ترامب المتطرّف هو المجرم الحقيقي
يتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قضية الهجرة وسيلة لجذب المتطرفين البيض إلى صفوفه، وإحداث انقسام في المجتمع للحصول على مكاسب انتخابية شخصية، ومهما حاول أن يخرج نفسه من دائرة الاتهام في الجرائم التي تحمل طابعاً عنصرياً فلن يتمكّن من ذلك، لأن تصريحاته العنصرية المتكررة بين الفينة والأخرى تؤكّد أنه يعمل على إثارة أجواء من الكراهية والغضب المؤدّي إلى العنف في المجتمع الأمريكي، كحديثه عن المهاجرين المكسيكيين الجدد، الذي داعب مشاعر أصحاب نظرية تفوّق العرق الأبيض.
فالعمل الذي قاده ترامب في هذا الإطار منذ وصوله إلى البيت الأبيض يؤكد نزعته العنصرية ضدّ كل من لا يتمتّع بالبشرة البيضاء في مجتمعه، ومن هنا تكون إدانته للجريمة التي ارتكبها أحد العنصريين البيض مؤخراً في ولاية تكساس على الحدود الأمريكية المكسيكية وغيرها من الجرائم اللاحقة، محاولة بائسة منه للتبرّؤ من تهمة الوقوف خلف النزعات العنصرية التي ازدادت انتشاراً في المجتمع الأمريكي كالنار في الهشيم.
ترامب الذي أطلق مؤخراً مجموعة من التصريحات العنصرية ضد عدد من النائبات في الكونغرس من أصول إفريقية ولاتينية، لا يستطيع أبداً التنصّل من وقوفه خلف تصاعد مشاعر الكراهية في المجتمع الأمريكي، فليس من المعقول أن يصرّح رئيس دولة بالعداء لمواطنين من أصول ملوّنة دون أن يثير ذلك مشاعر الكراهية المتبادلة بين الأعراق المكوّنة لهذه الدولة.
وإذا علمنا أن ترامب رفض منذ تولّيه سدّة الرئاسة في البيت الأبيض سنّ قوانين للحدّ من انتشار السلاح في أوساط المجتمع الأمريكي، وخاصة بين أصحاب البشرة البيضاء الذين يؤمن ترامب بتفوّقهم على غيرهم، فإن وجود السلاح مع هؤلاء بالتوازي مع دعواته المتكرّرة لإقصاء المهاجرين يشكّل دافعاً قوياً لهم لتفريغ نزعتهم العنصرية عبر استخدام هذا السلاح، وخاصة بعد إقرار مرتكب جريمة تكساس أنه يؤمن بهذه الأفكار قبل أن يتحدّث عنها ترامب، ما يعني أن الرئيس الأمريكي ينطلق من خلفية المجرم الثقافية ذاتها، وهذا ما يؤكد أن له اليد الطولى في تغذية النزعات العنصرية في المجتمع، بمعنى أن هذه الجرائم تحمل طابع الجريمة المنظمة التي تجد من يمدّها بالفكر الذي يدعمها، فهل تسعى الإدارة الحالية إلى إطلاق تطهير عرقي جديد في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي يحفل تاريخها بمئات القصص عن جرائم التطهير العرقي ضد أصحاب الأرض الحقيقيين الهنود الحمر وغيرهم؟.
ومن هنا جاء تحذير منظمة العفو الدولية من مخاطر السفر إلى الولايات المتحدة، ليؤكّد أن الأيديولوجيا المرتبطة بتفوّق البيض هي التي تحكم البيت الأبيض، الذي لا يخفي زعيمه نزعته العنصرية إزاء المهاجرين عندما يقول إنه يعمل على حماية بلاده ممّا سمّاه “الغزو الأجنبي”، فهل وجد أن المجتمع الأمريكي ساحة مناسبة لتبرير إشعال النزعات العنصرية في أماكن أخرى من العالم؟.
كل المؤشرات تؤكد أن اليمين المتطرف الصاعد في دول غربية كثيرة، يحمل الأفكار المتطرّفة ذاتها التي يصرّ ترامب على الإعلان عنها بشكل فجّ دائماً، ما يعني أن هناك عملاً ممنهجاً يقوده ترامب لنشر ثقافة التطرف في العالم وليس مجرّد أفكار.
طلال الزعبي