للمرة الثانية حرمان مجلس مدينة طرطوس من إعانة “المليار”.. ومشاريع مؤجلة دون نهايات تنفيذية
لماذا حرم مجلس مدينة طرطوس للمرة الثانية من إعانة المليار ليرة التي خصصتها وزارة الإدارة المحلية والبيئة للمجالس المحلية والوحدات الإدارية المختلفة في محافظة طرطوس، وتولى مجلس المحافظة توزيع وتخصيص كل وحدة بالتمويل اللازم وفق المشاريع المقدمة والمدروسة؟ ولماذا يصل الأمر إلى الشجار وتبادل الشتائم داخل المكتب التنفيذي لمجلس المدينة عند مناقشة أمور تخص الناس مباشرة؟.
لعل الإجابة عن هذه التساؤلات تكشف الحال الذي وصل إليه عمل الإدارة المحلية من ترد خدماتي مريع، وسنفهم لماذا تغيب النظافة عن شوارع وأحياء وحدائق ظلت لعقود مضرب مثل، وسنعرف السر الذي يحكم عمليات ترحيل القمامة اليومية، وغض الطرف، بل تسويغ تعديات المستثمرين، واجتياحهم الفاضح لحدود التراخيص التي تحل “بفنجان قهوة”، والحال المزري لشوارع وحدائق ومرافق وأرصفة “عاصمة” طرطوس، وسنعلم لماذا حوّلوا مدينتنا التي كانت جميلة لتكون مدينة للصفيح والأكشاك باسم أسر الشهداء والجرحى، وهم منها براء؟!.
ما سبق غيض من فيض معاناة و”تطنيش” معمّرين، وأسلوب أداء مترهل للمجالس المتعاقبة على إدارة شؤون مدينتنا التي وقفت عاجزة عن معالجة مشكلات يجري تناقلها من دورة إلى دورة حتى تعقدت وتشابكت إلى درجة كبيرة جداً، وهذا ما يجب الوقوف عنده ووضع حد له.
ولتشعّب المشكلات وتنوعها فقد اكتفينا بثلاثة عناوين لبحثها مع محمد خالد زين رئيس مجلس مدينة طرطوس لمعرفة إلى أين وصلت المعالجة فيها؟.
عقدة النجار!
تتجلى “عقدة النجار” في طرطوس في الواجهة الشرقية لكورنيش طرطوس البحري التي غدت واحدة من أعقد مشكلات مدينة طرطوس التي ولدت صغيرة عندما وضع المجلس البلدي آنئذ إشارة تنظيمية على العقارات الواقعة شرقي الكورنيش البحري لتحسين واجهة طرطوس البحرية بما يليق بمدينة بحرية عصرية مقبلة على الحياة قبل ما يقرب من نصف قرن، وكبرت المشكلة مع الزمن تحت ضغط نافذين كبار، وأصحاب مصالح وغايات في النفوس، وتجار بناء وعقارات، ومتعهدي بناء، ومقاولين، ومتدخلين، ومتواطئين، حتى بدأ العديد من المباني بالتداعي والتصدع والسقوط على رؤوس ساكنيها، عدا عن تململ أصحابها، ودفعهم للرحيل من الحال الذي وصلت إليه بيوتهم، والحالة الاجتماعية الجديدة الطارئة بفعل زيادة عديد العائلات والورثة، وما إلى ذلك؟!.
ورغم تعاقب العديد من المجالس المحلية، والمحافظين، والوزراء، والحكومات التي اعتلى موضوع الواجهة الشرقية للكورنيش البحري بطرطوس قائمة أجنداتها، ولكن دون أدنى نتيجة تذكر، حتى تمكن المجلس ما قبل الحالي من الوصول إلى فكرة حل، وهذا هو فحوى سؤالنا لرئيس مجلس مدينة طرطوس: لماذا التلكؤ بتنفيذ مقترحات الأهالي التي قدمت لكم كمجلس مدينة؟ وما هي آخر الإجراءات بهذا الاتجاه؟ وهل من حلول قريبة؟ وماذا حل بلجنة جامعة تشرين، بخصوص الدراسة التي تأخرت؟.
