في ذكرى إحراقه.. تصاعد الاعتداءات على الأقصى
في الذكرى الخمسين على جريمة كيان الاحتلال بإحراق المسجد الأقصى، اقتحم عشرات المستوطنين المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال، ونظّموا جولات استفزازية في باحاته، وسط محاولات لأداء طقوس تلمودية في باحاته، فيما اقتحم مئات المستوطنين قبر يوسف شرق مدينة نابلس بالضفة، بحماية قوات الاحتلال، وأطلقت الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز، ما أدى لإصابة 5 شبان بجروح وآخرين بحالات اختناق.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية مشاركة عدد من كبار موظفي البيت الأبيض باقتحام المستوطنين باحات المسجد الأقصى المبارك بحماية قوات الاحتلال، مشيرةً إلى أن ذلك يأتي في إطار انحياز الإدارة الأمريكية الكامل للاحتلال على حساب الشعب الفلسطيني، وندّدت بدعوات المستوطنين لتنظيم اقتحامات حاشدة للمسجد الأقصى لتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، وانتزاع صلاحيات الأوقاف الإسلامية، والمطالبة بفتح أبواب المسجد كاملة أمام المقتحمين طيلة النهار، مشيرةً إلى أن ذلك يحدث في وقت تتواصل فيه إجراءات سلطات الاحتلال الجائرة لمنع أي نشاط ثقافي واجتماعي ورياضي أو فني ينظمه المقدسيون في مدينتهم، وهو ما يعني حرمان الفلسطينيين من أي نشاط جماعي فيها.
وشدّدت الخارجية على أن حرب الاحتلال المفتوحة على الوجود الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة لا تقتصر فقط على حملات التضييق والتنكيل والتهجير القسري، وإنما تتواصل من خلال هدم المنازل وتقويض مقومات هذا الوجود كافة، لافتةً إلى تسليم سلطات الاحتلال إنذارات بالهدم لعدة منازل في بلدة العيسوية بالقدس، وذلك في إطار الحملة الاستعمارية المستمرة التي تستهدف البلدة.
وأكدت الخارجية مواصلة بذل الجهود لفضح إجراءات الاحتلال بحق المدينة المقدسة وأحيائها وبلداتها ومقدساتها على المستوى الدولي دبلوماسياً وقانونياً، مجدّدةً مطالبتها المجتمع الدولي بتعزيز صمود المقدسيين في وجه الاحتلال.
يأتي ذلك فيما قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي: “إن ذكرى إحراق الأقصى أليمة، وإن المسجد دوماً في خطر لأن مخططات الاحتلال لتهويده لم تتوقف”، لافتةً إلى أن الاحتلال يريد طمس التاريخ والحضارة العربية في القدس والأقصى، لكن ذلك لن ينجح أمام الصمود الفلسطيني.
من جهته، أوضح الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن حالة الصمت والتطبيع من قبل بعض الأنظمة العربية تجاه ما تتعرض له القدس المحتلة والأقصى من محاولات تهويد يشجع الاحتلال على الاستمرار في جرائمه، مشدّداً على أن ما يحدث للأقصى حالياً هو حريق مستمر وأن الفلسطينيين متمسكون بالدفاع عنه ولن يسمحوا لمخططات الاحتلال بأن تمر.
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض لفت إلى أن ذكرى إحراق الأقصى جريمة نكراء يجب أن تلفت انتباه العالم لما يحدث في المسجد المبارك من تهويد وطمس لمعالمه، مؤكداً أن انتهاكات الاحتلال واعتداءاته على الأقصى جزء من المخطط الأمريكي لتطبيق ما يسمى بـ”صفقة القرن” الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وفرض وقائع جديدة على الأرض.
وتزايدت خلال الشهر الجاري دعوات مسؤولي الاحتلال ومستوطنيه لتكثيف اقتحام الأقصى وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف منذ عام 1967، حيث تتولى دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المسؤولية عن كل ما يتعلق بالمسجد بما في ذلك الحق في تحديد من يدخل ومن لا يدخل المسجد وبأي طريقة.
وكان قد دعا ما يسمى وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال جلعاد أردان إلى تغيير هذا الوضع للسماح للمستوطنين بدخول المسجد بشكل فردي أو جماعي، وذلك بعد يومين من تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التي أقر فيها بأنه هو من قرر السماح لأكثر من 1700 مستوطن باقتحام الأقصى في أول أيام عيد الأضحى المبارك.
في الأثناء، اقتحمت قوات الاحتلال بلدات عناتا والعيسوية وسلوان في مدينة القدس المحتلة وصوريف وبيت كاحل في الخليل ومخيم عايدة شمال بيت لحم ومخيم جنين بالضفة الغربية، واعتقلت 14 فلسطينياً.
بالتوازي، أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن سلطات الاحتلال تواصل انتهاكاتها بحق الأسرى الفلسطينيين وخاصة المرضى والجرحى باستهدافهم بشكل مقصود ومبرمج من خلال إهمال أوضاعهم الصحية الصعبة وتعريض حياتهم للخطر، وقالت في تقرير: “إن الرعاية الصحية المقدّمة للأسرى في معتقلات الاحتلال شكلية وشبه معدومة بدليل شهادة الأسرى وازدياد عدد المرضى منهم”، مبيّنةً أن علاج الأسرى قضية تخضعها سلطات الاحتلال للمساومة والابتزاز بهدف الضغط عليهم، الأمر الذي يشكّل خرقاً فاضحاً للمواد 29 و30 و31 من اتفاقية جنيف الثالثة والمواد 91 و92 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي أوجبت حق العلاج والرعاية الطبية، وتوفير الأدوية المناسبة للأسرى المرضى، وإجراء الفحوصات الطبية الدورية لهم.
وأشارت الهيئة إلى أن الأسرى المرضى يعانون من ظروف اعتقال سيئة تتمثّل في التعذيب وقلة التهوية والنقص في مواد التنظيف العامة، إضافةً إلى المماطلة في تقديم العلاج، وتقديم أدوية منتهية الصلاحية لهم، والامتناع عن إجراء العمليات الجراحية، وعدم توفير الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة كالأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف والنظارات الطبية وأجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة، وعدم وجود غرف أو عنابر عزل للمرضى المصابين بأمراض معدية، ما يهدد بانتشارها بين الأسرى، وبيّنت أن عدد الشهداء الأسرى جراء سياسة الإهمال الطبي المتعمّد منذ عام 1967 وحتى اليوم وصل إلى 64 أسيراً كان آخرهم الشهيدان فارس بارود ونصار طقاطقة، وما زالت سلطات الاحتلال تحتجز جثمانيهما.