استكمال البرنامج الفضائي السوري بعد الانتهاء من مرحلته الأولى.. خطة طموحة لتطبيق تقنيات الاستشعار عن بعد في الإعمار.. وقريباً منظومة طيران مسير
دمشق – ميس خليل
لعل أبرز وأهم ما تضعه الهيئة العامة للاستشعار نصب أعينها في هذه المرحلة هو التحضير للدور الذي يجب أن تطلع به في مرحلة إعادة الإعمار في المجالات كافة من خلال التركيز على ما يمكن أن تقدمه تقنيات الاستشعار عن بعد في مجال التخطيط الإقليمي والعمراني، فإعادة البناء يجب أن تكون على أسس علمية ومنهجية مدروسة وصحيحة، ومن هنا يبرز دور التقانات كحلقة لا يمكن تجاوزها، فالصورة الفضائية والخرائط الغرضية المشتقة عنها بطيفها الواسع تشكل الوثيقة ذات المصداقية والأرضية التي يجب أن ينطلق منها متخذ القرار لتحديد المواقع المثلى للبنى التحتية والمنشآت العمرانية من تجمعات سكنية وصناعية وفق معايير علمية صحيحة.
الدكتور عبد المجيد الكفري المدير العام للهيئة العامة للاستشعار عن بعد أوضح في تصريح “للبعث” أن الصور الفضائية لها دور كبير في إعادة الإعمار من خلال أن الصور تكشف لنا كمية الدمار التي تعرضت لها المناطق، وتم تنفيذ العديد من الدراسات عن المناطق التي تعرضت للدمار، منها دراسة للجزء الشرقي من مدينة داريا، مشيراً إلى أن ما حققته الهيئة من خلال إنجاز محطة الاستقبال الأرضية من الأقمار الصناعية لأغراض الاستشعار عن بعد هو عامل مساعد للحصول على المعلومة باستقلالية وبالزمن الحقيقي بما يلبي احتياجاتها ومؤسسات الدولة المختلفة، ومازالت تسعى لتأمين مصادر متنوعة للحصول على الصور الفضائية المتنوعة الأمر الذي سيساعد على تنفيذ مشاريع ودراسات وأبحاث الهيئة والجهات ذات الصلة، منوهاً إلى أن المحطة الموجودة حالياً تستقبل من 3 توابع صنعية، وهناك سعي لأن نستقبل من أكثر من تابع، وفي هذا الإطار لدينا عمل جاد للاتفاق مع بعض الدول الصديقة لتزويدنا ببعض التقنيات التي تجعل المحطة تستقبل من أكثر من تابع صنعي، فالتعاون قائم حالياً بين سورية وروسيا الاتحادية والبيبلاروس، وسيكون هناك تعاون بالمستقبل مع كوريا الشمالية.
طيران مسير
مدير الهيئة ذكر أن هناك سعياً للحصول على منظومة طيران مسير، عليها مجموعة من المواسح الإلكترونية والكاميرات التي من الممكن من خلالها تصوير أي منطقة تعرضت للدمار وتقييمها، ويتم العمل لشراء هذه المنظومة بهدف المساعدة في تقييم وتقدير الأضرار كونها تصور من مجال قريب وفيها دقة أكثر، كما أنه سيكون لها دور كبير في التخطيط الإقليمي والعمراني، مؤكداً أن الهيئة تسعى إلى استكمال البرنامج الفضائي السوري بكافة مراحله، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى بامتلاك محطة استقبال الصور الفضائية من الأقمار الصناعية، بالإضافة للسعي لتنويع مصادر المعطيات الفضائية واشتقاق منتجات جديدة من الصور الفضائية المتوفرة، الأمر الذي سيساعد على تنفيذ مشاريع ودراسات وأبحاث الهيئة وإتاحتها لجميع الوزارات والمؤسسات والجامعات.
