بكين وموسكو تشككان بأهداف التجارب الصاروخية الأمريكية
جاءت الاختبارات الأمريكية الأخيرة لصواريخ كروز لتؤكّد أن الانسحاب الأمريكي من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى كان مخططاً له مسبقاً للتحلّل من القيود التي تفرضها المعاهدة في هذا الجانب، الأمر الذي عزّز شكوك كل من بكين وموسكو في أن واشنطن كانت تبحث عن ذريعة للتخلص من المعاهدة، وتطوير أسلحة جديدة لتحقيق التفوّق العسكري. وبالتزامن مع امتعاض موسكو من التجربة الصاروخية الأمريكية لصاروخ كروز المجنّح، انتقدت الصين اختبار الولايات المتحدة الصاروخي الأخير، محذّرة من أنه سيطلق سباق تسلح جديداً، وسيؤثّر سلباً في الأمن الدولي.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ: “لم تمضِ ثلاثة أسابيع على انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ حتى أعلنت عن اختبار صاروخ كان محظوراً بموجب المعاهدة.. هذا يؤكد تماماً الأهداف الحقيقية لانسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة والمتمثّلة في التحرّر من أي قيود وتطوير الصواريخ المتقدمة والرغبة في تحقيق التفوق العسكري”.
من جهته، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس، أن اختبار الولايات المتحدة صواريخ كروز المحظورة بموجب معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى دليل واضح على أنها كانت تحضّر منذ وقت طويل لإلغاء هذه المعاهدة.
وأعلنت الولايات المتحدة أمس الأول إجراء تجربة على صاروخ متوسط المدى، وذلك بعد انسحابها رسمياً من معاهدة الحدّ من الأسلحة النووية المتوسطة والقصيرة المدى في الثاني من آب الجاري.
وقال ريابكوف: “ربما لن يكون هناك تأكيد أكثر وضوحاً وصراحة من هذا الاختبار على أن الولايات المتحدة كانت تعمل على تطوير الأنظمة ذات الصلة منذ فترة طويلة، وأن الاستعدادات للانسحاب من المعاهدة شملت أعمالاً من قبيل الأبحاث العلمية والتصميم والتجريب”، وأعرب عن “أسف موسكو لإجراء واشنطن اختبار إطلاق صواريخ كروز”، مشدّداً على أن روسيا “لن تنجرّ إلى سباق تسلح مكلف ولن تنشر صواريخ في أي مكان إلا إذا فعلت الولايات المتحدة ذلك”، مضيفاً: “وكما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس (الأول) في فرنسا، فإننا نؤكد التزامنا القوي بالتعليق الأحادي الجانب لنشر مثل هذه المنظومات إلى أن تنشرها الولايات المتحدة في مكان آخر من العالم”.
وأشار ريابكوف إلى أن واشنطن اختارت نهج التصعيد، مؤكداً أن موسكو لن تنجرّ وراء الاستفزازات الأمريكية ولن تسمح بإقحامها في سباق تسلح جديد. يذكر أن المعاهدة التي كانت قد وقعتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي عام 1987 تنصّ على اعتبار كل الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر محظورة.
وفي الشأن الفنزويلي، أكد ريابكوف أن موسكو حذّرت واشنطن من أي محاولات لفرض حصار اقتصادي على فنزويلا، وقال: إننا “بالتأكيد سندرس الوضع المتعلق بتعزيز واشنطن للضغط بالعقوبات غير القانونية وغير الشرعية ومحاولات فرض حصار على فنزويلا.. ونحذّر واشنطن من اتخاذ خطوات غير مقبولة على هذا الصعيد”، وأضاف: “من المزمع مناقشة قضية العقوبات الأمريكية ضد فنزويلا في سياق المحادثات التي ستعقد بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائب الرئيس الفنزويلي ديلسي رودريغيز في الـ21 من آب الجاري”، موضحاً أن “رودريغيز أجرت بالفعل العديد من المحادثات، كما أنها ستستمر بالتواصل مع المسؤولين الروس بشأن العديد من القضايا”.
وكانت واشنطن فرضت في وقت سابق من الشهر الجاري عقوبات على كراكاس التي شجبتها بدورها واعتبرتها “عدواناً خطيراً من إدارة ترامب عبر الإرهاب الاقتصادي العشوائي ضد شعب فنزويلا”.