فن تأجيج النزاع
ترجمة: علاء العطار
عن موقع “ذي اميريكان كونزيرفاتيف” 15/8/2019
تتكشّف بمرور الوقت دلائل تشي بأن احتجاز البريطانيين ناقلة النفط الإيرانية “غريس 1” لم يكن وليد قرارٍ صُنع في الداخل، وإنما كان أمراً من إدارة ترامب لتضييق الخناق على إيران، والتي تلقّت صفعة بعد أن خذلها البريطانيون وأفرجوا عن الناقلة قبل أن تتمكّن من اعتراض هذا القرار.
على الرغم من الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لاحتجاز ناقلة النفط الإيرانية “غريس 1” التي استولت عليها البحرية البريطانية في تموز الفائت، تمّ الإفراج عن الناقلة يوم الخميس الماضي، وقال رئيس وزراء جبل طارق إنه تلقى تعهدات من إيران بعدم ذهاب الناقلة إلى سورية في حال تمّ الإفراج عنها.
استولت البحرية الملكية البريطانية على الناقلة “غريس 1” في الشهر الماضي بذريعة انتهاكات لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وزعم البريطانيون أن إيران كانت تستخدم الناقلة لشحن النفط إلى سورية.
وقبل اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات قانونية في اللحظة الأخيرة، أعلنت السلطات في جبل طارق أنها ستفرج عن “غريس 1” وتسقط كل الدعاوى القضائية التي رُفعت ضد قبطان السفينة وطاقمها لتخفيف حدّة التوتر.
وكان من المقرّر أن تستمع المحكمة العليا لجبل طارق للالتماس الأمريكي في وقت لاحق من يوم الخميس الماضي، إذ سعت وزارة العدل الأمريكية إلى تمديد فترة احتجاز الناقلة، إلا أن المحكمة العليا لجبل طارق أسقطت فيما بعد أمر الاحتجاز، ونقلت أمر تقييم طلب الولايات المتحدة إلى وكالة حكومية أخرى لتنظر فيه، وأُعطيت الناقلة كامل الحرية للمغادرة في الوقت نفسه.
ويؤكد طلب الولايات المتحدة بتمديد احتجاز الناقلة التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة حثّت البريطانيين على احتجاز الناقلة الإيرانية في تموز.
وغرّد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، على تويتر: “بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها عبر الإرهاب الاقتصادي، بما في ذلك حرمان مرضى السرطان من الأدوية، حاولت الولايات المتحدة إساءة استخدام النظام القانوني لتسلبنا ممتلكاتنا في أعالي البحار، وتشير محاولة القرصنة هذه إلى ازدراء إدارة ترامب للقانون”.
بعد القرار البريطاني باحتجاز الناقلة “غريس 1” في تموز، احتجزت إيران الناقلة “ستينا إيمبرو” التي تحمل العلم البريطاني أثناء مرورها عبر مضيق هرمز.
تصاعدت التوترات مع طهران منذ انسحاب إدارة ترامب من الصفقة النووية الإيرانية واستئناف العقوبات الاقتصادية ضد الجمهورية الإسلامية، وألقت الولايات المتحدة باللوم على إيران في الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط الأخرى في مضيق هرمز دون ذكر أي أدلة محدّدة.
وغردت إيلي غيرانمايه، وهي خبيرة في الشؤون الإيرانية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “يهدف الأمر لاستفزاز طهران، ففي الوقت الذي اتفقت فيه إيران وبريطانيا وجبل طارق على الإفراج عن الناقلة “غريس 1″، تتحرك إدارة ترامب لإحباط هذه الجهود، وهذا سوف يصبح مصدر توتر آخر في العلاقات الأوروبية الأمريكية بشأن السياسة الإيرانية”.
إن الأساس المنطقي القانوني لاحتجاز الناقلة الإيرانية وطاقمها مشكوك فيه، لأن إيران ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لا يمكنها انتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي.
يقول غاريث بورتر: “لم يكن للمملكة المتحدة أي حق قانوني في إنفاذ تلك العقوبات”، وكان احتجاز الناقلة “انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية المحدّدة بوضوح، والتي تحكم مرور السفن التجارية عبر المضائق الدولية”.
ليس من الواضح ما إذا كان رئيس وزراء المملكة المتحدة، بوريس جونسون، سيدعم حملة واشنطن لممارسة أقصى درجات الضغط على إيران، لكن القرار الأمريكي بمتابعة قضيتها في محاكم جبل طارق قد يشير إلى أن بريطانيا غير مستعدة لتصعيد التوترات مع الجمهورية الإسلامية.