عنصرية ترامب تتكثّف قبيل الانتخابات الرئاسية!
يستخدم دونالد ترامب أسلوباً قديماً اعتاد ممارسته، منذ ظهوره على الساحة الأمريكية كرجل أعمال، وهو توظيف الانقسامات، وتسخير الخطابات العنصرية من أجل خدمة مصالحه الشخصية، دون أي مراعاة للعواقب المترتبّة على ذلك. وأصبح خطابه العنصري بعد تسلّمه الرئاسة الأمريكية أكثر وضوحاً ووقاحة، من خلال هجومه المتواصل على الأمريكيين المتحدرين من أصول مختلفة، وحملته الشرسة ضد المهاجرين.
فمع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية للعام 2020، وبعد أقل من أسبوعين على انتقادات عنصرية وجّهها لأربع نائبات ديمقراطيات من الأقليات، وجّه السبت تصريحات مماثلة إلى نائب من أصول إفريقية، ودافع عنها الأحد، الأمر الذي ردّت عليه رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، المولودة في باليتمور، منددة بـ”الهجمات العنصرية” تجاه كامينغز المدافع الكبير في الكونغرس وفي البلاد عن الحقوق المدنية والعدالة الاقتصادية.
وكتب ترامب في سلسلة تغريدات يوم السبت أن “دائرة ايلايجا كامينغز هي فوضى مثيرة للاشمئزاز موبوءة بالجرذان والقوارض. لو أنه يمضي المزيد من الوقت في بالتيمور، لكان بمقدوره ربما المساعدة على تنظيف هذا المكان شديد الخطورة والقذارة”، مضيفاً: “لا يود أي إنسان العيش فيها”.
وأثارت هذه التغريدات موجة من الانتقادات، إلا أنه دافع عن نفسه الأحد في سلسلة من التغريدات الجديدة، وكتب: “ليس من الخطأ إظهار حقيقة واضحة جداً بأن أداء رجل الكونغرس ايلايجا كامينغز كان سيئاً جداً بالنسبة لمنطقته ومدينة بالتيمور”، وتابع: “انظروا فقط الحقائق تتحدّث أفضل من الكلمات! الديمقراطيون دائماً يلعبون ورقة العنصرية، بينما هم لم يفعلوا سوى القليل جداً لسكان هذا البلد العظام من الأميركيين من أصول إفريقية”، وأضاف: “الآن وصلت البطالة إلى أدنى مستوى لها في تاريخ الولايات المتحدة، وايلايجا كامينغز فشل بشكل ذريع”.
وتواجه المدينة الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة مشكلات اجتماعية متفاقمة مع انتشار المخدرات والجريمة، وتعد من المدن الأميركية الأكثر عنفاً، إذ تسجّل معدلاً يفوق 300 جريمة قتل في السنة منذ 2015.
وقال ترامب في تغريدة أخرى: إن “بيلوسي تقوم بعمل سيئ في تمثيل منطقتها في كاليفورنيا”، وكتب: “بمناسبة الحديث عن الإخفاق الذريع، هل شاهد أحد ما يحدث لمنطقة نانسي بيلوسي في سان فرانسيسكو. لم تعد كما كانت في السابق، ويجب عمل شيء ما قبل فوات الأوان”.
وكثّف ترامب منذ بدء حملته الانتخابية من خطابات انتقد فيها منافسيه من الديمقراطيين، ووصفت بأنها خطابات تروّج لـ”الكراهية”، ما أغضب الديمقراطيين وحتى شق داخل معسكر الجمهوريين الذي ينتمي إليه.
وعرف ترامب منذ توليه منصب الرئاسة في 20 كانون الثاني 2017 بنهجه الصدامي واستفزاز منافسيه، حيث بات مؤخراً أكثر حدّة بنعت خصومه الديمقراطيين بأوصاف قاسية، ويعتقد أنه يعتمد هذا الأسلوب ضمن تكتيكات سياسية سبق أن اعتمدها في حملته الانتخابية الأولى في 2016 التي أوصلته للرئاسة، ويبدو أنه حافظ على المنطق ذاته والنهج الصدامي ذاته لاستقطاب الناخبين، عازفاً على الوتر القومي.
بالتوازي، أعلن مصدر أمريكي أن مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية دان كوتس، الذي واظب منذ تكليفه بهذا المنصب مطلع العام 2017 على معارضة سياسات ترامب في العديد من الملفات، وعلى رأسها العلاقات مع روسيا وكوريا الديمقراطية وإيران، يعتزم الاستقالة من منصبه في القريب العاجل.
وأوضح المصدر، الذي وصفته رويترز بالمطّلع، أن كوتس أبلغ ترامب الأسبوع الماضي بأنه يخطط للاستقالة في القريب العاجل من منصبه كمدير للاستخبارات الوطنية الأمريكية، وهي الإدارة التي تشرف على عمل 17 وكالة أمن مدنية وعسكرية، وأوضح أن ترامب يفكّر بتعيين جون راتكليف عضو الكونغرس الجمهوري خلفاً لكوتس، والذي قد يواجه معارضة كبيرة في مجلس الشيوخ.
من جانبها نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصدر مطلع على القضية: إنه من المتوقّع أن يغادر كوتس منصبه خلال الأيام المقبلة، فيما لم يجب مكتب كوتس على اتصالات للتعليق على هذه المعلومات.
وسبق أن أبلغ كوتس المشرعين في مجلس النواب الأمريكي أن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي الذي وقع في العام 2015، والذي أعلن ترامب تنصله منه في أيار من العام الماضي، وفي اليوم التالي لهذا التصريح وصف ترامب قادة الأجهزة الأمنية الأمريكية، ومن بينهم كوتس، في تغريدة على تويتر “بالسلبيين والسذج”، مقترحاً أنه يجب “إعادتهم إلى المدرسة”.
وشهدت إدارة ترامب أكبر عدد من الاستقالات والإقالات في تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ما يعكس حجم الخلافات داخلها، ولا سيما مع السياسة التي أنتهجها الرئيس الأمريكي، والتي اتسمت بالقرارات والإجراءات المتهورة التي اتخذها منذ توليه الحكم مطلع عام 2017، حيث أعلن عن انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ ومن منظمة اليونيسكو ومن الاتفاق النووي مع إيران، كما هدّد ترامب بالخروج من منظمة التجارة العالمية، وافتعل مؤخراً حرباً تجارية مع الكثير من دول العالم من خلال فرض الرسوم على منتجاتها وبضائعها من الصلب والألمنيوم، وغير ذلك، إلى جانب إجراءاته غير الإنسانية، وفق تأكيدات العديد من المنظمات الأمريكية، حيال المهاجرين.