بين تحقيق الأحلام وبيع الأوهام.. هل تشهد مكاتب التشغيل انطلاقة جديدة بعد أن فقد المواطن الثقة بدورها؟
دمشق- عبد الرحمن جاويش
مكاتب التشغيل التي أُطلقت في العام 2001 بموجب القانون رقم 3 كان الهدف منها ضبط آلية إشغال الوظائف في كافة القطاعات العامة والخاصة وحتى المشتركة والتعاونية. حينها كانت تلك المكاتب تلبي طلبات التوظيف لمصلحة الجهات العامة وفقاً لاختصاص كل مسجل، وعملاً بمبدأ الدور المتسلسل للمسجلين في مكاتب التشغيل، حيث يتمّ إرسال 3 أضعاف العدد المطلوب، ويُبلّغُ المرشحون للالتحاق بالاختبارات التي تجريها تلك الجهات، من دون أن يلغي ذلك حدوث تجاوزات ومخالفات وفساد، وهو ما قاد لاحقاً إلى إلغاء دور هذه المكاتب في الترشيح وذلك بموجب القرار 116 لعام 2011، بحيث أصبحت الجهات العامة تعلن عن حاجتها لإشغال الشواغر لديها، إما عن طريق التعيين، وإما التعاقد. إذن ما الجدوى من بقاء مكاتب التشغيل؟!.
هدف أساسي
مدير وحدة الترشيح المركزي في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حازم الكردي تحدث لـ”البعث” قائلاً: تمّ إحداث مكاتب التشغيل بالقانون رقم 3 لعام 2001، وصدرت التعليمات التنفيذية الناظمة لها بهدف تلبية طلبات الجهات العامة للتوظيف لديها ضمن آليات محدّدة، وذلك وفقاً لاختصاص كل مسجل وعملاً بمبدأ الدور المتسلسل في مكتب التشغيل، حيث كانت تقوم بترشيح ضعفي العدد المطلوب من الجهات الطالبة للتعيين والتعاقد، إلى أن صدر القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /50/ لعام 2004 حيث نصت المادة /10/ منه على إلزام مكاتب التشغيل بترشيح ثلاثة أضعاف العدد المطلوب للتعيين لدى الجهة العامة الطالبة، ومن ثم تبليغ المرشحين للالتحاق بالاختبارات التي تجريها الجهة بعد ترشيحهم للعمل لديها. وأوضح الكردي أنه يقع على الجهة العامة إجراء الاختبار واختيار الاكفأ والأنسب من بين المرشحين، وتعيين الناجحين لديها وموافاة مكتب التشغيل المختص بنتائج هذه الاختبارات لتتمكن الجهة من اتخاذ الإجراءات اللازمة، وشطب أسماء الذين تمّ تعيينهم أو التعاقد معهم من بين المرشحين من المكتب. وحدّدت المادة /19/ من قانون العمل رقم /17/ لعام 2010 مهام مكاتب التشغيل مثل حصر أعداد القوى العاملة وطالبي العمل والمتعطلين، وتنظيم شؤون طالبي العمل المسجلين لديها، وأيضاً إعداد الإحصائيات والدراسات اللازمة عن اليد العاملة وطالبي العمل حسب مؤهلاتهم العلمية والمهنية، والمساهمة في توفير فرص عمل لطالبي العمل داخل أراضي الجمهورية العربية السورية وخارجها.
سياسات جديدة
في سؤالنا لمدير وحدة الترشيح المركزي عن الهدف من إطلاق مكاتب التشغيل وآلية عملها وعن الاستراتيجيات والسياسات الجديدة لدى وزارة العمل بعد أن فقد المواطنون الثقة بدور مكاتب التشغيل وانتظروا كثيراً الحصول على فرصة عمل قال: أُلغي دور مكاتب التشغيل في الترشيح للتعيين والتعاقد بعد صدور المرسوم التشريعي رقم /116/ تاريخ 18/9/2011 وتعديلاته والقرارت المتضمنة إجراءات وأصول التعيين والتعاقد لدى الجهات العامة. وسمح للجهات العامة صاحبة الحق بالتعيين والتعاقد الإعلان عن حاجتها من اليد العاملة وملء الشواغر المتوفرة لديها عن طريق المسابقة للفئتين الأولى والثانية، وعن طريق الاختبار لوظائف الفئات الثالثة والرابعة والخامسة. وبصدور المرسوم التشريعي المذكور وقرارات رئيس مجلس الوزراء تمّ إلغاء دور مكاتب التشغيل لجهة تلبية طلبات الجهات العامة، ويتمّ نشر الإعلانات عن المسابقات والاختبارات التي تجريها الجهات العامة في الصحف الرسمية ولوحات الإعلانات في المركز الرئيسي لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووسائل الإعلام المرئية والرسمية والموقع الإلكتروني للجهة العامة.
