الجيـــش العربــــي الســـــوري فــــي عيــــــده الــــ 74 مـــاذا يمكـــن أن يُقـــال فيكـــم؟
يا لها من كتابة شاقة عما لا يوصف بكل الكلام، ولا يمكن تقديره لا بسطور ولا بمجلدات ضخام، فما هي قيمة كل الكلمات وبكل اللغات، تلك التي يمكن أن تُكتب عن من حملت أكتافهم السماء فلم تقع، وتادوا في الأرض أقدامهم، فتزول الدنيا ويبقون، لمن أعاروا الله والوطن جماجمهم، ومن بين أيديهم خرج النور كل النور في وجه العتمة كل العتمة، وهاهم بأياد من ورد الصخر يبددونها، فيعود عصفور الدوري لأشغال الصباح، وتشتعل الحياة في البلاد كأنها ربيع أبدي لسكانها، أولئك الموقنين والمؤمنين بكونهم لم يكن لهم أن يكونوا هنا، لولا أن هناك من يرد عنهم الموت بالموت، ولأجلهم يبتسم حتى والدماء تغطيه، وكأني به يقول بتلك الابتسامة الأنقى من كل ينابيع الأرض: لا تخافوا، عيشوا حياتكم، ربوا أولادكم، كونوا في المكاتب المكيفة صيفا، وفي البيوت الدافئة ليلا، ابنوا مؤسسات البلاد وجامعاتها، ادرسوا وكلوا وناموا والعبوا، لا تهتموا لأي شيء في الدنيا فنحن هنا.
ماهي الجمل والمفردات والمعاني والبلاغة والفصاحة والصور الشعرية والروايات العظيمة، والقصائد البديعة، التي يمكن أن يدور لأجلها خاطر الحبر، وهي تحاول أن تخلق أي أوصاف جديدة يمكن بها وصف رجالات الجيش العربي السوري، الجيش الرسولي، ذاك الذي سور البلاد بالدم، وجندل وحوش الأرض بدمائها، ولا يزال حتى اللحظة، يعمل في كل الفصول والظروف، في الجوع والعطش، في الحر والبرد ليطردهم من حماه، ولكن بروحه!
أي كلام وأي لغة وأي كاتب، قادر فعلا أن يكتب عن تلك الهامات الراسخات كما الجبال، والقباب اليانعة الخضرة، وهي تعيد تلوين الوطن بأبهى ألوانه، بعد أن ماد فيه الرمادي الخانق، وإن قلت لهم شكرا من القلب، فلن تُقابل إلا بتلك الابتسامة الودود، والأماني الطيبة بأن تكون بخير، هذا واجبنا.
هؤلاء ماذا يُقال ويكتب في حقهم في يومهم وغيره، فالأيام كل الأيام قبض أيديهم، والزمان كل الزمان، صهوة خيولهم، والكرامة كل الكرامة إلقاءهم السلام على البلاد بنشيدها الأعز “حماة الديار عليكم سلام”، ربما كانت الجملة السابقة، هي أصدق وأنبل وأحق ما يمكن قوله لهم وفيهم.
فلتصمت اللغات، ولتخرس الشاشات، ولتطفئ الإذاعات بثها، ولتنسى الجرائد تاريخ صدورها، من يكتب اليوم هو الذي قلنا له عليك السلام، فرد بدمه، وعليكم مثلما قلتم. فلتقف الساعات، وليجمد الوقت، وفي حال أراد أن يسير، فليسر حسب توقيتهم، وهذا لا يٌكتب بالأرقام ولا بالحروف، بل بالصمت وحني الهامات أمام من لم ولن يهون
بالله عليكم أنتم، ماذا يمكن أن يٌقال ويكتب ويُبث عنكم، وأنتم حتى النور يرفع لكم قبعته قبل أن يمر قرب أكتافكم؟
تمّام علي بركات