعمال لشراء هذا النوع من التغطيات رغم انخفاض البدلات ورفع سقوف التغطيات لهذا النوع من التأمين؟!.
بصمت..
سواء أرضى البعض أم لم يرضهم ما تمّ عرضه، فإن ما لمسناه خلال متابعتنا لنشاط المؤسسة، أكد أنها عكفت خلال العامين الأخيرين (فيما يُشبه الورشة الصامتة)، على استدراك الفجوات التي اعترت عملها –كما كل قطاع التأمين- جرّاء الحرب على سورية، وقد استطاعت -وفقاً لأرقامها- تقليص فجوات كبيرة والارتقاء بمؤشراتها وبزمن قياسي، ولعلّ المؤشرات الجديدة هي ما حدا بالمحللين والمراقبين الاقتصاديين لاعتماد مؤشراتها كمؤشرات تعافٍ أكيدة للاقتصاد السوري.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com