نظام أردوغان يقيل رؤساء ثلاث بلديات منتخبين
بعد خمسة أشهر تقريباً من الانتخابات البلدية، التي جرت نهاية آذار الماضي، ومني فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم بهزيمة كبيرة، وفاز مرشحو المعارضة في 31 ولاية مهمة، بما فيها اسطنبول وأنقرة وأزمير وأنطاليا، فوجئ الجميع بقرار وزير داخلية أردوغان، سليمان صويلو، إقالة رؤساء بلديات ديار بكر وماردين ووان، وهم من حزب الشعوب الديمقراطي، واتهم الوزير، من دون أي قرار قضائي، رؤساء البلديات المذكورين بالعلاقة بـ “الإرهاب”، والمقصود به حزب العمال الكردستاني.
وداهمت قوات شرطة النظام التركي مباني البلديات الثلاث وحاصرتها منذ الصباح الباكر، ومنعت العاملين في البلديات من دخولها، كما قامت بعمليات اعتقال شملت العديد من أعضاء وأنصار حزب الشعوب الديمقراطي المعارض.
وكان رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان دعا الناخبين قبيل الانتخابات البلدية لعدم التصويت لمرشحي حزب الشعوب الديمقراطي، وهدّد بإقالتهم في حال فوزهم.
يذكر أن وزير داخلية النظام التركي أقال في عام 2017 رؤساء بلديات كل الولايات والمدن التي يديرها ممثلو حزب الشعوب الديمقراطي، وعددهم أكثر من 90 رئيس بلدية، كما اعتقلت سلطات الأمن خلال الفترة الماضية أكثر من خمسة آلاف من أعضاء وأنصار الشعوب الديمقراطي بتهمة “الإرهاب”.
وتهم الإرهاب دائماً ما يتكون الوسيلة التي يستعملها النظام التركي للتخلّص من خصومه السياسيين، وهي نفس التهم التي وجهت لقيادات سياسية وعسكرية وناشطين وإعلاميين وقضاة رافضين لسياسات أردوغان.
وأثار القرار الجديد، الذي رافقتهم سلسلة اعتقالات شملت نحو 450 من أعضاء الشعوب الديمقراطي وأتباعه، في 29 إقليماً في البلاد، بذريعة صلاتهم بحزب العمال الكردستاني، ردود فعل عنيفة في الأوساط السياسية، ووصفه نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزكور آوزال، بأنه “يعكس فاشية حكم العدالة والتنمية”، مشيراً إلى أن نظام أردوغان أثبت من خلال هذا الإجراء أنه فاشي واستبدادي.
وقال آوزال في تغريدة له على موقع تويتر: “الشعب التركي انتخب رؤساء البلديات الثلاث بأغلبية كبيرة، وأثبت تمسّكه بالديمقراطية، إلا أن حزب العدالة والتنمية أثبت عدم احترامه لإرادة الشعب، الذي انتخب أيضاً مرشحي العدالة والتنمية في ولايات أخرى”، واصفاً إقالة رؤساء البلديات الثلاث بأنه انقلاب على الديمقراطية.
وفي هذا السياق دعا رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو اللجنة التنفيذية للحزب إلى اجتماع طارئ لمناقشة التطورات الأخيرة، فيما ناشد غارو باليان، عضو البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي، جميع الأحزاب والمنظمات والقوى الديمقراطية اتخاذ موقف عاجل وفعّال ضد نظام أردوغان رداً على إقالة رؤساء البلديات الثلاث، وأضاف: “إذا سكت الجميع عن القرار الأخير فإن أردوغان لن يتردد في إقالة رؤساء بلديات أنقرة وأزمير وباقي البلديات التي فازت فيها المعارضة في الانتخابات الأخيرة”.
وهذا ما هدّد به أردوغان شخصياً قبل الانتخابات الأخيرة، إذ ناشد الناخبين عدم التصويت لمرشحي المعارضة من الشعوب الديمقراطي والشعب الجمهوري، بمن فيهم أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية اسطنبول. وقال أردوغان آنذاك: “إنه سيقيل هؤلاء إذا فازوا في الانتخابات”، وهو ما بدأ به عملياً، من خلال إقالة رؤساء بلديات ديار بكر وماردين ووان، وهي من أهم المدن جنوب شرق البلاد.
وقد فاز مرشّحو الشعوب الديمقراطي بنسبة 63 ٪ في ديار بكر، و65,2 ٪ في ماردين، و45 ٪ في وان، وكان الحزب قد حقق انتصاراً مهماً عندما فاز مرشحوه في 8 ولايات و50 مدينة و11 ناحية في جنوب شرق البلاد، على الرغم من المضايقات التي تعرّض لها خلال الحملة الانتخابية، التي سبقتها حملات اعتقال استهدفت المئات من أتباعه وأنصاره في المنطقة.
ويشن النظام التركي حملات قمعية واسعة جنوب شرق تركيا، بعد نكوثه بوعوده بموجب اتفاق سلام توصل إليه في عام 2012 مع حزب العمال الكردستاني، كما يستهدف مناطق شمال العراق بدعوى محاربة عناصر الحزب.
وتتوقّع الأوساط السياسية من أردوغان أن يستمر في سياساته الحالية للتخلص من جميع رؤساء بلديات الشعوب الديمقراطي، ليكون مرشّحو حزب الشعب الجمهوري الهدف التالي.