رشوة لتمرير “بريكست بلا اتفاق”!
لم يَكَد بوريس جونسون يتسلّم مقاليد رئاسة الحكومة البريطانية حتى بدأ العمل جاهداً لمحاولة إغراء الرأي العام بخطته حول بريكست، وممارسة الضغوط على الذين يريدون إسقاطه، وذلك لإدراكه حجم التحديات التي يواجهها، ولا سيما بعد الانقسامات التي خلّفتها قضية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والتي عجزت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي عن إيجاد مخرج لها.
وفي أولى تحدياته التقى جونسون، أمس، في إدنبورغ رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن -التي أبدت معارضة شديدة لخطط جونسون- للدفاع عن خططه بشأن إخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي. قبيل اللقاء، شدّدت ستيرجن على أنها ستتحدى جونسون، قائلةً: “الشعب الاسكتلندي لم يصوت لصالح حكومة المحافظين هذه ورئيس الوزراء الجديد هذا، ولم يصوت لصالح بريكست وبالتأكيد لم يصوت لصالح “بريكست بلا اتفاق” الكارثي الذي يخطط له جونسون”. واتهمت حكومة لندن بتجاهل مواقف اسكتلندا على طول عملية بريكست، مؤكدةً أن جونسون شكّل حكومته من المحافظين دعاة الخط المتشدد للخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وداعيةً الاسكتلنديين إلى الوقوف صفّاً واحداً لإجبار حكومة لندن على وقف جرّ البلاد إلى كارثة.
كما يلتقي جونسون في إدنبورغ روث دافيدسون، زعيمة حزب المحافظين الاسكتلندي، وهو ثاني أكبر قوة في البرلمان الإقليمي، والتي سبق أن أعربت أيضاً عن رفضها لخطط “بريكست بلا اتفاق”.
وفي محاولة لجذب تأييد الشارع البريطاني، بما يشبه “الرشوة”، وعد جونسون باستثمارات جديدة للمناطق التي أيّدت الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016، وأنه سيكثف المفاوضات حول الاتفاقات التجارية لما بعد بريكست ويقيم مناطق حرة لتحفيز الاقتصاد.
ودعماً لمساعي جونسون، طالب وزير الخارجية دومينيك راب الاسكتلنديين بقبول إرادة المملكة المتحدة بأكملها، والتي تعكسها نتائج الاستفتاء الشعبي بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي، حسب تعبيره، وأشار إلى أن حكومة لندن تتخذ إجراءات لمساعدة جميع مناطق المملكة في التعامل مع ما سيجلبه “بريكست بلا اتفاق” إليها من تداعيات اقتصادية، وخصّصت ضمن إطار هذه المساعي 300 مليون جنيه إضافي “نحو 370 مليون دولار” لحكومة اسكتلندا.
ويعارض عدد كبير من أعضاء البرلمان البريطاني “بريكست بلا اتفاق” وقد يحاولون إطاحة حكومة جونسون لمنع حدوث ذلك، فيما يطالب جونسون جميع أعضاء حكومته بدعم خططه لتعليق عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من 31 تشرين الأول المقبل، بغضّ النظر عمّا إذا كانت لندن ستتوصل إلى اتفاق بشأن شروط الانسحاب مع بروكسل.
ويقول زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربين: “إنّه سيعمل بقوة على منع خروج بريطانيا من الاتحاد بدون اتفاق”، مكرّراً دعوته لإجراء استفتاء جديد، وتمسكه بإجراء الاستفتاء إن وصل حزبه إلى سدة الحكم، كما يؤكد أنه سيدرس فكرة الدعوة إلى تصويت جديد لحجب الثقة عن الحكومة بعد عودة البرلمان في أيلول.
وتشير تقارير إلى ازدياد حالة السخط داخل حزب المحافظين، حيث يواصل برلمانيون معارضون لخروج بريطانيا بدون اتفاق الضغط من أجل تجنب هذا الموقف.
ويعني خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق أنّ عليها اتّباع قواعد منظمة التجارة العالمية إذا أرادت عقد صفقات تجارية مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، كما يمكنها التفاوض بشأن اتفاقيات للتجارة الحرة.
ريناس إبراهيم