دراساتصحيفة البعث

المرأة السعودية ونظام الوصاية الذكورية

ترجمة: علاء العطار

عن موقع كمن دريمز 2/8/2019

من المدهش أن نرى في القرن الحادي والعشرين دولة كالسعودية لا تزال تعيش بتقاليد العصور الوسطى وتفتخر بها، كما أنها لا تزال تُعدّ من أكثر المجتمعات التي تتفنّن بقمع المرأة، وتقبع المرأة السعودية محاصرة تحت رحمة أشباه الرجال دون أن تملك ملاذاً تلجأ إليه عندما تتلقى منهم معاملة سيئة، ويقف القانون في صف الذكر ليبقي أغلاله في أعناق المرأة منذ ولادتها وحتى وفاتها!.

أعلنت الحكومة السعودية أنها ستقوم بإلغاء جزء من نظام الوصاية الذكورية على النساء، لتمنحهن أخيراً الحقّ في الحصول على جوازات سفر (بشرط أن يكون عمرها 21 عاماً أو أكثر)، والحقّ في الحصول على بطاقات هوية دون الحاجة إلى تصريح من الذكور في العائلة.

يأتي التغيير في سياق الدعاية السيئة التي تتلقاها السعودية بشأن “الفتيات الهاربات”، إذ يتزايد عدد النساء السعوديات اللواتي يهربن من البلاد طلباً للجوء في الخارج، وأدّت العديد من هذه الحالات البارزة لنساء يشتكين من القمع الشديد المبنيّ على أساس الجنس ويحصلن على اللجوء في بلدان مثل كندا إلى توجيه العالم أنظاره إلى نظام الوصاية الذكورية.

كذلك تأتي المراسيم الأخيرة في سياق انتقادات شديدة لمعاملة الحكومة المروّعة لناشطات حقوق المرأة، فرغم أن الحكومة أعلنت في عام 2018 عن رفعها الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة، إلا أنها استمرت في اعتقال النساء اللواتي كنّ قد أدرنَ حملة لانتزاع هذا الحق، أُطلق سراح بعضهن في انتظار محاكمتهن، ولا يزال بعضهن يقبعن في ظلمات السجون ويعانين من ظروف فظيعة للغاية، وحين أعلنت الحكومة عن تخفيف نظام الوصاية، لم تشر إلى المحنة التي تمرّ بها هؤلاء الناشطات.

لا تزال الجوانب الرئيسية لنظام الوصاية سارية، وأحد القيود المجهدة هو أن النساء بحاجة إلى إذن من وليّ الأمر الذكر في مسألة الزواج أو الطلاق. كما أن السعودية هي الدولة الوحيدة التي فرضت قواعد على اللباس، وشروط حضانة الأطفال وقوانين الطلاق. وفي الشأن التعليمي حقّقت المرأة السعودية مكاسب كبيرة في مجال التعليم، إلا أنها لا تزال تشكل 23٪ فقط من القوى العاملة، ويعملن بشكل رئيسي في “وظائف النساء” مثل التعليم والصحة العامة، كما أن هناك تحيزاً ضد المرأة في عملية التوظيف، وعلاوة على ذلك، عليها أن تتحمّل التمييز بين الجنسين في مكان العمل.

والسعودية هي أكثر المجتمعات التي تميّز بين الجنسين في العالم، كما أنه ليس لدى السعودية قوانين تحدّد السن الأدنى للزواج، ولا تزال الطفلات العرائس أمراً مسموحاً به، وفيما يخصّ تمثيل النساء، لا توجد نساء منتخبات على المستوى الوطني وعلى مستوى المحافظات لعدم وجود انتخابات وطنية أو انتخابات مجالس محافظات، ولم تُمنح النساء حق التصويت والترشح في المجالس البلدية إلا في عام 2015، لكن في عام 2019، كانت النساء لا يمثلن سوى 1% من هذه المقاعد المحلية (19 امرأة منتخبة و15 تمّ تعيينهن).

لذلك، أمام المرأة السعودية طريق طويلة لتحقيق المساواة، مادامت القوانين المرهقة سارية، وسيكون من الصعب تغيير التقاليد المحافظة التي تمنح الرجال الحقّ في السيطرة على النساء، لكن أفضل طريقة للقيام بذلك هي منح المرأة السعودية حرية الدفاع علانية عن حقوقها، والآن “يتكرم عليهن” ذكور العائلة ببعض هذه الحقوق، بينما تُسجن النسوة اللواتي يناضلن في سبيل حقوقهن ويتمّ تعذيبهن وطردهن من وظائفهن وإسكاتهن بطرق وحشية أخرى، وعلى الحكام السعوديين إطلاق سراح الناشطات اللواتي يعشن في غياهب السجون وتغيير نظام الوصاية حتى تتمكن النساء من الدفاع بحرية عن المجتمع الذي يرغبن العيش فيه.