يقول رئيس المجلس: بعد تجميد الترخيص على الواجهة البحرية المطلة على البحر بعمق يصل لمئة متر بقرار وزارة الإسكان والمرافق عام 1976بغاية إيجاد واجهة بحرية سياحية مميزة لمدينة طرطوس، ليصدر بعدها المخطط التنظيمي للكورنيش البحري بقسميه الغربي والشرقي في 29/5/1988، تعذر تنفيذه بسبب اشتراطاته، وطبيعته، وتداخل وتعدد العقارات القائمة، حيث فرض المخطط تحقيق مساحات كبيرة للمقاسم المراد إقامة منشآت عليها تتراوح بين 2000 و 4000 م2، وكل مقسم يتألف من عدد كبير من العقارات الخاصة يصل أحياناً إلى 20 عقاراً، علماً أن مساحة العقارات تتراوح بين الـ 50 و 300 م2، وهي عقارات خاصة مملوكة من قبل عدد كبير من المواطنين، إضافة إلى أن المخطط تضمن عدداً محدوداً من المنشآت كالفنادق، ومجمعات تجارية تبنى بعامل استثمار صغير نسبياً، ومواقف سيارات بمساحات كبيرة، وساحات، وحدائق، وممرات، ما يفوت على المواطنين مالكي العقارات الاستفادة من عقاراتهم، لاسيما أنه كان من المتعذر التعويض عليهم بشكل عادل بحسب قانون الاستملاك النافذ، والملاحظات العديدة على المخطط التنظيمي المصدق عام 1988، فتم تعديل المخطط التنظيمي سعياً لإيجاد واجهة سياحية بحرية مميزة للمدينة تكون نقطة جذب، وحلاً لمشكلة العقارات الخاصة ذات المساحات الصغيرة إلى أقصى درجة ممكنة، مع الحفاظ على الحدود الفنية اللازمة للتنظيم، وبما يتناسب مع التطور العمراني للمدينة، وصدر المخطط المعدل للمقاسم المطلة على الواجهة الشرقية للكورنيش البحري بتاريخ 30/4/2006 متضمناً تعديلات جوهرية، أهمها وقوع جميع العقارات المطلة على البحر ضمن كتل بناء تنظيمية عددها 28 مقسماً تنظيمياً، وتتراوح مساحة البلوكات التنظيمية بين 900 و 2500 م2، أغلبها محاط بأربعة شوارع، وهي قائمة عملياً، كما تم إعطاء عامل استثمار /5/ للأبنية التي ستشاد، وهو عامل استثمار كبير نسبياً، مع السماح بالاستخدام التجاري، والسياحي، والمكاتب، وتم إعطاء عامل استثمار تشجيعي 10% يضاف إلى عامل الاستثمار في حال إشادة منشأة سياحية، والحفاظ على الشارع التنظيمي الواقع شرق الكتل الممتدة من شارع الطلائع حتى فندق طرطوس الكبير، بعرض /12/ م، ويكتسح العديد من العقارات العائدة ملكيتها لمجلس المدينة، وتشكّل واجهة لبعض المقاسم التنظيمية التي ستحدث، وأن السبب الرئيسي في عدم تقدم المالكين بطلبات ترخيص بالبناء يتمثّل بأن أغلب المقاسم التنظيمية تتألف من عدة عقارات وأجزاء عقارات بملكيات متعددة يجب دمجها، وتوحيدها، ومعالجة الفضلات، لتحقق العقارات بمجموعها المقسم التنظيمي المطلوب للحصول على رخصة البناء وفق نظام ضابطة البناء المصدق المعمول به، وتمت مخاطبة السيد رئيس مجلس الوزراء بمذكرة متكاملة وشاملة تتضمن الحل التنظيمي، والفني، والقانوني، والاجتماعي لمشكلة الواجهة الشرقية وفق التنظيم المصدق عام 2006.
