في ذكرى تأسيس اتحاد الكتاب العرب
بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد الكتاب العرب أقيمت ندوة في ثقافي كفر سوسة تحت عنوان “من بيت مري إلى بلودان” انطلق فيها د. راتب سكر من العنوان “من بيت مري إلى بلودان” للدخول إلى مرسوم تأسيس اتحاد الكتاب العرب وتتبع مسيرته في سبعينيات القرن العشرين خلال هذه العقود التي أخذ فيها الاتحاد وضعه كمؤسسة ثقافية عربية طليعية لا تتناقض مع المؤتمرين في بيت مري وبلودان، ولفت سكر إلى أن اللقاءات الأدبية قديمة في التاريخ ولم يكن بيت مري الحاضنة الأولى لحوار أدبي عربي حول الأدب والثقافة والتاريخ، لكن ما حدث في بيت مري أنه للمرة الأولى يتنادى أدباء من مختلف البلدان العربية بعد أن استقرت التجزئة في السياسة العربية بعد سايكس بيكو وغيرها وما أسفر عن ذلك من أوضاع جديدة، وتحدث سكر عن الظروف التي ساعدت ومهدت لعقد مؤتمر بيت مري ومنها وجود الشاعر اللبناني صلاح لبكي في دمشق ولقاءه بشاكر مصطفى حيث عرض عليه فكرة إقامة مؤتمر عربي يشارك فيه أدباء من مختلف أقطار الوطن وكان لبكي قد أصبح رئيساً لجمعية أهل القلم في بيروت، ولاحقاً عقد المؤتمر وافتتحه رئيس وزراء لبنان حينها سامي الصلح وشارك فيه أدباء من مختلف الأقطار وتم الاتفاق أن يكون المؤتمر الثاني في دمشق وتحدث سكر عن التفاصيل التي ساهمت في خروج جماعة أهل القلم من بين الهيئات التحضيرية لمؤتمر بلودان في دمشق بعد وفاة صلاح لبكي وخروج الجماعة الأدبية من جماعة لكل لبنان إلى جماعة تحت مظلة جهة محددة خرجت بسببها عن ثوبها العربي ذي الطابع الإنساني الليبرالي إلى جماعة منغلقة، وجاء مؤتمر بلودان في عام 1956 وحينها كان المد اليساري والتقدمي قد وصل إلى ذروة الواجهة السياسية وعندما جاء العدوان الثلاثي على مصر كانت سورية تغلي مناهضة للعدوان وجاء ممثلون عن الرئيس جمال عبد الناصر إلى دمشق وزاروا بعض المحافظات، وضم المؤتمر وجوها من كبار الأدباء والمثقفين العرب وافتتحه شكري القوتلي وكان حينها رئيساً للبلاد وألقى وزير المعارف عبد الوهاب حومد كلمة سورية كما ألقى مندوبو البلدان العربية التي شاركت في المؤتمر الذي استمر أسبوعاً وألقيت خلاله سلسلة من المحاضرات كلماتهم بحسب التسلسل الأبجدي.
المسائل الأدبية والسياسية
وتحدثت د. ناديا خوست عن اللقاءات الأدبية العربية التي كانت في تلك الفترة صدى لحركة التحرر الوطنية حين كان المناخ نهضوياً تصدر فيه الكتاب لا السياسيون الحياة العامة والإعلام ورأت خوست أن ثورة تموز عام 1958 كانت حقيقية أزالت طبقة وقدمت الفلاحين والفقراء والمثقفين، وفي هذا الجو كان مؤتمر بلودان. وتحدثت خوست عن علاقة الثقافة بالوضع السياسي العربي لافتة إلى أن الدول ذات العمق السياسي والقومي والوطني للأحزاب السياسية والمؤسسات الدستورية لم تعد في الواجهة بل أصبحت الضحية والذي يقدم اليوم مشيخة البحرين والسعودية وفي هذا المناخ تقدم بعض”المثقفين” السوريين الحرب على سورية والتي بدأت بجوقة في الإعلام وهؤلاء عملياً كانوا بيد الصهيونية على حد تعبير خوست وتحدثت عن تجربتها في الاتحاد وعن جوانب كان فيها اتحاد الكتاب العرب فاعلاً في المحافظة على الهوية المعمارية والوطنية كالمساهمة في إيقاف مشروع الهدم داخل السور في مدينة دمشق وحمل وثيقة المثقفين إلى المؤتمر العام ومقاومة محاولات التطبيع وكشف خطورتها على المنطقة العربية، وأكدت أن القضايا الوطنية عملياً قضايا حيوية وجزءا من حياتنا ومصيرنا وأن المسائل الأدبية مشبوكة عملياً بالمسائل السياسية المصيرية.
الترحيب بالمبادرات
وتحدث الأديب مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب عن المناخ السياسي والنهوض القومي العربي الفكري في فترة مؤتمر بلودان، فمع نهاية الأربعينيات مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وإيجاد الغرب للغدة السرطانية في خاصرة سورية على أرض فلسطين المحتلة بداً النهوض القومي العربي وبدا أن الأدب كان معنياً بكل شيء ليس فقط بالبلاغة والشعر، بل بالسياسة والاقتصاد والاجتماع أيضاً وفي مرحلة لاحقة من مؤتمر بلودان إلى اليوم كان الجو الأدبي مرتبطاً بالاتجاه القومي وهو جو مشبع بالنهوض القومي وكان مشبعا أدبياً وفكرياً مم أنتج رابطة الكتاب السوريين الذين ينتمون إلى اليسار الحقيقي الاشتراكي بأنواعه الكثيرة البعثي والشيوعي والسوري القومي الاجتماعي، وذكر صقور أسماء مؤسسي اتحاد الكتاب ممن كانوا في الدورة الأولى عام 1969 من سليمان الخش وصولاً إلى منصور فاخوري، وعن أهداف الاتحاد وغاياته وما حققه رأى صقور أنه يجب على المثقف أن يكون معلماً وقدوة وإن لم يكن وطنياً فهو لا يساوي شيئاً، وتحدث صقور عن اقتراح قدمه منذ عام 2012 في مجلة الموقف الأدبي يتضمن أن الهجمة على سورية يقاومها الجيش العربي السوري بالسلاح وعلينا على الجبهة الفكرية مقاومتها بالفكر حيث طرح تشكيل ورشة عمل من وزارات الثقافة والإعلام والتربية واتحاد الكتاب والأوقاف والفتوى، ومنذ شهر بادرت وزارة الإعلام لهذا العمل واعتبر صقور أنه مهما كان نوع الكتابة شعراً أم قصة أم دراما إن لم يسع اتحاد الكتاب والوزارات المعنية إلى خلق منظومة وعي معرفية نزرعها في الطفل فلا معنى لكل هذه الثقافة كما تحدث عن دور الاتحاد في الشقين النقابي والإبداعي حيث رأى أن هناك فارقاً بين الواقع والطموح ومن المهم أن تقوم الجمعيات المختلفة في الاتحاد بدورها الحقيقي، مؤكداً أن الاتحاد بيت للجميع يرحب بالمبادرات والاقتراحات ويسعى لنقل نشاطاته إلى الجامعات واتحاد الطلبة والى التعاون مع جميع الجهات التي تسعى لبناء وترسيخ فكر ثقافي حقيقي.
جلال نديم صالح