واشنطن “سيدة التعريفات الجديدة”
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال تايمز 2/8/2019
تتفق العديد من القوى على المسرح العالمي أن منظمة التجارة العالمية تحتاج إلى إصلاح، لكن وجهات النظر حول هذه القضية غالباً ما تتباين، خاصةً أن الأزمة اليوم تتركز في العلاقات بين القوى الكبرى، الصين، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا والهند.. وغيرها.
تؤكد الولايات المتحدة أن الصين والدول النامية الأخرى استفادت كثيراً من وضعها من خلال المعاملة الخاصة والتفضيلية، فقد تمّ تنفيذ تدابير لدعم البلدان النامية والأقل نمواً في إصلاحاتها المتعلقة بالسوق، مما أتاح لها مزيداً من الوقت للوصول إلى منظمة التجارة العالمية وتحقيق العضوية من خلال تلك المعاهدات والقواعد. وقد ادّعت الولايات المتحدة أن مثل هذه الإجراءات تحتاج لمزيد من المراجعة المعمّقة. ومع ذلك، تناقش بلدان أخرى إصلاحات منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بآليات المنازعات التجارية وأجهزة التنفيذ.
ومن المفارقات أن تتصرف الولايات المتحدة بشكل أحادي بغضّ النظر عن الظروف، إذ تبحث عن مصالحها فقط، وواشنطن هي “السيدة الجديدة للتعريفات”، وقد شنّت حرباً تجارية ضد الصين وغيرها من المنافسين.
لقد قسم هذا الفعل العالم إلى أصدقاء وأعداء بحسب استعداد الدول للخضوع لإرادة الولايات المتحدة. وفي أحدث تطور للحرب التجارية، تمّ إلغاء مبادئ منظمة التجارة العالمية، فقد دعت الولايات المتحدة لإصلاح السوق بناءً على اتهامات لا أساس لها تزعم أن الصين أثارت الكثير من المشكلات، وتشمل الادعاءات الموجهة ضد الصين ما يُسمّى قضايا الأمن القومي المتعلقة بشركات الاتصالات وسرقة الملكية الفكرية.
دخلت الصين منظمة التجارة العالمية في عام 2001 بعد تغيير عدد كبير للقوانين واللوائح وقبول جميع الشروط التي تمّ التفاوض بشأنها على المستوى الدولي. في ذلك الوقت، لم تلقَ الصين التي قامت بتلبية متطلبات منظمة التجارة العالمية أية معارضة.
لا ينبغي أن نركز فقط على المعاملة الخاصة المتوقعة للعالم النامي، ولكن أيضاً على القيود المفروضة على الصادرات الصينية، حتى بعد أن أصبحت عضواً في منظمة التجارة العالمية لسنوات. من بين القيود التي واجهتها الصين استخدام طريقة خاصة لتحديد الأسعار تشمل الدول البديلة. كانت هذه خطوة أخرى أشعرت بكين بعدم العدالة لعدم وجود صلة بالتكاليف المحلية. كان يجب أن تنتهي الطريقة الأخيرة في عام 2016، وفقاً لبروتوكول الانضمام، لكن رفضت الدول الغربية الوفاء بهذا الالتزام باستخدام وضع اقتصاد السوق ذريعة غير مرتبطة بالشروط الرسمية لمنظمة التجارة العالمية. وفي الوقت نفسه وافقت أكثر من 80 دولة على ما تقوله بكين.
دعمت الولايات المتحدة وأوروبا ووضعت الأساس لمنظمة التجارة العالمية وتوسعها اللاحق، وقد أثمرت جهودها في تدويل شركاتها، وليس البنية الاجتماعية والاقتصادية في بلدانها، وسمحت للدول الأخرى بالانفتاح. وقد أمكن للشركات الغربية أن تتوسّع على مستوى العالم مدعومة بهيمنة الدولار الأمريكي، إلى جانب أدوات الدعم الأخرى، مما سهّل عليها استغلال تكاليف العمالة المنخفضة، ونقص المنافسة المحلية والضعف المالي.
في الوقت نفسه، مرّت مناطق مختلفة بأزمات مالية نتيجة الانفتاح بسرعة كبيرة، والمضاربة الأجنبية، والبيئات الاقتصادية والمؤسسية الضعيفة. كما تمّ استغلال الصين بهذه الطريقة، لكنها اكتشفت طريقة لتعزيز استقلالها السياسي وأولوياتها التي ساعدت في تجنّب حدوث أزمة حادة، تمكنت من إحداث الإصلاح تدريجياً، وفقاً لبيئتها الاقتصادية وبالجمع بين التكامل العالمي الدقيق والتنمية المحلية.
عندما بدأت دول مثل الصين ودول ناشئة أخرى في الابتكار والتنافس دولياً مع القيام بدور أكثر نشاطاً على الساحة الدولية، بدأت الولايات المتحدة في التشكيك بالإطار المؤسسي لمنظمة التجارة العالمية الذي أنشأته مع أوروبا.