من يحاسب؟.. خسائر بالملايين وحالات ابتزاز لفلاحي الحسكة واشتباه بالتواطؤ مع التجار! عماد: الاتحاد العام للفلاحين ضغط باتجاه استلام محصول الشعير ولكن وزارة الزراعة كان لها مبرراتها؟!
دمشق– بشير فرزان
رغم خصوصية الحديث عن الواقع الزراعي في محافظة الحسكة، وذلك لاعتبارات عدة لن نخوض فيها، إلا أن ذلك لا يمنع من تناول الصعوبات والحالات المدرجة في خانة الخلل المتعمّد والتي أثّرت بشكل مباشر على الفلاحين في هذه المحافظة وتسبّبت لهم بخسائر كبيرة، وخاصة ما يتعلّق بعمليات استلام وتسويق الحبوب التي شابها العديد من حالات التقصير والإهمال، أو كما وصفها البعض في المحافظة بـ(التواطؤ) ضد مصلحة الفلاحين الذين رغم مطالباتهم آنذاك الجهات المعنية بفتح مراكز استلام جديدة في مناطق آمنة مثل الكوكب في الحسكة ومركز الطواريج في ريف القامشلي، إلا أنه تمّ الاقتصار على مركزين فقط، وهذا ما شكّل ضغطاً كبيراً على المراكز وبشكل أدى إلى فتح قنوات للابتزاز والسمسرة!.
بالوقائع!
وهنا نركز على المعلومات التي تخالف بوقائعها تصريحات الجهات المعنية حول نفيها عدم استلام الأقماح إلا بموجب “مناشئ” على ضوء المساحات المرخصة، حيث تؤكد أن بعض هذه المناشىء بيعت وبكميات كبيرة للتّجار (شهادة المنشأ التعاونية الصادرة من الجمعية الفلاحية وشهادة المنشأ الزراعي وهي الأساس)، إضافة إلى عدم تأمين حاجة الفلاحين من أكياس الخيش والتأخر في توزيعها، إذ لم يبدأ التوزيع إلا بعد مضي أسبوع من الحصاد، ما اضطر الفلاح إلى شرائها من السوق السوداء بسعر وصل إلى 1400 ليرة للكيس الواحد بدلاً من 700 ليرة وهو سعره في المركز. وعليه لابد من الإشارة إلى حالة الاشتباه بالتواطؤ مع التّجار الذين سحبوا الأكياس بالآلاف من المراكز وغمروا السوق السوداء بها!.
وطبعاً هذا الخلل في عمليات الاستلام سهّل استفحال الرشاوى التي كانت تفرض على الفلاحين لمنحهم الدور من قبل جهات متنفذة عديدة، وقد وصل المبلغ إلى 100 ألف ليرة سورية عن كل شاحنة، هذا عدا عن الابتزاز غير المسبوق من قبل سائقي الشاحنات، حيث وصلت أجرة الشاحنة إلى 400 ألف ليرة يضاف إليها (30 ألفاً يومياً عن كل يوم انتظار)، علماً أن بعض الشاحنات ونتيجة لعدم التقيّد بالدور انتظرت لأكثر من أسبوعين.
من المسؤول؟!.
والسؤال الذي لابد من طرحه هنا: من المسؤول عن خسارة أكثر من ألف شاحنة كانت متوقفة على أبواب المراكز بانتظار التسليم، خاصة وأن بعضها وصل إلى التقبين إلا أنه لم يسمح لها بالتفريغ، وهذا أدى مباشرة إلى تخفيض أسعار القمح والشعير الأمر الذي حرك شهية المتربصين من التّجار للقيام بالشراء.
رفع.. ولكن!
خطار عماد رئيس مكتب التسويق في الاتحاد العام للفلاحين، أشار عبر اتصال هاتفي به، إلى أن الاتحاد رفع مذكرة بخصوص الحبوب في محافظة الحسكة، يدعم من خلالها الفلاح وخاصة لجهة استلام محصول الشعير، حيث ضغط الاتحاد العام باتجاه استلام محصول الشعير، لكن وزارة الزراعة كان لها مبرراتها التي حدّدتها بعدم وجود مناطق تخزين للمحصول، إضافة إلى أن عملية بيعه تحتاج إلى سنوات طويلة، خاصة وأنه تم استلام 331 ألف طن بزيادة 100 ألف طن عن الكمية المقرّر استلامها وبسعر 130 ليرة.
ليربح التاجر..!
وأكد أن الاتحاد عام سعى لاستجرار كامل إنتاج الشعير، وصدر بناءً على كتب ومطالبات الاتحاد قرار فتح التصدير، لكن ذلك في رأيه وإلى حين البدء بالتصدير سيكون الفلاح في موقع استغلال بما يحقّق العائدية الربحية للتجار الذين سيشترون بأسعار منخفضة تصل إلى 80 ليرة، في حين أن سعر الدولة 130 ليرة، وهذا يعني خسائر كبيرة للفلاحين خاصة وأن الكميات تصل إلى 2مليون طن من الشعير.
راضٍ وغير راضٍ..!
وحول حالات الخلل التي ترافقت مع عملية استلام المحاصيل، أكد عماد -خلال الجولة التي قام بها على مراكز الاستلام- وجود اختناقات بعدد السيارات نظراً لقلة عدد مراكز الاستلام، فقد كان هناك 3 مراكز من أصل 43 مركزاً بعد أن أضافوا مركز الطواريج لاستلام محصول الشعير، وهذه المراكز تغطي إنتاج الحسكة وريف دير الزور والرقة وريف حلب، وفيها 3قبابين مؤتمتة. وأضاف: هذا الواقع فتح المجال أمام استغلال التّجار للفلاحين.
وعن رضى اتحاد الفلاحين عن عمليات تسويق الحبوب، لفت عماد إلى أن الاتحاد راضٍ عن عمليات تسويق الحبوب لمؤسسات ومراكز الدولة، وفي الوقت نفسه أكد عدم رضاه عما كان يجري أثناء عمليات التسليم من ممارسات تستهدف سرقة تعب الفلاحين وجهدهم وضياع المحاصيل بشكل يضرّ بالاقتصاد الوطني.
كبيرة.. ومخالف
وطبعاً هذه الوقائع والممارسات التي وقعت خلال عمليات تسليم الحبوب في مراكز الحسكة تستدعي وعلى أقل تقدير السؤال والمحاسبة والبحث في حقيقة ما جرى وتحديد المسؤوليات، سواء على الجهات الإدارية أو الزراعية (فرع مؤسسة الحبوب)، خاصة وأن الخسائر التي لحقت بالفلاحين كبيرة جداً، كما أن ما حدث يخالف تماماً توجّه الحكومة لاستلام كامل المحاصيل والحرص على عدم ضياع أي حبة قمح وشعير. فهل هناك من يُحاسب أم تسجل القضية وكالعادة في ذمة المجهول؟!.