ويقول “زين”: لقد تم التعاقد مع جامعة تشرين عام 2018 لإعداد دراسة تنظيمية متكاملة للواجهة الشرقية للكورنيش البحري، ومنح أمر المباشرة في عام 2018، وسيتم تدقيق الدراسة من لجنة تدقيق وفق ما نص عليه العقد، ومدة العقد 45 يوماً من تاريخ أمر المباشرة، إذ تقوم الإدارة بإعطاء أمر مباشرة لكل مرحلة بعد اعتمادها، بحيث تراعي مساحات المقاسم الناتجة عن الدراسة حدود ملكيات المواطنين، وفك التشابك الموجود بين الملكيات قدر الإمكان، بما يضمن إنتاج أبنية وفق المواصفات العمرانية الحديثة، وشكّلت لجنة إشراف للعقد بعد تعديلها عام 2019، ونظمت أكثر من جلسة بين اللجنة المنظّمة والجهة الدارسة لتوضيح العمل المطلوب إنجازه، وحالياً تقوم الجهة الدارسة بإعداد الدراسة مع مذكرة تفسيرية حول التنظيم المزمع اقتراحه مع المخططات اللازمة، وأي مقترح يعتمد بنتيجة دراسة الجامعة من قبل لجنة الإشراف سيعرض على مجلس المدينة لاستكمال إجراءاته وفق أحكام المرسوم /5/ لعام 1982 وتعديلاته.
مشروع جونادا السياحي
هو واحد من “السقطات” الكبيرة لمجلس المدينة الذي قدم لمستثمري مشروع جونادا السياحي “انترادوس” على الكورنيش البحري لمدينة طرطوس كل شيء دون أي مقابل بذرائع ملتوية تحمل في طياتها قصص فساد غير معلن أو واضح ضمن تفاهمات خفية، ورضى رسمي مبطن عن حقوق المدينة المهضومة، والغريب أن غالبية الوفود الرسمية التي تؤم المحافظة لا يحلو لها النزول إلا في ربوع منتجع جونادا ، وهم يعرفون خفايا وخبايا ومشكلات المشروع في كوميديا سوداء قل مثيلها؟!.
وبسؤالنا لرئيس مجلس مدينة طرطوس عن الإجراءات فيما يتعلق بتسديد التزامات المدينة المالية؟ ولماذا لم يعقد اجتماع الهيئة العامة لتاريخه؟ وما هو رأي المدينة بالبيوع التي تمت دون علم صاحب “الدار” من قبل المستثمرين؟ قال: منذ أن عقدت ورشة العمل الخاصة بالمشروع برعاية وزارة السياحة، وحضور المعنيين في المدينة والشركة نهاية عام 2016، تمت التوصية بضرورة تحويل سلفة مالية لحساب مدينة طرطوس، حيث تعهد السيد رئيس مجلس إدارة الشركة، /ممثّل الفريق الثاني/، بعدة اجتماعات وزارية بتحويل سلفة مقدارها /50/ مليون ليرة، وطالب ممثّلو المدينة في مجلس الإدارة بضرورة تحويل السلفة في اجتماعات مجلس الإدارة، ولتاريخه لم يلتزم الفريق الثاني دفع السلفة؟!.
ومنذ أن تم توفيق أوضاع الشركة نهاية عام 2018 تضمن النظام الأساسي عقد هيئة عامة عادية خلال /120/ يوماً من بداية الـ 2019، وطالب ممثّلو المدينة في جلسات مجلس الإدارة المتعاقبة بضرورة عقد هيئة عامة، وبعد مضي /120/ يوماً وجهنا كتاباً لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن طريق المحافظ وفق المرسوم /29/ لعام 2011 الخاص بعمل الشركات لعقد هيئة عامة لشركة انترادوس /جونادا/، والمدينة اليوم تنتظر إجراءات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك؟!.
