“أكساد” واللمسات النهائية لمشروع خارطة الاستخدامات المثلى لـ 100 مليون هكتار من أراضي السودان
دمشق- البعث
نظرة استراتيجية لمستقبل التعاون والتكامل الزراعي والاستثمار فيه، ما بين سورية والسودان والحلقة العلمية البحثية (النظرية والتطبيقية) الأهم عربياً الممثلة لمنظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة (أكساد)، قضية تستحق التركيز عليها، لكونها ترتبط عضوياً بموضوع الأمن الغذائي العربي عامة والوطني خاصة، ولاسيما في ظلّ التحديات المناخية والمائية والبيئية التي أخذت بالتوضح في منطقتنا العربية.
وفي هذا الإطار وقّع وزير الزراعة المهندس أحمد القادري مع وزير الزراعة السوداني المهندس بابكر عثمان محمد علي، أمس، بحضور مدير عام “أكساد”، محضر الاجتماع الذي عُقد قبل يومين في وزارة الزراعة بين الطرفين السوري والسوداني، والذي تضمن الاتفاق على التعاون في مجال البحوث العلمية الزراعية والموارد الطبيعية ووقاية النبات، والإنتاج والصحة الحيوانية، والتبادل التجاري للمنتجات الزراعية “النباتية والحيوانية”، والتدريب في مختلف المجالات الزراعية والإرشاد الزراعي. وقد أكد القادري على أهمية هذا التعاون، منوهاً بأن هذا المحضر سيكون قاعدة لبناء مذكرة تفاهم يتمّ توقيعها مستقبلاً.
ولعلّ استثمار زيارة الوفد الزراعي السوداني برئاسة وزير الزراعة إلى سورية ولقائه نظيره السوري والمدير العام لمنظمة “أكساد”، يشكّل خطوة مهمّة في ظل الظروف الحالية التي يمرّ بها البلدان، لناحية التنسيق والتطوير والتقدم والعمل الزراعي العربي المشترك، حيث لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي يضطلع به “أكساد” في هذا المجال، وما يمكنه فعله، خاصة وأن بحوثه ومشاريعه الزراعية الواسعة الطيف، تشمل كلّ الدول العربية، وتصبّ في خدمة النهضة الزراعية العربية، انطلاقاً من سورية حيث مقر “أكساد” الدائم.
في هذا السياق، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان “مشروع خارطة الاستخدامات المثلى لـ 100 مليون هكتار من أراضي السودان” الذي ينفذه “أكساد” بالتعاون مع الجهات السودانية المعنية، مدار بحث ما بين الدكتور رفيق علي صالح مدير عام المنظمة ووزير الزراعة والغابات السوداني المهندس بابكر عثمان محمد علي.
صالح أكد استعداد “أكساد” لتطوير التعاون، سعياً للارتقاء به إلى أقصى حدّ ممكن، مبدياً حرص المنظمة على تقديم خلاصات خبراتها العلمية التطبيقية خدمة لعمليات التنمية المستدامة في السودان، مبيناً أن المشروع خاص بإعداد الخرائط التنفيذية لاستعمالات الأراضي في سبع ولايات سودانية، هي الخرطوم، والنيل، والشمالية، وكردفان، والنيل الأزرق، والنيل الأبيض، والجزيرة، بمساحة إجمالية تناهز الـ 100 مليون هكتار، بحيث تشمل الدراسات دراسة تصنيف التربة، والغطاء النباتي، والموارد المائية، والثروة الحيوانية، والاستخدام الأمثل للأراضي، وذلك بالتعاون مع الخبراء السودانيين المعنيين في مجالات الزراعة والري.
كذلك أكد أن الاجتماع خُصّص لعرض إنجازات خبراء “أكساد” خلال المرحلة الأولى من هذا المشروع العملاق، بحضور خبراء وزارتي الزراعة والموارد المائية والثروة الحيوانية في السودان، لافتاً إلى أن هذا المشروع يأتي استكمالاً لمشروع إعداد خارطة استعمالات الأراضي في الولايات الشرقية السودانية، البالغة مساحتها 53 مليون هكتار، والذي سبق أن نفذته المنظمة أيضاً.
من جانبه عبّر محمد علي عن امتنان السودان للخدمات الكبيرة التي تقدمها منظمة “أكساد” وما زالت تقدمها للمشاريع التنموية الزراعية العملاقة في السودان، وأهميتها في إقامة مشاريع استثمارية زراعية في السودان، انطلاقاً من الشقيقة سورية، رغم كل الظروف الصعبة التي مرّت بها.
الجانبان تناولا تقدم العمل في مشروع إعداد الأنموذج الرياضي للمياه الجوفية في ولايتي الشمالية ونهر النيل، الذي ينفذه المركز بالتعاون مع الجهات السودانية المعنية، كما تمّ خلال اللقاء تقديم عروض ضوئية من خبراء “أكساد” المعنيين، لتلك المشاريع الجاري تطبيقها حالياً، تضمنت تطورات كل مشروع على حدة والمشكلات التي تعترضها، وسبل حلها.
الجدير ذكره أن الوفد كان له لقاء مع وزير الزراعة والإصلاح الزراعي في سورية المهندس أحمد القادري وخبراء من وزارة الزراعة السورية، وذلك ضمن برنامج زيارة يستمر أسبوعاً، حيث يزور مختبرات وإدارات “أكساد” العلمية، وزيارة إلى محطات بحوث “أكساد” في محافظتي حمص واللاذقية، يطلع خلالها على الفعاليات العلمية التطبيقية الجارية فيها، وكذلك زيارة إلى مديرية الزراعة في محافظة اللاذقية.