موسكو عقب اجتماع فيينا: واشنطن تقوّض الاتفاق النووي
بعد محادثات اللجنة المشتركة لتطبيق الاتفاق النووي على مستوى المدراء السياسيين في فيينا، أكد نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن “الاجتماع انعقد في أجواء بنّاءة، والمناقشات كانت جيدة، لا يمكنني القول: إننا تمكّنا من حل جميع القضايا، لكن ثمة تعهدات كثيرة بالتمسك بخطة العمل الشاملة المشتركة وبفكرة الحفاظ عليها. وكل الأطراف المشاركة الباقية وفية للاتفاق”، وجدّد مع ذلك تعهد إيران بمواصلة خفض التزاماتها في إطار الاتفاق النووي، طالما لم تتم حماية مصالحها، والإيفاء بالوعود من قبل الأوروبيين.
وأشار عراقجي إلى أن الدول الأطراف فيه، روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، تعمل على وضع خطوات عملية أخرى لتجاوز العقوبات الأمريكية على إيران، وأضاف في هذا السياق: “سننظم عدة اجتماعات على مستوى الخبراء، لإيجاد حلول عملية تتيح لإيران الحصول على فائدتها من العقوبات المرفوعة عنها سابقاً. قررنا اتخاذ مزيد من الخطوات العملية في قطاعات أخرى، بينها الطاقة والتجارة”.
كما أكد عراقجي أن الاجتماع في فيينا طرح مسألة ناقلة النفط الإيرانية المحتجزة في جبل طارق منذ يوم 3 تموز، وقال: “يحق لإيران تصدير نفطها بالتوافق مع خطة العمل الشاملة المشتركة، وكل العراقيل أمام ذلك تخرق الاتفاق وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة”.
في سياق متصل، أعلنت روسيا أن الأطراف المشاركة في الصفقة أكدت تمسّكها به رغم تقويضه من قبل الولايات المتحدة، وقال مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، عبر “تويتر”:إن “هذه الجلسة أتاحت مناقشة مفصّلة للأوضاع المتعلقة بتطبيق الاتفاق بالتركيز على أبعاده النووية والاقتصادية”، وأضاف: “من الواضح أن العقوبات الأمريكية تقوّض الصفقة النووية، لكن كل الأطراف المشاركة فيها متمسّكة بالاتفاق بشكل صارم”، فيما اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن عودة إيران إلى التطبيق الكامل لالتزاماتها ضمن الاتفاق النووي أمر غير واقعي حالياً.
إلى ذلك، جدّد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي عزم إيران مواصلة خفض التزاماتها النووية ومضيها قدماً في هذا الاتجاه خطوة بعد خطوة، وقال: “إن الأميركيين والغرب على اطلاع بأننا لا نسعى لامتلاك السلاح النووي، وهم يعلمون أيضاً أننا قادرون على إنتاجه”.
وأشار إلى أنه أبلغ نواباً في مجلس الشورى الإيراني بأنه تتم إعادة مفاعل أراك للماء الثقيل بتغيير تقنيته.
في الأثناء، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن توفير أمن مستدام وحقيقي في المنطقة لن يكون ممكناً من دون دور إيران، التي تسعى دائماً لجعل بحر عمان والخليج ومضيق هرمز مساراً آمناً للملاحة البحرية الدولية، وقال، خلال استقباله في طهران وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي: “إن تواجد القوات الأجنبية هو المسبب الرئيسي للتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.. وتكمن جذور هذا التوتر والأحداث الحالية في المنطقة في انسحاب أميركا من الاتفاق النووي والاعتقادات الخاطئة لديها”، مشيراً إلى أن إيران لم ولن تكون البادئة بتصعيد التوتر مع الآخرين، بل تسعى لتطوير وتنمية المنطقة وإرساء الاستقرار والأمن فيها.
وأشار الرئيس الإيراني إلى أن احتجاز الناقلة الإيرانية غير القانوني في جبل طارق لم يجلب للبريطانيين أي فائدة، بل سبّب الضرر، مؤكداً التصدي بشكل حازم لأي خرق يضع منطقة الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان في خطر.
من جانبه دعا ابن علوي إلى بذل جهود مشتركة لإرساء الاستقرار والأمن في المنطقة رغم كل التحديات، لافتاً إلى أن منطقة الخليج تمر اليوم بأزمات مصطنعة، ولا يمكن توفير أمن مستدام وحقيقي فيها من دون إيران.
بدوره أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي أن إرسال الأوروبيين أساطيلهم إلى الخليج يحمل رسالة عدائية من شأنها مفاقمة التوتر، مجدّداً التأكيد على أن زيارة بن علوي لطهران لم تكن بمثابة وساطة، ولفت إلى أن ناقلة النفط الإيرانية تعرّضت للقرصنة مطلع الشهر الجاري، أما الناقلة البريطانية فقد احتجزتها إيران بطريقة قانونية، موضحاً أن على بريطانيا الإفراج عن الناقلة الإيرانية، وبعدها ستتخذ طهران قراراً حول الناقلة البريطانية في حال إثبات حسن النوايا.
وفي السياق نفسه، أكد رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني أن استراتيجية إيران تقوم على تعزيز الأمن في منطقة الخليج، مشدداً على أن هذا الأمن يتحقق عبر دول المنطقة دون أي تدخل خارجي، وأشار، خلال استقباله بن علوي، إلى احتجاز ناقلة النفط الإيرانية من قبل بريطانيا، وأضاف: “إن البريطانيين قرصنوا الناقلة الإيرانية.. ونحن لا نعرف ما هي المنفعة التي تعود عليهم من هذا الأمر”.
ولفت لاريجاني إلى أن إيران أمهلت فرنسا وألمانيا وبريطانيا عاماً بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي لتعويض ذلك الأمر، ولكن “للأسف لم يقم الأوروبيون خلال هذه المدة بأي إجراء، ويبدو أنهم لم يتمكّنوا أو لم يريدوا فعل شيء.. ولذلك قامت إيران بموجب الاتفاق بخطوة مماثلة بناء على مبدأ العمل بالتعهدات بالمستوى الذي تعمل به الأطراف الأخرى بتعهداتها”.