حتى لا يكون دعم الرغيف صورياً..!
ما يدعو للاستغراب حقيقة ذلك الهدر الحاصل بمادة الخبز.. فعلى الرغم من أن فاتورة دعمها تصل إلى 380 مليار ليرة سنوياً نتيجة الفرق الحاصل بين سعر ربطة الخبز المدعومة البالغة 50 ليرة، وبين تكاليفها التي تتجاوز الـ200 ليرة، أي أن الدولة تدعم هذه المادة بنحو 150 ليرة وفقاً لتأكيدات وزير المالية، إلا أن سوء إنتاج الرغيف لا يزال سيد هذا المشهد، ويدفع كثيراً من المستهلكين إلى رمي جزء لا بأس به من هذه المادة دون استهلاكها، نظراً لعدم محافظتها على ميزاتها بحيث تكون صالحة للاستهلاك!.
الأدهى من ذلك أن بعض المناطق والمحافظات العائدة لسيطرة الدولة لا تزال تعاني من نقص هذه المادة، علماً أنه مضى أكثر من عام على عودتها، لدرجة أن نصيب الفرد في محافظة مثل درعا على سبيل المثال لا الحصر لا يتجاوز الرغيف وربع الرغيف، وذلك وفقاً لما كشفه –باختصار وبعيداً عن الخوض بالتفاصيل- تضارب البيانات الإحصائية لعدد السكان بين وزارة التجارة الداخلية والتي تقلّ عن إحصاءات المحافظة بقرابة 200 ألف نسمة!.
مع تقديرنا لدعم الحكومة لهذه المادة الإستراتيجية، إلا أن واقع إنتاجها ينتابه الكثير من الإشكاليات التي ازدادت وتيرتها خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى فقدان ألق هذا الدعم من جهة، وزيادة حدة الضغوط على الوضع المعيشي للمستهلك من جهة ثانية.
إشكاليات بدأت تخترق “الخط الأحمر” الذي خُطَّ ليحول دون الاقتراب من رفع الدعم الحكومي عن الرغيف ليبقى بمتناول الجميع خاصة الفقراء..ليبدو أن هذا “الخط” الذي حال دون رفع سعر الرغيف، لم يحل من التلاعب بمواصفاته، وكأن الأمر يشي بأنه لا ضير من عدم المبالاة بجودة أية مادة أو سعلة تستهدف الشريحة!.
هذا الوجع لا يؤلم بالطبع سوى هذه الشريحة التي يشكّل الخبز المدعوم قوام غذائها اليومي، ولا خيار أمامها سوى تناوله بغض النظر عن جودة إنتاجه، على عكس الشريحة المخملية التي لديها خيارات عدة أقلها التوجه نحو الخبز السياحي غير المدعوم.
إن دعم الرغيف أيها السادة يجب ألا ينحصر بعدم رفع سعره، بل يجب أن يتعداه إلى تحسين جودته أولاً، ما ينعكس بالنتيجة على وقف هدره بلا طائل، وثانياً توفيره بحيث يكون بمتناول من يستحق هذا الدعم، وبذلك لا يكون الأخير صورياً!.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com