رغم امتلاكه كتلة نقدية هائلة.. التقرير السنوي لاتحاد التعاون السكني يطرح حاجته للتمويل ويخفي وقوع أعضاء الجمعيات بالمحظور!
دمشق – محمد زكريا
أخفى التقرير السنوي للاتحاد العام للتعاون السكني وقوع كثيرين من أعضاء الجمعيات في المحظور ودخولهم متاهات الفساد، وارتكابهم مخالفات وتجاوزات لا تعد ولا تحصى، مكتفياً بطرح مشكلاته المتعلقة في حاجته الكبيرة للأراضي لتأمين المساكن لمنتسبي هذا القطاع إلى جانب التمويل المطلوب للمشاريع. وبحسب أحد مديري وزارة الأشغال العامة والإسكان فإن مرد ذلك يعود إلى أن هذا القطاع يدار ذاتياً من قبل أعضائه ودون تدخل مباشر من الجهات الوصائية عليه؛ مما أضعف الدور الرقابي على هذا القطاع، موضحاً أن دور الوزارة والاتحاد التعاوني السكني شكلي ولا يتعدى حضور ممثلين عنه لاجتماعات الهيئات العامة لتلك الجمعيات، وكذلك اجتماعات هيئات المستفيدين، مؤكداً أنه ووفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011 يجب على ممثلي الوزارة والاتحاد التأكد من قانونية الاجتماعات، وتقييم القرارات المتخذة فيها، ومدى انسجامها مع الأنظمة والقوانين النافذة والتعاميم ذات الصلة، إلى جانب معالجة محاضر جلسات مجلس الإدارة وإيقاف أي قرار مخالف.
الحد من الفوضى
معاون وزير الأشغال العامة والإسكان عبد القادر فهيم بين أن الوزارة قامت بالعديد من الإجراءات للحدّ والتخفيف من الفوضى السائدة بعمل هذا القطاع، وذلك من خلال إصدار العديد من التعاميم والكتب التي تهدف إلى تصويب العمل في جهات القطاع التعاوني السكني، وتنظيم العمل فيه ومتابعة حسن تطبيقه، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين، إلى جانب متابعة عمل مجالس الإدارات وتشكيل مجالس إدارات مؤقتة للجمعيات التي شغرت عضوية مجالس إدارتها، مبيناً أن توقف توزيع الأراضي من الدولة كما كان معمولاً به في المراحل السابقة، أوقع الكثير من الجمعيات في حالة العوز لجهة تأمين الأراضي، وأن توقف توزيع الأراضي أفسح المجال أمام بعض مجالس الإدارات لارتكاب العديد من المخالفات والتجاوزات التي تمت بأشكال وطرق عديدة، منها عند اللجوء إلى شراء الأراضي من القطاع الخاص الذي يشوبه الكثير من الأهواء والمنافع الشخصية، ولاسيما في ظل التداعيات الاقتصادية خلال الفترة الراهنة، ويرى فهيم أن أحد أهم طرق الحد من الفساد الذي يحصل في بعض الجمعيات التعاونية السكنية يبدأ من العضو التعاوني، وذلك بإدراكه لحقوقه وواجباته تجاه الجمعية المنتسب إليها، وانتخاب من تتحقق فيه النزاهة والخبرة لعضوية مجلس إدارة الجمعية، وحضوره الفاعل لاجتماعات الهيئات العامة وهيئات المستفيدين لتقديم قيمة مضافة من شأنها تصويب أي خلل في عمل الجمعية وأداء مجلس الإدارة.