استراتيجيات جديدة
وقال الكردي: ضمن إستراتيجية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لمواجهة تحديات مرحلة إعادة الإعمار يتمّ العمل على تطوير برنامج أتمتة مكاتب التشغيل بعد لحظ كافة الإشكاليات الحالية للبرنامج، وذلك من خلال برنامج جديد سيتمّ إطلاقه مع موقع إلكتروني يؤمّن إمكانية التسجيل الإلكتروني للمتعطلين، ونشر إعلانات فرص العمل التي تعلن عنها الجهات العامة، مما يؤمّن المرونة وكفاءة البيانات المستقاة من المتعطلين والمشتغلين على حدّ سواء، والتسهيل على المواطنين المستهدفين من خدمات وحدة الترشيح المركزي ومكاتب التشغيل المرتبطة فيما يتعلق بطلباتهم ومعالجتها، وبما يحقّق المساهمة الفاعلة بوضع الخطط والسياسات والبرامج والاستراتيجيات الناظمة لسوق العمل بما يعكس الواقع الفعلي لقطاعات العمل وتوزعها الجندري والجغرافي على مختلف فئات العمل، وتمّ تحقيق الربط الشبكي مع المؤسّسة العامة للتأمينات، ويتمّ الاستعلام التأميني ضمن صالة الوحدة بدلاً من ذهاب المواطن إلى المؤسسة لإحضار وثيقة غير مشترك بالتأمينات التي تعدّ من الأوراق الثبوتية المطلوبة. وتعمل الوزارة أيضاً على بناء الشراكات مع المجتمع الأهلي والخاص بهدف توفير فرص العمل والحدّ من ظاهرة البطالة، حيث تمّ توقيع عدة مذكرات تفاهم خاصة بالتدريب والتشغيل لرفد منشآت القطاع الخاص والأهلي باحتياجاتهم من اليد العاملة، بما يضمن حقوق العامل سنداً لأحكام قانون العمل رقم /17/ لعام 2010. وفيما يخصّ قوة العمل في سورية أوضح الكردي ذلك بالقول: لما كانت قاعدة بيانات وحدة الترشيح المركزي ثروة وطنية على المستوى المعرفي منذ تطبيق القانون رقم /3/ لعام 2001 وحتى الآن، وهي تساهم في إدارة أهم مورد في الجمهورية العربية السورية وهو المورد البشري، إذ تعدّ هذه البيانات رغم الاختلالات الموجودة فيها، المادة الخام التي يمكن استخدامها لأخذ صورة عن واقع التعطل والتشغيل في سوق العمل السوري، بما تؤمّنه من بيانات متكاملة عن المسجلين من متعطلين ومشتغلين بمختلف فئاتهم العلمية والعمرية، وتبعاً لجنسهم وتوزعهم الجغرافي ضمن القطر، ما يمكن من الحصول على كافة المعلومات عن الكفاءات المتوفرة التي تهمّ مرصد سوق العمل وتمكنه من تحليلها لتتشكّل لديه مؤشرات وبيانات للمقارنة مع احتياجات أصحاب العمل من اليد العاملة، وتشجيع ومنح فرص العمل للمتعطلين تبعاً لكفاءاتهم.
