ظريف من هلسنكي: إيران ليست مهتمة بإجراء محادثات مع واشنطن
أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لدى وصوله إلى العاصمة الفنلندية، في مستهل جولة اسكندنافية تشمل أيضاً كلاً من السويد والنرويج، أن الجولة تهدف إلى إجراء مشاورات مع المسؤولين الأوروبيين بشأن سبل تخفيف حدة التوتر في منطقة غرب آسيا، وقال: إن “الوضع في منطقتنا اليوم استثنائي، ويلزم بإجراء مشاورات واسعة بشأن هذه المسألة”، لافتاً إلى أنه من الضروري العمل على هذا التنسيق بالنظر إلى الوضع الخاص، وخاصة قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك”.
وأضاف ظريف: إن “فنلندا والسويد والنرويج كلها دول نشطة في القضايا الإقليمية، فالسويد كانت مسؤولة عن أول قمة حول اليمن، والنرويج تسعى إلى تنظيم مؤتمر بشأن أفغانستان، ولذلك من الضروري إجراء حوار مع هذه البلدان بشأن القضايا الإقليمية أيضاً”، مشيراً إلى أن مبادرة الحوار حول منطقة الخليج التي طرحتها فنلندا في الماضي، تشبه تقريباً الخطة التي طرحتها إيران في وقت سابق، وشدد على أهمية زيادة فرص الحوار في المنطقة، ولا سيما بين بلدان منطقة الخليج.
وفي مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي من هلسنكي، شدّد ظريف على أن أي وساطة، ينبغي أن تركّز على إعادة أميركا إلى الاتفاق النووي، وقال: إن احتجاز ناقلة النفط الإيرانية كان غير قانوني، وإن إيران سعيدة بانتهاء الأزمة، ورأى أن الأمر الأميركي بتوقيف الناقلة الإيرانية ناتج عن دوافع سياسية، وأضاف: إن إيران ليست مهتمة بإجراء محادثات مع واشنطن.
وأكد ظريف أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على زيادة التصعيد في المنطقة، في حين أن إيران تعمل على خفضه، وأضاف: إن احتجاز الناقلة كان خطوة غير قانونية، وإنه لم تفرض أي هيئة دولية حظراً على مبيعات النفط الإيرانية، وإن أوروبا لا يمكنها أن تفرض حظرها على عضو خارج الاتحاد الأوروبي، وتابع: بسبب الحظر لا يمكننا أن نكون واضحين بشأن نوايانا في بيع النفط لأن الولايات المتحدة تحاول بشكل غير قانوني إيذاء دول أخرى.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان بإمكان فنلندا أن تلعب دور الوساطة في إزالة التوتر بين إيران والولايات المتحدة، أشار ظريف إلى أن إيران أجرت مفاوضات مسهبة مع الولايات المتحدة ولم تترك طاولة المفاوضات، وأضاف: “يجب أن يكون هناك سياق وأرضية للوساطة الناجحة، وإيران لا ترغب في المواجهة، ويجب أن تكون مسألة الوساطة هي كيف يمكن للأمريكيين العودة إلى التزاماتهم والالتزام بتعهداتهم في إطار قرار مجلس الأمن، الذي لم يحظ بتأييدهم فقط، بل كانوا يدافعون عنه أيضاً”.
وكانت مصادر دبلوماسية في هلسنكي أعلنت أن ظريف قد يحمل رسالة من الرئيس الإيراني حسن روحاني تتعلّق برؤية طهران للأوضاع الإقليمية والدولية، وخاصة الأحداث الدراماتيكية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ومستقبل خطة العمل الشاملة المشتركة، وستكون العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، والحفاظ على خطة العمل الشاملة المشتركة وآلية “اينستكس” على جدول أعمال المحادثات مع المسؤولين الفنلنديين.
وقد تولّت فنلندا مؤخراً رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي ما يضفي أهمية كبيرة على المحادثات الفنلندية الإيرانية.
يأتي ذلك فيما جدّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، التأكيد على عدم رغبة إيران بالتصعيد في المنطقة، وأنها ترحّب بأي خطوات باتجاه الحوار، وقال في مؤتمره الصحفي الأسبوعي: هناك الكثير من البلدان التي تحرّكت بعد التطورات الأخيرة بالمنطقة لخفض حدة التوتر.. وإيران وكما كانت دائماً غير راغبة في التصعيد، وترحّب بالتحركات الدبلوماسية والحوار لحل المشاكل، كما ترغب بعودة الاتفاق النووي إلى ما كان عليه سابقاً، وأضاف: ما قامت به بريطانيا وحكومة جبل طارق بتوقيف ناقلة النفط الإيرانية هو قرصنة بحرية، لافتاً إلى أن الناقلة ادريان دريا “غريس 1 سابقاً” تبحر حالياً في المياه الدولية وتوقيفها لم يكن شرعياً، مشيراً إلى أن على واشنطن أن تعلم بأن التفرّد بالقوة لم يعد معترفاً به في عالمنا اليوم.
وحذّر المتحدث الإيراني الولايات المتحدة من تداعيات وعواقب أي محاولة لاحتجاز الناقلة، التي أفرجت عنها سلطات جبل طارق يوم الخميس الماضي بعد احتجازها لفترة 45 يوماً، فيما أكد قائد القوة الجوية للجيش الإيراني، العميد عزيز نصير زادة، فشل الولايات المتحدة في محاولتها إنشاء تحالف عالمي ضد إيران، مشيراً إلى أن تلك المحاولة لم تنجح لأن الدول تساورها الشكوك في تحقيق النصر عند مواجهة إيران، وأشار إلى سياسة الولايات المتحدة العدائية تجاه إيران والحظر الذي تفرضه عليها، وقال: “تمّ فرض الحظر على إيران في السابق بسبب إغلاقها سفارتي الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، فيما يتمّ فرض الحظر عليها اليوم بسبب تواجدها على مقربة من الكيان الصهيوني”، ودعا أبناء الشعب الإيراني إلى مواصلة مواجهة قوى الاستكبار العالمي.
إلى ذلك، طالب رئيس السلطة القضائية الإيرانية إبراهيم رئيسي بتعويض عن الخسائر الناجمة عن احتجاز ناقلة النفط ادريان دريا من قبل القوة البحرية البريطانية، وأكد أن قرار المحكمة العليا في منطقة جبل طارق الإفراج عن الناقلة مثال لهزيمة الأعداء، مضيفاً: إن هذا القرار لن يكفي، بل يتوجب إجراء متابعات قانونية للحصول على تعويضات عن الخسائر الناجمة ليكون ذلك عبرة لكل الذين تسول لهم أنفسهم العمل خلافاً للمعايير الدولية. في السياق ذاته اعتبر رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أن “الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية مؤشر لاقتدار البلاد على الصعيد الدولي”، مؤكداً أن “إيران لن تنخدع أبداً بالدعوة للمفاوضات ودور الشرطي الجيد والسيئ”.