وفيما يخص البيوع التي تمت يقول رئيس مجلس المدينة: إنها عبارة عن عقود إيجار طويلة الأمد تمت بين رئيس مجلس إدارة الشركة /ممثّل الفريق الثاني بالشركة/، والقطاع الخاص، وخاطبت المدينة الفريق الثاني للشركة بضرورة تسجيل العقود في سجلات الشركة وفق ما تضمنه المرسوم /29/ لعام 2011 الخاص بعمل تلك الشركات؟!.
سوق الحرف والمهن اليدوية
حول سوق الحرف والمهن اليدوية التقليدية في نفق الطلائع على الكورنيش البحري، وأين وصلت إجراءات مدينة طرطوس بتسليم السوق لاتحاد الحرفيين، وأسباب التأخير؟ أوضح “الزين” بأن المدينة أبرمت عقداً مع فرع البناء والتعمير بقيمة تتجاوز 24 مليون ليرة، وتم استلام أعمال العقد دون تصديق المحضر من قبل الشركة لعدم قبول الملاحظات الواردة في المحضر، ومراسلات الإدارة بخصوص الأعمال المنجزة، فتم تشكيل لجنة بتاريخ 7/10/2018 من المحافظة والخدمات الفنية خلصت لمحضر تم قبوله وبوشر بتنفيذ بنوده في 5/6/2019، ولاتزال الأعمال جارية، وسيتم الانتهاء منها بتاريخ 20/6/2019، ويفترض أن تكون انتهت، حيث شكّلت لجنة من المدينة لجرد الأعمال، والإضافة العقدية وغير العقدية المنفذة لتصفية حقوق الشركة، وفيما يتعلق باستثمار الموقع فقد تقدم اتحاد الحرفيين بطرطوس بتاريخ 28/8/2014 بطلب الموافقة لتأمين سوق دائم للمهن اليدوية في الموقع المذكور، وموافقة المدينة بتاريخ 2/8/2015 عن طريق التراضي، وتصديق دفتر الشروط بعد تعديل مدة الاستثمار إلى 15 سنة، وتحديد البدل السنوي وفق لجنة القرار /1426/ للسنوات الثلاث الأولى، ويزداد بدل الاستثمار بمعدل /10%/ للسنوات الثلاث الثانية، و/20%/ للسنوات المتبقية، وبذلك يكون البدل النقدي للمحلات الـ 19 الموجودة مليوناً و900 ألف ليرة سنوياً، وباعتراض اتحاد الحرفيين عن طريق المحافظ على قيمة البدل تم تخفيضه ليصبح 3000 ليرة لكل م2/السنة وفق الحد الأدنى لبدلات إشغال الأملاك البحرية وفق قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 24/م.و تاريخ 2/4/2018.
من جانبه أفادنا منذر رمضان رئيس مكتب الثقافة والإعلام والنشر باتحاد حرفيي طرطوس بأن هدف الاتحاد رعاية وحفظ التراث من خلال إحداث سوق خاص بالحرف اليدوية، والتراثية، والتقليدية، ليكون بمثابة معرض دائم يساهم في ترويج ما ينتجه الحرفيون، وبالمتابعة حصلنا على قرار مجلس مدينة طرطوس عام 2015 بتخصيص النفق ليستثمر من قبلنا كسوق لهذه المهن، وبسبب الأحداث تأخر التنفيذ، ونتجه الآن لإبرام عقد مع بلدية طرطوس خلال فترة قريبة ريثما يتم تأهيل السوق الذي انتهى في العشرين من الشهر الماضي، ولن تكون هناك عوائق أخرى، وسنبدأ عملنا بإكسائه بما يتلاءم وقيمته الثقافية، وإلباسه الطابع التراثي، آملين أن تسير الأمور نحو نجاح المشروع ليكون بمثابة بداية لمشروع إنشاء حاضنة للتدريب على يد خبراء متمرسين من الحرفيين لكافة شرائح المجتمع السوري.
وائل علي