مونودراما “كنّاس” وإشكالية إنعاش المسرح
ضمن جدول عروضها الذي شمل العديد من مسارح المحافظات حطت مونودراما “كنّاس” على خشبة مسرح ثقافة حمص في عرضين متتاليين يومي الأحد والاثنين الماضيين. وهي من تمثيل وإخراج د. محمد الشيخ عن نص “حدث في يوم المسرح” للأديب وليد إخلاصي إعداد داود أبو شقرا، وفيها نتابع ساعة من حفلة رثاء وتأبين المسرح بكل مقوماته، حفلة مرصعة بـ “نوستالجيا” الأيام الخوالي عندما كانت الخشبة تصنع نجما قبل أن يسرق ذلك الصندوق الصغير المسمى تلفزيون وكذلك الشاشة السينمائية الكبيرة الممثل من الخشبة حتى لم يبق لاعبا عليها سوى ممثلي المواهب الصاعدة، حفلة تقدم ضمن حكاية بسيطة لكناس المسرح الذي يحلم بدور يمنح له يوما ما يشبع حبه لهذه الخشبة وتوقه للوقوف عليها كنجم تسلط عليه أضواء فلاشات التصوير وليس ككناس في الظل، بأسلوب يتنقل فيه بين الكوميديا والتراجيديا بإتقان وبراعة.
ساعة من الزمن استطاع فيها الممثل تحريك مضامين النص وتحويلها إلى مفردات مسرحية بإمكانيات فنية متباينة، ونجح في التخلص من وشاح الراوي الذي يرتديه دون قصد، أغلب ممثلي هذا النوع من الفن المسرحي الذي ينتظر من الممثل أن يكون استثنائيا في كل شيء من التماهي مع الإضاءة إلى المؤثرات الصوتية والديكور والإكسسوارات، وحتى الجمهور كعنصر أساسي في العرض لتوظيفها بدقة وعفوية لتحمل جانبا من عبء استمرار شد المتلقي، وإبعاده عن الملل أو التثاؤب رغم أن النص لم يكن حكاية تقليدية متكاملة العناصر، بل كان مجرد لوحات غير مترابطة إلا في البحث بالإشكالية المسرحية الراهنة، ومعنى الاحتفال بيوم المسرح تقليديا دون الالتفات إلى المآل الذي انحدر إليه أبو الفنون.إلا أنه تغلب على هذا الفصل في اللجوء إلى الإيقاع السريع الذي لايدع مجالا للمتلقي التقاط الأنفاس.
عرضان مسرحيان رغم المجهود الكبير الذي بذله الممثل في الوصول إلى حالة الإقناع والتجسيد البارع في الانتقال بين لوحة وأخرى وسرعة إظهار الانفعال اللازم إلا أن ذلك لم يشفع له في استقطاب ذلك الجمهور الكبير المعهود في حمص لاسيما في العرض الثاني، وقد حمّل د. الشيخ القائمين على شؤون الثقافة في حمص ونقابة الفنانين مسؤولية مانتج من تقصير عندما ختم عرضه بسجال ارتجالي مع الجمهور والعاملين في الصالة، تحول إلى لوحة في العرض نفسه كحالة مسرحية تضاف إلى الإشكاليات الأخرى.
آصف إبراهيم