ضغوط برلمانية على جونسون لمناقشة “بريكست”
تسعى المعارضة العمالية في مجلس العموم البريطاني لقلب الطاولة على رئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون، الذي ورث تركة ثقيلة من رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، حيث يجد جونسون نفسه بين خيارين لا ثالث لهما، فإما الخروج من الاتحاد الأوروبي دون الاتفاق، وهو غير محسوب النتائج اقتصادياً، حيث تحدّثت تسريبات “صنداي تايمز” مؤخّراً عن حدوث نقص شديد في الغذاء والدواء في السوق، الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً في الشارع، وإما التفاوض مع بروكسل مجدّداً على بنود جديدة، وهو ما يجد معارضة شديدة من دول الاتحاد، الأمر الذي يمكن أن يطيح برئيس الوزراء الجديد لمصلحة حزب العمال البريطاني، الذي يقوده وزير الخارجية السابق جيريمي كوربن.
وعلى خلفية هذه الاحتمالات الصعبة التي تواجهها حكومة جونسون، دعا أكثر من مئة نائب بريطاني في رسالة نشرت أمس، جونسون إلى عقد جلسة طارئة للبرلمان واستدعاء النواب من عطلتهم لمناقشة مسألة انسحاب المملكة من الاتحاد الأوروبي.
وتنتهي العطلة الصيفية للبرلمان في 3 أيلول، لكن النواب الموقّعين على الرسالة طالبوا جونسون بدعوة مجلس العموم لقطع إجازته والانعقاد بشكل دائم حتى 31 تشرين الأول، التاريخ المحدّد لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
والبرلمانيون الموقّعون على الرسالة هم من معارضي خروج بريطانيا من الاتحاد، ويريدون الحؤول دون حصول “بريكست” من دون اتفاق.
وكتب النواب في رسالتهم: “بلدنا على حافة أزمة اقتصادية، ونحن نتّجه صوب خروج بريطانيا من دون اتفاق”، وأضافوا: “نحن أمام حالة طوارئ وطنية، ويجب استدعاء البرلمان للانعقاد على الفور”.
وسبق لرئيس الوزراء البريطاني أن أكد مراراً عزمه على الخروج بالمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول، سواء حصل ذلك باتفاق أم من دونه.
ويسعى جونسون لإعادة التفاوض مع بروكسل على الاتفاق، الذي توصلت إليه رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي ورفض البرلمان البريطاني التصديق عليه.
ويسعى زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن للتصويت على حجب الثقة عن المحافظ جونسون فور عودة البرلمان للانعقاد.
ويأمل كوربن، إذا نجح في الإطاحة بجونسون، أن يصبح رئيساً للوزراء بالوكالة ليطلب بصفته هذه تأجيلاً جديداً لتاريخ مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تجنّب خروجها من دون اتفاق، ثم يدعو لانتخابات تشريعية مبكرة.
ولا تتمتّع حكومة جونسون إلا بأكثرية صوت واحد فقط في البرلمان، لكن كوربن بدوره، لا يتمتع بتأييد أكثرية البريطانيين، حسبما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد “يوغوف” يومي الخميس والجمعة.
ووفقاً للاستطلاع الذي أجري على عيّنة تمثيلية من 1968 بريطانياً، فإن 48% ممن شملهم الاستطلاع قالوا: إنهم يفضلون أن تغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق على أن يصبح كوربن رئيساً للوزراء.
بالمقابل، قال 35% ممن شملهم الاستطلاع: إنهم يؤيدون تولي كوربن رئاسة الحكومة وتنظيم استفتاء جديد حول خروج أو بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.
من جهة ثانية، فنّد وزير الطاقة البريطاني كوازي كوارتينغ التكهنات بحدوث نقص في الغذاء والوقود والأدوية في البلاد حال خروجها من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، واعتبر هذه التكهنات محاولة لإثارة الذعر، وقال في تصريحات تلفزيونية ردّاً على سؤال عن وثائق حكومية مسرّبة نشرتها صحيفة “صنداي تايمز”: “أعتقد أن هناك كثيراً من الترويج للشائعات المخيفة والكثير من الناس يروّجون لـ “مشروع الخوف.. سنكون على أهبة الاستعداد للانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون صفقة في 31 تشرين الأول”.
من جهته، قال رئيس حكومة جبل طارق فابيان بيكاردو: إن ما تضمّنته الوثائق المسرّبة من تشكيك في قدرة جبل طارق على الاستجابة لتحدّي “بريكست دون اتفاق” تقييم غير صحيح وقديم، وأضاف: “لقد عالجنا كل القضايا المتعلقة بتدفق البضائع والمواد الغذائية والنفايات والأدوية والأشخاص والمركبات عبر الحدود”.
بدوره، قال مايكل غوف الوزير البريطاني المكلّف تنسيق الاستعدادات لـ “بريكست” بلا اتفاق: إن تسريبات “صنداي تايمز” تتحدّث عن أسوأ السيناريوهات، مؤكداً أن “خطوات مهمة تم اتخاذها خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة للإسراع في التحضير لـ “بريكست”.
ونقلت “وكالة رويترز” عن مصدر حكومي بريطاني قوله: إن الوثائق المتعلقة بـ”بريكست” قد سرّبها للإعلام وزير سابق، وتعود للفترة التي كان فيها بعض الوزراء يعرقلون اتخاذ إجراءات لازمة للتحضير لـ”بريكست” ولم تتوفر هناك أموال ضرورية.
وحسب المصدر، فإن تسريب الوثائق كان عملاً متعمّداً في محاولة للتأثير في المناقشات بين لندن والزعماء الأوروبيين حول مصير “بريكست”.
وذكرت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية نقلاً عن تقرير للحكومة، أمس، أن بريطانيا يمكن أن تواجه نقصاً في المواد الغذائية والوقود والأدوية وفوضى في مرافئها في حال بريكست بلا اتفاق.