الصفحة الاولىصحيفة البعث

تصرّفات أردوغان الهوجاء تعمّق الهوة بين أنقرة وبروكسل

 

 

تحديات مزدوجة يواجهها رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان على الصعيدين الداخلي والخارجي، مع اتساع قاعدة التذمر والرفض لسياساته القمعية، وتخلي حلفائه السابقين في أوروبا عنه بعد سلسلة من الأزمات الدبلوماسية التي افتعلها بنفسه بإصراره على تحقيق أطماعه وفرض هيمنته.
حلقات الأزمة السياسية والاقتصادية التي يتخبّط أردوغان في مواجهتها تتسع وتترابط أكثر، حيث تلقي تداعيات السياسة الخارجية بظلالها الثقيلة على الوضع في داخل تركيا، ليبدأ الأتراك بالشعور بوطأة ما انتجته ممارساته، ابتداء من حملته لقمع الحريات واعتقال المعارضين، وما نجم عن ذلك من حالة اقتصادية هشة، وصولاً إلى العلاقات المتدهورة مع دول الجوار الأوروبي والعقوبات الأمريكية والأوروبية المنتظرة. ففي الداخل التركي، يؤكّد محرم أينجا، المرشّح السابق لحزب الشعب الجمهوري التركي لانتخابات الرئاسة، أن أردوغان “يعمل على تمزيق وحدة الأمة التركية ما يجعله عدواً للشعب بفعل ممارساته وسياساته الخاطئة”.
وأضاف: “إن أردوغان يتعامل مع المعارضين لسياساته في الداخل التركي وكأنهم غرباء، وهذا الموقف يشكّل خطراً يهدد وحدة الأمة التركية بكل فئاتها”، وتابع: “على أردوغان أن يتخلّى عن نهجه العدائي هذا بعد أن أثبتت السنوات الأخيرة فشله ليس فقط في الداخل بل في الخارج، حيث تدخّل في سورية، ودعم المجموعات المسلحة ضد باقي فئات الشعب السوري، وكذلك الحال في ليبيا وفي مناطق أخرى أيضاً”، لافتاً إلى أن أردوغان خلق لتركيا والمنطقة ما يكفيها من المشاكل بسبب حساباته الضيّقة، وقد حان الوقت للتخلي عن هذه الحسابات التي أثبتت خطورتها على الجميع. يضاف إلى ذلك فإن علاقات أردوغان المضطربة مع أوروبا ازدادت حدة في السنوات الأخيرة على خلفية ممارسات رئيس النظام التركي، وشملت مشكلات دبلوماسية وأخرى اقتصادية أدت إلى فشل العلاقة بين الجانبين وانحراف مسارها لتصل إلى درجة فرض عقوبات أوروبية على تركيا.
صحيفة ذا إيكونوميست البريطانية رأت في تحليل لها ضمن هذا السياق أن عدم تمكن الاتحاد الأوروبي من وقف اندفاع أردوغان وتصرفاته الهوجاء “أمر محرج”، معيدة إلى الأذهان الاتفاق الذي وقّعته بروكسل مع النظام التركي بشأن الهجرة عام 2016، وابتزاز أردوغان الاتحاد الأوروبي للحصول على أموال مقابل إبقائه على المهاجرين.
الصحيفة أشارت إلى أن القضايا التي أدت إلى تدهور العلاقات بين أردوغان وبروكسل كثيرة، بما فيها التعدي التركي بعمليات الحفر من أجل التنقيب عن الغاز في مياه قبرص، حيث يشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة وقف هذه التعديات، فيما يرفض النظام التركي ذلك، مدركاً حالة الانقسام والضعف التي تعاني منها أوروبا، وعدم قدرتها على ممارسة أي سلطة تجعله يرضخ لدعواتها.
أردوغان مُصر على مواصلة أعمال التنقيب غير الشرعية عن النفط والغاز قبالة قبرص على الرغم من إعلان وزراء الخارجية الأوروبيين مؤخراً سلسلة تدابير تشمل اقتطاع 146 مليون دولار من مبالغ تابعة لصناديق أوروبية من المفترض أن تُعطى للنظام التركي عام 2020.
الرهان الذي يضعه أردوغان على صلاحياته المطلقة داخل تركيا، والتي تكفل له القمع والتحكم بكل قطاعات الدولة، خسر بشكل واضح بدليل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يحاول رئيس النظام التركي التملص من مسؤوليته عنها بإلقائه اللوم على جهات يصفها بـ “المتآمرة” عليه.
وفيما تزداد رقعة المتذمرين والمعارضين لسياساته داخل تركيا وخارجها يرى مراقبون أن أردوغان يكرر ما حدث سابقاً أيام انهيار السلطنة العثمانية، وأن أوهامه بإعادة إحياء هذه الامبراطورية دفعت بتركيا إلى حافة الانهيار.