اتهامات بالتواطؤ مع التجار على حساب الفلاح العوض: استلام 331 ألف طن من الشعير والتصدير أفضل الحلول وخطة واعدة للعام القادم
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مشكلة إيقاف استلام محصول الشعير بعد كل التصريحات الحكومية عن الاستعدادات باستلام كامل المحصول؛ مما فتح الباب أمام السماسرة والتجار للتحكم بالفلاح والضغط عليه وبيع المحصول بأرخص الأسعار، علماً أن الموسم الحالي كان منذ البداية مبشراً ووافراً ليكون قرار وزارة الزراعة المفاجئ بإيقاف عمليات استلام مادة الشعير “حالياً ” في كافة الفروع، بسبب “ضيق حيز التخزين”.
عكس الوعود
ويعتبر فلاحون أن القرار جاء معاكساً لكافة الوعود والتصريحات الحكومية في كل الجولات والاجتماعات على لسان الوزراء المعنيين بأن الحكومة مستعدة لاستجرار كامل المحصول من القمح أو الشعير من الفلاح، إضافة إلى أن كل المستلزمات الضرورية جاهزة من مساحات ومراكز شراء وأكياس خيش وموازنة مالية، ولاسيما أن الحكومة حددت سعر الكيلو الواحد من الشعير بـ 130 ليرة، علماً أن سعره في الأسواق يراوح بين 70 إلى 90 ليرة، ليأتي اتهام نائب رئيس اتحاد الفلاحين في دمشق وريفها عضو مجلس المحافظة زياد خالد مؤسسة الأعلاف بالوقوف وراء قرار إيقاف استلام مادة الشعير؛ مما سيفتح المجال أمام التجار للتحكم بسعر الشراء من الفلاح، وإجبار الفلاح على بيع المحصول بالسعر الذي يحدده التاجر، إضافة إلى تشكيكه في عملية تصنيف محصول القمح من الفلاح، حيث يتم تصنيفه درجة عاشرة، في الوقت الذي يصنف محصول التاجر درجة أولى كونه يدفع رشاوى على ذمته، ضارباً مثال ما يحصل في مطحنة الغزلانية، وذلك بالتعامل والتعاقد مع التجار على حساب الفلاحين أثناء استلام المحاصيل، إلا أن مدير فرع الحبوب في ريف دمشق محمد سعود وفي اتصال مع “البعث” أكد أنه عند استلام المحصول من الفلاحين لا يمكن معرفة العائدية في حال كان فلاحاً أو تاجراً، معتبراً أن التعامل مع صاحب المحصول يتم وفق شهادة المنشأ الزراعي، وبناء عليه يتم الاستلام، كما يحق للفلاح الاعتراض على التصنيف من خلال لجنة إعادة التحليل وبحضور الفلاح أو المنتج.
طاقة تخزينية
وللوقوف على تفاصيل ومنعكسات قرار إيقاف استلام مادة الشعير كان لـ”البعث” حديثاً مع مدير المؤسسة العامة للأعلاف المهندس مصعب العوض الذي أوضح أن المؤسسة لديها طاقة تخزينية محدودة من مستودعات ومساحات، وأن هذه الطاقة انخفضت بشكل كبير نتيجة الحرب، حيث خرجت طاقة تخزينية كبيرة ومراكز بيع عديدة من الخدمة جراء الاعتداءات الإرهابية وخاصة في محافظات “الرقة ودير الزور والحسكة وإدلب”، معتبراً أنه وبناء على هذه المعطيات قامت المؤسسة منذ الشهر السادس في العام الماضي، بتحديد الخطة الاستراتيجية للعام الحالي، وتحديد حاجة المؤسسة من مادة الشعير بكمية 200 ألف طن.
كشوف حسية
وحول إجراءات المؤسسة في ظل الموسم الوفير ونقص المخازن، أشار العوض إلى أن المؤسسة عملت على تأمين مستودعات وساحات إضافية من القطاع العام، كمحلج تشرين في حلب ومعمل الإطارات في حماة ومعمل البصل في السلمية ومستودعات المصرف الزراعي في خربة غزالة في درعا، إضافة إلى المتوفر في المؤسسة لتسويق أكبر كمية من مادة الشعير دعماً للفلاحين، ولاسيما أن السعر المحدد 130 ألف ليرة للطن الواحد هو سعر مشجع جداً ومحفز للفلاحين على تسليم محاصيلهم للمؤسسة، مبيناً أن المؤسسة في بداية الموسم حددت الاستلام من الفلاح حصراً وفقاً لشهادة المنشأ والترخيص الزراعي، واستلام الكميات بناء على كشوف حسية معدة من مديريات الزراعة المختصة وذلك بناء على موافقة الجهات الوصائية.