شراكة المؤسسات
الكفري بين أنه بعد تحقيق هدف تلبية احتياجات مؤسسات الدولة ذات الصلة بتقنيات الاستشعار عن بعد، توجهنا للانتقال من تقديم الخدمات إلى مستوى الشراكة مع تلك المؤسسات، فكانت شراكات حقيقية من خلال مشاريع مشتركة، فعلى سبيل المثال لا الحصر الشراكة مع وزارة الزراعة من خلال مشروع مسح الموارد الطبيعية، ومشروع مراقبة الجفاف وتحديد المساحة المحصولية والتنبوء بالغلة لبعض المحاصيل الزراعية وغيرها من المشاريع، والشراكة مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة من خلال مشروع المرصد البيئي الوطني، ومشروع رصد ومراقبة العواصف الغبارية وغيرها، والشراكة مع المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية من خلال برنامج وضع خرائط جيولوجية لبعض الرقع، وكذلك وضع خرائط رقمية جيو هندسية، إضافة للشراكة مع الهيئة العامة للموارد المائية في تحديد مناطق أمل لمناطق مائية جوفية في محافظات ومناطق متعددة من القطر، وكذلك مشاريع حصاد المياه في السويداء وطرطوس وغيرها، منوهاً إلى أنه تم تنفيذ هذه المشاريع من خلال فرق عمل مشتركة، وقامت الهيئة بوضع برامج تدريب لصالح الفنيين في تلك المؤسسات سعياً منها لتوطين هذه التقنية ونقلها ونشرها، وكذلك توطين التقانة من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات وورش العمل، وتدريس مادة الاستشعار عن بعد في الجامعات ومن خلال مجلة الاستشعار عن بعد والمطبوعات والنشرات والأطالس التي تصدرها.
علمي بحثي
وتقوم الهيئة – بحسب الكفري – بتعزيز المنهج العلمي البحثي؛ فبعد أن وُضع القانون 14 للهيئة العامة للاستشعار عن بعد على المنصة البحثية كان لابد من تعزيز عملية البحث العلمي، حيث طُرحت العديد من المشاريع البحثية، والكثير منها ذو منعكس تطبيقي واقتصادي كمشروع حصر الأراضي المروية باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، ومشروع النمذجة الطيفية، ومشروع تأثير الإجهادات المرحلية على الإنتاجية المحصولية، ومشروع التنبؤ بالإصابة بمرض عين الطاووس الذي يصيب أشجار الزيتون من خلال دراسة البصمة الطيفية وغيرها الكثير.
تعاون دولي
وعن الخطة المستقبلية أشار الكفري إلى أن هناك سعياً لإعداد خطة لتطوير العمل لتعلب الهيئة دوراً مهماً في التنمية المستدامة ولاسيما أعمال إعادة الإعمار والبناء من خلال وضع منهجيات جديدة ونماذج رياضية على أساس برمجيات حديثة لتحليل المعلومات والبيانات المشتقة من الصور الفضائية، وإنتاج طيف واسع من الخرائط الغرضية تستفيد منها معظم المؤسسات الحكومية وبكافة المجالات، ورفع كفاءة العاملين من خلال التدريب المستمر، ورفد الهيئة بكوادر بحثية وفنية جديدة باختصاصات نوعية من خلال الإيفادات الداخلية والخارجية.
كما أن إقامة علاقات للتعاون الدولي مع المؤسسات البحثية في مجال الاستشعار عن بعد من أهم الأهداف التي نعمل عليها -كما يقول الكفري- وربطها مع المؤسسات والمراكز البحثية ولاسيما مع الدول الصديقة لتأسيس شراكة بهدف تنفيذ منهجيات ومشاريع مختلفة وبناء القدرات والتدريب، وتفعيل العمل مع المنظمات الإقليمية والدولية بما ينعكس إيجابياً، والعمل على فكرة تأسيس معهد عالٍ لتقنيات الفضاء والاستشعار عن بعد تكون نواته العلمية والإدارية من كوادر الهيئة، وأن تغدو قادرة من خلال منصات عملها وفرق عملها على إنتاج منتجات استشعارية متكاملة ودورية تلبي احتياجات معظم الجهات الرسمية مما يوفر في الوقت ويخفض التكاليف.