سوق العمل
وحول سؤالنا عن الجهة التي يقع على عاتقها خلق فرص العمل للخريجين الشباب الداخلين مجدداً إلى سوق العمل، أجاب الكردي: لابد من الإيضاح بأن قضية خلق فرص العمل تحتاج إلى إنعاش البيئة الاستثمارية، وأن الحدّ من ظاهرة البطالة وتخفيف معدلاتها إنما هو مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق الجهات العامة والقطاع الخاص والتعاوني والمشترك صناعية– سياحية- تجارية- زراعية- وغيرها. وبطبيعة الحال فإن وزارة الشؤون هي جزء من هذه المكونات وتعمل عبر الدور المنوط بها ضمن مهامها المحدّدة في صك إحداثها على تنظيم سوق العمل، ورصد الفرص المتاحة وبناء الشراكات مع مختلف الجهات في القطاعات العامة والخاصة والأهلية من أجل وضع الخطط والسياسات والبرامج والاستراتيجيات الهادفة إلى التخفيف والحدّ من معدلات البطالة، وتأهيل الموارد البشرية الداخلة إلى سوق العمل والراغبة بالانخراط فيه وتدريبها وإرشادها وظيفياً، ووضع قواعد البيانات بأعداد المتعطلين عن العمل وتحليل هذه البيانات ووضعها بتصرف واضعي السياسات ومتخذي القرار وصانعي الخطط والبرامج والاستراتيجيات على المستوى الكلي، إضافة إلى خلق بيئة تشريعية مؤاتية لحماية العمال، وتأمين ظروف العمل اللائق وفق المعايير الوطنية والعربية والدولية.
المسابقات والاختبارات
وعن وضع آلية احتساب معامل التثقيل للمتقدمين والناجحين في المسابقات والاختبارات المعلن عنها من الجهة العامة، أوضح مدير الوحدة المركزية أنه بالنسبة للمسابقات تمّ إلغاء معامل التثقيل المعلن للفئتين الأولى والثانية بقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم /62/ تاريخ 14/11/2018، وذلك لاستقطاب الطاقات الشابة والخريجين الجدد بمختلف الاختصاصات وضماناً لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لوظائف الفئتين الأولى والثانية، بحيث يكون مجموع درجات الامتحان التحريري المؤتمت 80 درجة بدلاً من 70 وتمّ توزيع العلامات على المواضيع والمواد المطلوبة في الامتحان التحريري بما يحقّق الشفافية الوضوح في الإجراءات، والمقابلة الشفوية 20 درجة بدلاً من 15 درجة، لإعطاء التقدير المناسب للشخصية والمعطيات النظرية التي تتيحها المقابلات الشفوية، لإضفاء المزيد من الشفافية، كما تمّ منح درجات تفضيلية تضاف إلى المحصلة النهائية للناجحين بما لا يتجاوز 100 درجة ضماناً لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الناجحين، مثلاً: ذوو الشهداء ومن في حكمهم 10 درجات، المسرح من خدمة العلم نتيجة إصابات بالعمليات الحربية ممن لم يخصّص بمعاش تقاعدي كامل أو جزئي 5 درجات، لمن تجاوز في خدمة العلم –الإلزامية– الاحتياطية– الخمس سنوات 5 درجات، الحاصل على شهادة الدكتوراه 5 درجات، الحاصل على شهادة الماجستير 3 درجات.
وبالنسبة للاختبارات أضاف: تمّ زيادة معامل التثقيل للاختبارات من 15 درجة إلى 20 درجة، بحيث يكون مجموع درجات الاختبار العملي 80 درجة بدلاً من 85 بالنسبة لاختبارات الفئات الثالثة والرابعة والخامسة.
ويحسب معامل التثقيل على عدد أشهر التسجيل للمتسابق في مكتب التشغيل، بدءاً من تاريخ التسجيل وحتى تاريخ صدور قرار الإعلان عن الاختبار /x 20/ وعدد أشهر عمل مكاتب التشغيل بدءاً من 1/3/2001 وحتى صدور قرار الإعلان عن الاختبار. كما قضى القرار بمنح درجات تفضيلية تضاف للمحصلة النهائية للناجحين وبما لا يتجاوز 100 درجة ، مثلاً: ذوو الشهداء ومن في حكمهم 10 درجات، المسرح من خدمة العلم نتيجة إصابته بالعمليات الحربية ممن لم يخصّص بمعاش تقاعدي كامل أو جزئي 5 درجات، لمن تجاوز في خدمة العلم الإلزامية- الاحتياطية الخمس سنوات 5 درجات.