تأمين الأراضي
وأشار فهيم إلى أن أبرز الصعوبات التي تواجه عمل قطاع التعاون السكني هو عدم تامين الأراضي اللازمة، وهي مسؤولية عدة جهات معنية بقطاع الإسكان، ومنها قطاع التعاون السكني، وهذا ما تقوم به الوزارة بالتنسيق مع كافة الوزارات والجهات المعنية لإيجاد الحلول اللازمة، وأن إنجاز الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي والخارطة الوطنية للسكن وهو بمثابة عمل استراتيجي يسهم بمخرجاته بحل هذه المشكلة، علماً أن مشروع تعديل المرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011 الناظم لعمل هذا القطاع لحظ إمكانية تأمين الأراضي للجمعيات خارج المخططات التنظيمية وفق محاور التنمية التي تحددها الخارطة الوطنية للسكن، وذلك لإشادة الضواحي السكنية؛ ما سيساهم عند إقراره بمعالجة مشكلة تأمين الأراضي اللازمة لهذا القطاع، مع التنويه إلى أنه من خلال قيام الوحدات الإدارية بتنفيذ مخططاتها التنظيمية المصدقة من خلال قوانين تنفيذ التخطيط فإن ذلك من شأنه أن يؤمن مقاسم معدة للبناء يكون للتعاون السكني نسبة 5% منها على الأقل، مشيراً إلى أهمية تأمين التمويل اللازم لهذا القطاع كونه يستهدف شريحة محددة وهي ذوو الدخل المحدود.
وأشار التقرير إلى عدم تطبيق الجهات العامة والمؤسسات ذات الطابع الاقتصادي والإداري لأحكام المادة 67 من قانون التعاون السكني الخاصة بالمزايا والإعفاءات، وتحميل الجمعيات السكنية التزامات ومبالغ غير مترتبة عليها، مع الإشارة إلى أن الإعفاءات والمزايا التي منحها المشرع لهذا القطاع ليست سوى تعبير عن رغبة الدولة في تشجيع وتحفيز مهمة التعاون السكني كأحد فروع الاقتصاد الوطني الذي يجمع بين قدرات القطاع العام ومرونة ورقابة القطاع الخاص، وإن عدم العمل بأحكام المادة المذكورة أعلاه يشكل عقبة كبيرة أمام قطاع التعاون السكني.
وشخّص التقرير المشهد الذي يحصل على أرض الواقع بأن الوزارات والمؤسسات المعنية تنطلق في تعاملها مع القطاع السكني من خلال تغليب المصلحة الجزئية للوزارة أو المؤسسة على الصالح العام الذي أقرته القوانين والأنظمة النافذة، وهنا يشير التقرير بوضوح إلى ضرورة صدور بلاغ من رئاسة مجلس الوزراء يطلب فيه من كافة الوزارات والمؤسسات ذات الطابع الاقتصادي التقيد التام أثناء تعاملاتها مع جهات قطاع التعاون السكني بالإعفاءات والمزايا المنصوص عليها في المادة 67 من المرسوم 99، والالتزام بتطبيق أنظمة الاستثمار النافذة لدى جهات قطاع التعاون السكني، وعدم تحميلها أية مبالغ غير مترتبة عليها. وبخصوص الأضرار التي لحقت بالقطاع نتيجة الحرب فإنها شكلت عبئاً جديداً وقع على كاهل منتسبي هذا القطاع، وساهم بشكل كبير في تأخر تنفيذ المشاريع وزيادة تكاليفها، ويمكن بهذا الخصوص أن يتم لحظ تعويض الأضرار التي لحقت بالأبنية العائدة للجمعيات التعاونية السكنية من قبل لجان تعويض الأضرار المشكلة في المحافظات وتبعاً لمرحلة إنجاز البناء، أو كون هذا البناء مسلماً أو غير مسلم للأعضاء المخصصين أو غير المستفيدين.
أرقام
يشار إلى أن تكاليف المشاريع التي نفذتها الجمعيات التعاونية السكنية بلغت 186.974 مليار ليرة سورية، في حين وصلت قيمة الموازنات التقديرية لجهات القطاع التعاون السكني خلال العام الفائت إلى أكثر من 386.669 مليار ليرة، ولعل الرقم الأهم في هذا البيانات هو أن إيداعات قطاع التعاون السكني لدى المصرف العقاري زادت عن 64 مليار ليرة.
Mohamdzkrea11@yahoo.com