رغم الظروف الصعبة.. فرحة العيد تتخطى غياب الرقابة وجشع التجار
مع ارتفاع الأسعار تحولت طقوس عيد الأضحى من الفرح والبهجة إلى هموم وأعباء مالية إضافية تثقل يومياتهم، يساهم فيها جشع التجار واستغلالهم الفرص من جهة، وغياب الرقابة الحكومية من جهة أخرى ليقع المواطن فريسة سهلة في فخ استنزاف أمواله وفرحته في الأعياد، فهل نرجو صحوة ضمير تعيد فرحة العيد لحياة السوريين؟.
حركة وهمية
في جولة بأسواق دمشق القديمة حاولنا رصد حركة البيع والشراء قبيل العيد، والتي بدت من حيث أعداد المتسوقين أنها نشطة، إلا أنها وهمية بحسب رأي أصحاب المحلات الذين أكد معظمهم أن المواطنين يسألون عن الأسعار ويغادرون دون الشراء، بسبب الأسعار التي تفوق قدرة المواطنين على شراء كافة حاجيات العيد، وتقتصر الحركة على شراء المواد الأولية للحلويات، فأم عمر تقول: إن شراء الألبسة والأحذية لأطفالها أصبح من المنسيات، خاصة بفترة الأعياد، حيث تكون الأسعار غالية جداً والتجار يستغلون الفرصة لإرضاء جشعهم، فأسعار الأحذية للأطفال تبدأ ب5000 ليرة والبنطال الولادي يتراوح بين 8000 إلى 10000 ليرة، وبذلك تؤكد أن العيد يقتصر على شراء بعض الحلويات من الأسواق الشعبية ولا يهم حسب رأيها أن يكون نخب ثاني أو ثالث، وتوافقها الرأي معظم السيدات اللواتي شاركن بالحديث، بأن شراء الألبسة لم يعد بمقدور الجميع فأم سامر زوجها الموظف وراتبه لا يكفي لشراء حاجيات العيد من الحلويات، فكيف بالألبسة والمصروف ولديهم ثلاثة أطفال، ومعظم من التقيناهم ينصب اهتمامهم على صناعة بعض الحلويات المنزلية التي طالها الغلاء، حيث استهلكت أسعار موادها الأولية من السمنة والجوز والتمر معظم الراتب، وتتساءل هل يبقى المواطن رهين جشع التجار وضعف الرقابة الحكومية على الأسواق؟.
محاولات
حاولت الجهات المعنية كسر أسعار السوق بإقامة معارض دائمة، لتوفر من خلالها المواد الغذائية والتموينية، إضافة إلى الألبسة والأحذية بأسعار مناسبة، ليتسنى لكافة المواطنين تأمين احتياجاتهم بما يتناسب مع قدرتهم المادية، ففي صالة الجلاء تم افتتاح مهرجان التسوق السنوي الذي دأبت على إقامته غرفة الصناعة بالمشاركة مع القطاع العام في طرح تشكيلة واسعة من المنتجات الغذائية والملبوسات بأسعار مخفضة بنسبة 30 إلى 40% عن أسعار السوق، حيث أكدت هنادي أن المهرجان وفرّ عليها عملية البحث التي تسبق العيد لتأمين مستلزماته، قائلة “إن الأسعار مناسبة جداً ويشتمل المهرجان على كل ما تحتاجه الأسر السورية في شهر رمضان وفترة العيد”، بالإضافة إلى مهرجان في التكية السليمانية بإشراف غرفة التجارة في دمشق يستمر طيلة أيام العيد يستهدف كسر الأسعار وتقديم جميع المنتجات بأسعار منافسة، خاصة مستلزمات العيد، إلا أنها محاولات محدودة بفترات محدودة أيضاً لا تساهم بكسر الأسعار على مدار العام ولا يستفيد منها إلا من كان قادراً على الوصول إليها، وبالرغم من هذه المحاولات لخلق منافذ بيع مباشرة للمواطنين بأسعار مناسبة، إلا أن تغاضي الجهات الرقابية عن ضبط الأسواق ولجم طمع التجار مازال مستمراً، ما يجعل فترة الأعياد فرصة ذهبية لهم لنهب أموال الناس وإفراغ جيوبهم، وبالتالي لابد لنا من سؤال حماية المستهلك عن أداء أجهزتها في الرقابة على الأسواق، حيث أكدت المديرية قيامهم بجولات ميدانية دائمة لضبط الأسواق وتنظيم ضبوطات رسمية بحق المخالفين، ويتم التركيز حالياً على مراقبة المواد الأساسية والمواد التي يرتفع عليها الطلب من المواطن، خاصة المواد الغذائية لجهة سلامتها وأخذ عينات للتحقق من مدى صلاحيتها، بالإضافة إلى وجود رقم هاتف دائم لاستقبال الشكوى على مدار الساعة، وفي حال الإبلاغ عن المخالفات يتم إرسال دورية وتنظيم الضبط، وبالرغم من الجهود المبذولة مازلنا بحاجة إلى تشديد الرقابة وتحديد الأسعار المنطقية لكافة المنتجات، بالإضافة إلى التأكد من نزاهة من يقوم بهذه الجولات كيلا يتم التغاضي عن المخالفين لقاء رشوة أو هدية تنال من ضعاف النفوس، وتفسح المجال للتلاعب بلقمة عيش المواطن.
البعث