منافسة شرسة تقلب الموازين و”النهضة” تراوغ وزير الدفاع التونسي يترشّح رسمياً لانتخابات الرئاسة
قدّم وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي، أمس، كما كان متوقّعاً، ترشّحه لانتخابات الرئاسة المبكرة المقرّر إجراؤها في 15 أيلول المقبل، ليكون بذلك أحد أبرز المنافسين على المنصب.
والزبيدي (69 عاماً) مستقل، ولكنه يحظى بدعم عدة شخصيات سياسية وأحزاب ليبرالية، من بينها “نداء تونس”، الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، و”آفاق تونس”.
وقدّم الزبيدي استقالته من منصبه كوزير للدفاع إثر إيداع ملف ترشّحه، متعهّداً بمواصلة مهامه في تسيير الوزارة إلى حين تعيين وزير جديد.
والزبيدي، الذي عرف بتفاديه الظهور إعلامياً، كان آخر وزير في حكومة يوسف الشاهد يلتقيه الرئيس السابق الباجي قائد السبسي قبل رحيله في 25 تموز الماضي.
وأكد الزبيدي أنه حاول خلال هذا اللقاء الأخير مع السبسي قبيل 3 أيام من وفاته، مراوغَته بلباقة، وطمأنه عن وضعه الصحي الحرج. لكن “فطنة الرئيس الراحل المعهودة”، يضيف، و”قدرته على تقييم الأوضاع كانت يومها في الموعد، حيث قال: أعرف أن الساعة قد حلت.. ونحن جاهزون لمشيئة الله”.
وتابع الزبيدي، في مقابلة صحفية، أن كلمات السبسي “ظلت عالقة بذهني، وأن هذه الجملة أعقبها الرئيس الراحل برسائل مهمة جداً”، قال: إنه “ليس مناسباً تناولها”.
ولم يتلق وزير الدفاع التونسي، الذي ولد في مدينة “الرجيش” بمحافظة المهدية الساحلية، تعليماً أكاديمياً عسكرياً، فهو حاصل على دبلوم الدراسات والبحوث في البيولوجيا البشرية، ودبلوم الدراسات المعمّقة في الفيزيولوجيا البشرية، كما أنه حاصل على الأستاذية في العلوم الصيدلانية البشرية، والأستاذية في الفيزيولوجيا البشرية والاستكشاف الوظيفي، وشهادة الدكتوراه في الطب.
وقبل أيام، وقّع 15 نائباً عن أحزاب “نداء تونس” و”مشروع تونس” و”آفاق تونس” عريضة لدعم ترشح الزبيدي للاقتراع الرئاسي المقبل.
وبحسب القانون الانتخابي في تونس، يتعيّن على المرشح الرئاسي الحصول على تزكيات 10 نواب أو 40 من رؤساء البلديات أو 10 آلاف شخص من الناخبين موزعين على 10 دوائر انتخابية.
وقدّم وزير الدفاع ترشّحه لخوض غمار الانتخابات الرئاسية بعد تجميعه أكثر من 10 تزكيات من نواب البرلمان التونسي.
وأعلن بعض السياسيين، الذي عبّروا عن نيتِهم الترَشح لمنصب الرئاسة في وقت سابق، أنهم سيلغون ترشّحاتهم في حال قدّم الزبيدي ترشّحه للانتخابات.
ومن بين هؤلاء عمر صحابو، الذي قال عبر فيسبوك، متحدّثاً عن الزبيدي “هو رجل المرحلة القادمة الأنسب والأفضل، ومن المنطقي إذن أن أسحب ترشحي إذا قرر الترشّح”.
بدوره، اعتبر النائب المستقل بالبرلمان، فيصل التبيني، في تصريحات إعلامية قبل أيام، أن “الزبيدي هو رجل المرحلة”، لافتاً إلى أنه اتصل به لإعلامه بذلك، ليجيبه الوزير بأن “الوقت غير مناسب.. فالسيد الرئيس (السبسي) توفي للتو”.
ويرى مراقبون أن هذه الدعوات والمناشدات، التي سبقت الإعلان الرسمي عن ترشّح الزبيدي للرئاسة، قد يكون لها دور في قلب الموازين، في مشهد سياسي أصبح أكثر غموضاً بالنسبة للأحزاب السياسية والمواطن التونسي على حد سواء بعد وفاة الباجي قائد السبسي، التي بعثرت الترتيبات والتحالفات لكسب الانتخابات القادمة في البلاد.
وقد يواجه الزبيدي منافسة شرسة مع رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد؛ المنتمي سابقاً لحركة “نداء تونس” قبل أن ينشق عنها، لينتخب قبل أشهر رئيساً لحركة “تحيا تونس”.
والأربعاء، أعلنت الحركة ترشيح الشاهد لخوض السباق الرئاسي، لكن الأخير لم يعلن ترشّحه رسمياً بعد، في وقت أعلنت فيه حركة النهضة، والتي كانت توجّه أنظارها نحو كسب الانتخابات التشريعية أكثر من الرئاسية، ترشيح نائب الحركة عبد الفتاح مورو للرئاسة.
ويقول مراقبون للشأن السياسي في تونس: “إن النهضة، التي طالما عرفت بمراوغتها وخطابها المزدوج، لن تكتفي بمرشّحها المعلن من داخل قواعدها، حيث ستبقي الباب موارباً لمرشّح ثان من خارج الحركة ستدعمه سراً لتضمن ولاءه في القصر الرئاسي”.
وفي تصريح سابق قال الغنوشي: إنه يبحث عن “العصفور النادر” من خارج الحركة لدعمه، ومن المرجّح أن تدعم النهضة “عصفورها النادر” في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية حال خسارة مورو الدور الأول.
ويواجه عبدالكريم الزبيدي أيضاً مالك قناة “نسمة” الخاصة، نبيل القروي، الذي أظهرته استطلاعات الرأي ونوايا التصويت في مراكز متقدّمة.
يذكر أن وفاة السبسي المفاجئة عجّلت بإجراء انتخابات الرئاسة، لتكون في 15 من أيلول المقبل عوضاً عن تشرين الثاني.
وينتهي آجال تقديم الترشحات للانتخابات الرئاسية المبكرة غداً الجمعة، فيما تنطلق الحملات الانتخابية يوم الثاني من أيلول المقبل حتى يوم 13 من الشهر نفسه.