الرقم الأكبر
وكشف العوض عن قيام المؤسسة باستخدام كافة الطاقات التخزينية، واستئجار مستودعات وساحات إضافية، حيث قامت باستلام 331 ألف طن من مادة الشعير لهذا الموسم، ليكون الرقم الأكبر منذ قيام المؤسسة باستلام مادة الشعير، علماً أن هذه الكمية تكفي حاجة المؤسسة من المقننات العلفية لأكثر من عامين على الأقل، لافتاً إلى حرص المؤسسة على المال العام وعدم تخزين هذه المادة في أماكن غير مناسبة، وبالتالي إلحاق الضرر فيها بعد استلام كميات كبيرة تفوق حاجة المؤسسة، وعدم توفر أماكن تخزينية إضافية.
وعن الحلول الواجب اتخاذها من الحكومة بعد اكتفاء المؤسسة وعدم توفر أماكن تخزين، لم يخفِ العوض ضرورة فتح باب التصدير لمادة الشعير مع اتخاذ قرار من الجهات الوصائية بإيقاف استيراد مادة الشعير من الأسواق الخارجية، إضافة إلى دعم تصدير مادة الشعير بمبلغ قدره 5 ليرات للكيلو الواحد، معتبراً أن هذه الإجراءات كفيلة بمعالجة أي منعكس لإيقاف استلام مادة الشعير، إضافة إلى الحفاظ على المادة وعدم تعرضها للضرر من خلال محافظة الفلاحين على مخزونهم من مادة الشعير وخاصة إلى فترة الشتاء، حيث يشتد الطلب على المادة.
شراء ومبيع
وحول الخطة الاستراتيجية للعام القادم، بين العوض أنه تم تحديد كميات المشتريات وفق المخطط له للعام القادم، حيث تنوي المؤسسة شراء 110 آلاف طن كسبة بأنواعها المختلفة، و250 ألف طن من مادة الشعير، و450 ألف طن نخالة قمح، و50ألف طن ذرة صفراء، و25 ألف طن غرابله ولمامات ومواد أخرى ليكون مجموع المخطط له 885 ألف طن، كما تم تحديد المبيعات وفق خطة المؤسسة بـ 90 ألف طن كسبة بأنواعها، و350 ألف طن نخالة قمح، و200 ألف طن من الشعير العلفي، و50 ألف طن ذرة صفراء، و100 ألف طن جاهز أبقار حلوب، و10آلاف طن مواد أخرى، علماً أن الخطة تهدف إلى تصنيع كمية 100 ألف طن من مادة جاهز أبقار حلوب وفق الطاقة التصنيعية المتاحة من خلال معامل التصنيع العائدة للمؤسسة في دمشق وحماة وحمص وطرطوس وحلب.
تعاقد وتأهيل
ونوه العوض إلى نية المؤسسة بالانتقال من تقديم المواد العلفية كمواد أولية إلى تقديمها كمواد مصنعة حسب نوع الحيوان وحسب نوع التربية، مما يتطلب بناء معامل تصنيع المواد العلفية، حيث تمت الموافقة من قبل لجنة السياسات على السيناريو المقدم من المؤسسة لإنجاز ذلك خلال مدة عشر سنوات، وبناء عليه تمت المباشرة الفورية، حيث تم إعادة تأهيل معمل أعلاف عدرا الذي يؤمن احتياجات مربي الثروة الحيوانية من المواد العلفية المصنعة في دمشق والمنطقة الجنوبية، كما تم التعاقد مع مؤسسة الإسكان العسكري لإعادة تأهيل معمل أعلاف تل بلاط في ريف حلب الشرقي بعد تحريره من العصابات الإرهابية، ويتم العمل حالياً على إجراء تعاقد لإعادة تأهيل وتطوير معمل أعلاف كفربهم في حماة، وإعادة تأهيل مجففات الذرة الصفراء في دير حافر بحلب.
استقرار وتوازن
يشار إلى أن دور المؤسسة العامة للأعلاف يركز على التدخل الإيجابي لتحقيق وخلق حالة من الاستقرار للمواد العلفية في الأسواق المحلية من ناحية الكمية والسعر والنوعية، إضافة لتأمين الخلطات العلفية اللازمة للمنشآت العامة “مؤسسة الدواجن.. مؤسسة المباقر.. الهيئة العامة للثروة السمكية”، وتوسيع مروحة الدعم المقدم للمربين من خلال الاستمرار بافتتاح الدورات العلفية خلال سنوات الأزمة بالرغم من إجراءات الحصار الاقتصادي الجائر لتمكين الشريحة الأكبر من المربين من استلام كامل المخصصات العلفية لزوم قطعانهم، علماً أن الدورة العلفية الحالية مستمرة في معظم المحافظات، وتشمل توزيع المقنن العلفي على قطعان الثروة الحيوانية من “أغنام وماعز وأبقار وخيول وجمال وجاموس ودواجن”.
علي حسون