انحسار طقوس العيد.. غلاء وحركة بلا بركة همّ وعين المستهلك على متطلبات “شهر الميم” ومتابعون يؤكدون على شد الأحزمة
يحاول المواطن أن يعيش فرحة العيد بكل طقوسها رغم الظروف المعيشية الصعبة والمرهقة للأسر، حيث تأقلم المواطن مع الأزمة الخانقة وتعايش معها، ولاسيما أنها تلازمه منذ سنوات، في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها، ومن أهمها حالياً كيف يؤمّن حاجيات العيد ومن بعدها شهر المؤن والمدرسة، فالضائقة المالية متكررة ومزمنة على مدار أشهر السنة لتكون مستلزمات العيد خارج حسابات أغلب الأسر من ذوي الدخل المحدود. ويقتصر العيد على أمور أساسية فقط في ظل الغلاء الجنوني في الأسواق حسب تأكيدات المواطنين الذين تحدثوا لـ”البعث” عن معاناتهم وصعوبة تغطية نفقات العيد ولو بأضعف الإيمان كما يقال، لافتين إلى غلاء الملابس وخاصة للأطفال مما يجعل ربّ الأسرة لأكثر من طفل عاجزاً عن “كسوة أبنائه”، في الوقت الذي يعتبر بعض أصحاب المحال التجارية أن الحركة ضعيفة نظراً لانخفاض القدرة الشرائية، ولاسيما أن الأيام التي سبقت العيد لم تكن كما يجب، فهناك حركة ولكن من دون بركة، مشيرين إلى أن الأسواق تكتظ بالناس وأغلبهم يأتون للفرجة ليس إلا!!.
ويوضح الخبير الاقتصادي الدكتور سنان ديب أن ظروف الحرب ومنعكساتها الاقتصادية مع الحصار الجائر أرخت بظلالها على واقع المعيشة للمواطن، مما أثر على قدرة المواطنين بمجاراة هذه الظروف عاماً بعد عام وخاصة في فترة الأعياد، مشيراً إلى أن الاحتفال بطقوس الأعياد جاء كل حسب إمكانياته واستطاعته، فالفجوة كبيرة بين متوسط الأجر وما يجب أن يكون المدخول للاقتراب في الظرف العادي، وأصبحت الأسرة تحتاج لنحو 300 ألف ليرة شهرياً كمعدل وسطي لتأمين حياة كريمة.
ولفت ديب إلى أنه ومع بداية الحرب شهدت معظم الطقوس الاجتماعية انحساراً نتيجة الوضع النفسي العام، إلا أنها ليس كالسابق، بل حدثت بعض التغييرات من حيث النوعية والكمية المشتراة لتلبية حاجة هذه الطقوس، فقد انخفضت كميات الحلويات المشتراة من قبل الأسر، وخاصة بعد ارتفاع أسعارها، واتجهت الكثير من الأسر لتصنيع الحلويات في منازلها للتقليل من الفاتورة التي تدفعها، رغم أن تكلفتها أيضاً مرتفعة، ولجأ الكثير من الأسر إلى الألبسة المستعملة عبر شراء البالة، وإن كانت أسعارها مرتفعة مقارنة مع ما سبق الأزمة!.
ومن كلام الخبير الاقتصادي يؤكد متابعون أن الأسر استطاعت عبر اتباع الأساليب السابقة ترشيد الاستهلاك وشدّ الأحزمة لتبقى ضمن إطار الطقوس الخاصة بالأعياد.
ويرى خبراء أن الحلول قد تأتي من خلال منح زيادة أو إعطاء منح وخاصة أن قرار منح الرواتب قبل ثمانية أيام من نهاية الشهر يزيد الأعباء على الأسر كون الراتب يصبح على مدار أربعين يوماً، مما يتطلب تعويضاً آخر للمواطن ولاسيما أن الشهر القادم سيكون مليئاً بالمتطلبات.
يُشار إلى أن الأسواق شهدت في الأيام القليلة الماضية ارتفاعاً في أسعار كافة المواد وخاصة الحلويات والمواد الداخلة في صناعاتها من سمون وزيوت وسكر، كما أن أسعار الألبسة باتت خارج قدرة المستهلكين، وسجلت أسعاراً قياسية جديدة خلال موسم العيد الحالي، في الوقت الذي اكتفت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من خلال مديرياتها في المحافظات بالتغني في تنظيم الضبوط وإغلاق المحال المخالفة وضبط مواد فاسدة وبقيت الأسعار كما هي، حيث يعلم الجميع أن أي ضبط أو تغريم للتجار سيعوضه من جيب المواطن!.
علي حسون