وصية شهيد قادم
أبي العزيز :
مد يدك لي والتقط وشاح الوطن وبادره العناق، فالوصية تلوناها مند زمن الزباء (أبت أن تذل نفوس الكرام).. نموت ونحيا، ونحيا لنموت نحن العظماء.. هذا ما بشر به رسولنا الكريم لشهيد كربلاء، فهذه البندقية حميمتي، ووصيتي الناهضة اللاهثة التي تشهق برائحة التراب المبلل بالدماء، وبأشلاء الغربان واللحم المحترق لجيف العملاء، بحق كل اللعنات العتيقة التي تفتن أدياننا ارتداداً، وددت لو أكون كـضفائر الياسمين أتساقط على الشرفات، وأزين جدائل الحسناوات، ثم أسقط في كوب ماء لأتماهى كجرعة تكون لأمي الشفاء.
اليوم يا أبي.. جسدي مسجى بوشوم وجراح، وفي صدري خرائط محهولة الأرجاء.. لم يتبق في جعبتي سوى ألغام تدك الشوك وتبذر الحقول لتصنع الأمهات خبزاً من مزيج دم وسنابل عطاء.
إن مت يا أبي فأعلم أنني من الأحياء، وأن بعثت أنذرني للوطن فداء.. عاش حماة الديار.. لا لن يعرفوا الفناء.
أمير دمشقي